ترقب لحفل تاريخي لجوائز الأوسكار في هوليوود غدا الأحد ؟

يعود حفل توزيع جوائز الأوسكار هذا العام إلى قاعة دولبي في مركز هوليوود غدا الأحد، بعد غياب العام الماضي، حيث تم عقده في محطة «يونيون» الضخمة بسبب جائحة كورونا، فغاب البساط الأحمر الشهير وكان على الحضور أن يخضعوا لفحوصات الكورونا الفورية ويلتزموا بالتباعد الاجتماعي كما مُنعت الحفلات الصاخبة بعد توزيع الجوائز. لهذا، هناك ترقب وحماس في هوليوود ووسط صناعة الأفلام لحفل الأوسكار الـ 94.
كما أن معركة الجوائز تبدو أكثر إثارة هذه العام مع انعدام وجود مرشح قوي واحد يتصدر تكهنات الفوز. ويتوقع أن يكون هذا الحفل تاريخياً إذا تحققت بعض التكهنات بفوز أحد أفلام شبكات البث الإلكتروني مثل «نتفليكس» أو «أبل بلس» أو فوز ممثل أصم وممثلة من مجتمع الميم لأول مرة. تكهن الفوز بجوائز الأوسكار، التي تمنحها أكاديمية علوم وفنون الصور المتحركة الأمريكية، يكون عادة مبنياً على الفوز بجوائز النقابات المهنية على غرار نقابة المنتجين ونقابة الممثلين ونقابة المخرجين ونقابة الكتاب، إضافة لجوائز «البافتا» البريطانية التي تمنح جوائزها قبل الأكاديمية، وذلك بفضل التداخل بين عضويتها وعضوية الأخيرة. جوائز أخرى تؤثر بشكل غير مباشر بفضل صيتها ونفوذها الإعلامي والترويجي وهي جوائز مهرجانات سينمائية مهمة مثل كان والبندقية وتورنتو التي يعتبر الفوز بها مؤشراً مهما للغاية. كما أن جوائز «الغولدن غلوب» كانت أيضاً تعتبر مؤشراً مهماً، لكنها خسرت نفوذها إثر مقاطعة الاستوديوهات والنجوم لها هذا العام. أما جوائز النقاد فقلما تتطابق مع جوائز الأوسكار أو تؤثر عليها.

من هي أفضل ممثلة؟

لكن الأمور تتعقد عندما تتباين جوائز تلك النقابات أو المهرجانات، على غرار فئة أفضل ممثلة التي تضم كريستين ستيوارت، التي تصدرت تكهنات الفوز بالأوسكار بعد العرض الأول لفيلمها «سبينسر»، حيث تجسد دور الأميرة ديانا، في مهرجان فينسيا شهر سبتمبر/أيلول الماضي.
حظوظ ستيوارت تراجعت عندما فازت نيكول كيدمان بجائزة الغولدن غلوب بداية هذا العام عن أداء دور لوسيل بول في «أن تكون من آل ريكاردو»، ثم تدهورت مسيرتها الى الأوسكار عندما حُرمت من ترشيحات لجوائز نقابة الممثلين والبافتا. واستبدلتها جيسيكا تشاستين، التي حصدت جائزة نقابة الممثلين لأفضل ممثلة عن أداء بطولة «عيون تامي في».
وتنضم الى النجمات الهوليووديات الممثلة البريطانية أوليفيا كولمان، التي فازت بالجائزة عام 2018، عن دورها في «الفتاة المفقودة» والإسبانية بنيلوبي كروز عن دورها في «أمهات موازية».
ويذكر أن كروز لم ترشح لأي جوائز أخرى هذا الموسم قبل ترشيحها للأوسكار، لهذا حظوظها بالفوز ضئيلة جدا، وعلى الأرجح أن تذهب الجائزة لتشاستين. خلافا لمنافسة أوسكار أفضل ممثلة، باتت منافسة أوسكار أفضل ممثل محسومة. فبعد أن حصد ويل سميث جوائز نقابة الممثلين والبافتا والغولدن غلوب، عن أداء دور والد محترفتي التنس العالميتين فينوس وسيرينا ويليامز في فيلم «الملك ريتشارد»، بات فوزه بأوسكار أفضل ممثل حتمياً، ليصبح فوزه الأول بجائزة أوسكار منذ بداية سيرته المهنية. كما أن فوز تروي كوتسار بأوسكار أفضل ممثل مساعد بات مؤكداً، بفضل فوزه بكل الجوائز الآنفة وذلك عن تجسيد دور رب عائلة صم في فيلم «كودا»، الأمر الذي سيجعله أول ممثل أصم يفوز بأوسكار. ويذكر أن زميلته في الفيلم مارلي ماتلين تعتبر أول ممثلة صماء فازت بالأوسكار عام 1986. ويبدو أن ممثلة فيلم ستيفن سبيلبرغ «قصة الحارة الغربية»، وهي أريانا ديبوز، أيضاً ستصنع تاريخاً وتصبح أول ممثلة من مجتمع الميم تفوز بالأوسكار وهي جائزة أفضل ممثلة مساعدة وذلك بفضل فوزها بكل الجوائز الآنفة.

