9 دول عربية تتنافس على جوائز الأوسكار

يترقب صناع الأفلام العالمية هذا الأسبوع الإعلان عن القائمة المصغرة التي تضم خمسة عشر فيلماً يختارها أعضاء لجنة الأكاديمية للأفلام الروائية الطويلة الدولية من أفلام تمثل ثلاثا وتسعين دولة في منافسة الأوسكار لأفضل فيلم عالمي.
تلك الأفلام تختارها لجان رسمية وطنية، ترسلها للأكاديمية وتتكلف بالدعاية لها باعتبارها أفضل إنتاج فني محلي. ومن أهم معايير اختيار الفيلم هو اشتراكه أو فوزه بجوائز أبرز المهرجانات السينمائية، مثل كان الفرنسي، والبندقيةالإيطالي، وبرلين الألماني وتورنتو الكندي. فثلاثة من الأفلام العربية عرضت في البندقيةوثلاثة أخرى شاركت في منافسات كان.

مشاركات عربية واسعة

تسع دول عربية بعثت أفلاما للمنافسة هذا العام، لكن الاردن سحب منافسته وهو فيلم المخرج المصري محمد دياب «أميرة» ، بعد تعرضه لحملة استنكار على مواقع التواصل الاجتماعي عقب عرضه هناك قبل أسبوعين من أجل ألتأهل للمشاركة في منافسة الأوسكار. الفيلم يحكي قصة فتاة فلسطينية تكتشف أنها ليست أبنة والدها الفلسطينيي السجين بل أبنة سجان إسرائيلي استبدل نطفة والدها التي هربها من أجل تخصيب أمها. ومع أن غاية الفيلم كانت الكشف عن بشاعة المحتل إلا أن الكثير أعتبروه مسيئا للأسرى لأن طرحه يثير الشك بأوبة أطفالهم.
أما مصر فقد أرسلت فيلم آيتن أمين «سعاد» الذي كان ضمن الاختيارات الرسمية لمهرجان كان عام 2020. لكنه لم يعرض هناك لأن المهرجان ألغي آنذاك بسبب جائحة كورونا.
الفيلم يدور حول طالبة جامعية تعيش حياتين متناقضتين. ففي حياتها الواقعية هي فتاة محتشمة ومطيعة لعائلتها المحافظة وتواظب على الصلاة، لكن في العالم الافتراضي تغازل الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي وترسل لهم صورها المغرية وتجري حوارات جنسية مع حبيب لا تعرفه.
بينما يمثل فلسطين فيلم المخرج السوري أمير فخر الدين «غريب» الذي يعتبر أول إنتاج من هضبة الجولان، وحصل على أول عرض له في مهرجان فينسيا الأخير في فئة أيام فينيسيا. ويذكر أن فلسطين رُشحت مرتين لهذه الجائزة عن فيلمي هاني أبو أسعد «الجنة الآن» عام 2007 و»عمر» عام 2014.
الغريب، من بطولة ممثلين فلسطينيين، ويحكي قصة شاب يدعى عدنان، الذي يجسد دوره أشرف برهوم، يترك دراسة الطب في روسيا ويعود الى الجولان بعد وفاة والده (محمد بكري) الذي كان رافضاً له وحرمه من كل أملاكه. فيتزوج عدنان من حبيبته ويستولي على حقل تفاح والده، لكن تنتابه الكوابيس أينما ذهب، فيلجأ الى الخمر للفرار من ألمه.

حضور المغرب العربي

وللعام التالي على التوالي، ترسل الجزائر فيلم جعفر قاسم «هليوبولس» الذي سحبه مخرجه العام الماضي من المنافسة لعدم عرضه في قاعات السينما بسبب الجائحة.
ويذكر أن الجزائر هي الدولة العربية الوحيدة التي فازت بجائزة الأوسكار وذلك عن فيلم اليوناني كوستا غافراس «زد» ، عام 1969. ونالت لاحقاً أربعة ترشيحات أخرى. لكن جميع تلك الأفلام كانت ناطقة بالفرنسية.
«هليوبوليس» يتناول مجازر دامية ارتكبها الاستعمار الفرنسي في الثامن من مايو/آيار عام 1945 في بلدة هليوبوليس الجزائرية من خلال طرح قصة صراع في عائلة ثرية بين أب وابنه حول سبل التعامل مع الفرنسيين.
وللمرة الخامسة يمثل المغرب فيلم لنبيل عيوش وهو «علي صوتك» الذي بات أول فيلم مغربي يشارك في منافسة مهرجان كان الرئيسية بعد اختياره هذا العام.
الفيلم يمزج الوثائقي بالروائي ليطرح قصة فرقة «هيب هوب» يستخدم أعضاؤها تلك الموسيقى للتعبير عن أنفسهم ولتحدي القيود الاجتماعية والدينية والسياسية التي تفرض عليهم هوية لا تتطابق مع نظرتهم للحياة أو مع أفكارهم المعاصرة.
أما تونس فاختارت فيلم عبد الحميد بوشناق «فرططو الذهب». ويذكر أن تونس رُشحت للجائزة لأول مرة العام الماضي عن فيلم كوثر بن هنية «الرجل الذي باع