أفضل إخراج

أوسكار أفضل إخراج باتت أيضاً محسومة إذا يبدو أنها ستكون من نصيب المخرجة النيوزيلندية جين كامبيون عن فيلمها «قوة الكلب»، وذلك بفضل فوزها بجائزة نقابة المخرجين والبافتا، إضافة للغولدن غلوب. وقد أصبحت هذا العام أول أمرأة ترشح لكل الجوائز في هذه الفئة. ويذكر أنها كانت ثاني امرأة ترشح لأوسكار أفضل إخراج عام 1994 لكنها لم تفز بها.
أما في فئتي أفضل سيناريو مقتبس وأفضل سيناريو أصلي فيبدو أن الأولى ستذهب لسيان هيلير، كاتبة ومخرجة فيلم «كودا»، المقتبس من الفيلم الفرنسي لافاميل بيليير، بفضل فوزها بجائزة الكتاب، لكن لا يُستبعد أن تتغلب عليها كامبيون أو الياباني راياسكوكي هاماغوش عن نصي فيلميهما «قوة الكلب» و «قودي سيارتي» على التوالي، بينما يصعب التكهن بفوز الثانية لأن الجوائز الآنفة توزعت بين توماس بول اندرسون، الذي فاز بالبافتا عن «لوكريش بيتزا»، وأدام مكاي، الذي فاز بجائزة الكتاب عن «لا تنظر إلى الأعلى»، وكينيث براناه، الذي فاز بالغولدن غلوب عن فيلمه بلفاست. لكن أندرسون أكثر حظا لأنه لم يُشارك في منافسة جوائز الكتاب، بينما تعتبر الغولدن غلوب أقل أهمية من البافتا. وعلى صعيد الأفلام، بات فوز فيلم الياباني هاماغوشي «قودي سيارتي» بجائزة أفضل فيلم دولي حتمياً بعد حصده كل جوائز تلك الفئة، فضلاً عن ترشحه لثلاث جوائز أوسكار ولا يستبعد المعلقون فوزه بجوائز أخرى مساء الأحد. كما أن فوز فيلم ديزني «إنكانتو» بأوسكار أفضل فيلم أنيميشن أيضاً بات محسوماً، إذ حصد كل الجوائز الآنفة. أما الفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي فما زال مفتوحا، لكن يبدو أنها ستذهب لفيلم الانيميشن الدينماركي «هروب»، بفضل ترشيحه في فئتين أخرتين وهن أفضل فيلم دولي وأفضل فيلم أنيميشن وهو أول فيلم في تاريخ الأوسكار ينال ترشيحات في ثلاث فئات وذلك يعكس إعجاب أعضاء الاكاديمية به. السؤال الأهم الذي يشعل الجدل بين المعلقين في هوليوود هو من سيفوز بالجائزة الكبرى وهي أوسكار أفضل فيلم؟ بداية موسم الجوائز في شهر سبتمبر الماضي، تصدر «بلفاست» تكهنات الفوز بالجائزة بعد فوزه بجائزة جمهور تورنتو، التي تعتبر مؤشراً مهما لها. لكنه تراجع الى الخلف بعد إخفاقه في الفوز بأي من الجوائز الأخرى، وتقدم عليه فيلم نتفليكس «قوة الكلب» بعد فوزه بالغولدن غلوب بداية هذا العام ثم جائزة البافتا، لكن فشله في نيل جائزة نقابة الممثلين لأفضل طاقم تمثيل، التي اقتنصها فيلم أبل بلس «كودا»، أضعف حظوظه، ولم يعد يتصدر التكهنات بعد أن حصد «كودا» جائزة نقابة المنتجين لأفضل فيلم، التي تعتبر أهم مؤشر للفوز بأوسكار أفضل فيلم. لهذا باتت هذه المعركة سجالاً بين الفيلمين، وأياً كان من سيفوز بها، فهو سيصنع تاريخا إذ أن كلاهما من إنتاج شبكة بث الكتروني وذلك يعني أن أوسكار أفضل فيلم سوف تذهب لفيلم لم يعرض في دور السينما.
من المفارقات أنه حتى وقت قريب لم تكن تلك الأفلام تصنف كسينما وما زال البعض يعتبرها أفلاماً تلفزيونية لا تستحق المنافسة في جوائز الأوسكار.
بلا شك أن جوائز أوسكار هذه العام سوف تكون تاريخية ومحورية، لكن ما يشغل بال مسؤولي الأكاديمية هو هل سيعود الجماهير لمشاهدتها بعد هبوط نسبة المشاهدين بنسبة 60 في المئة العام الماضي؟ سنعرف الجواب مســاء الأحد.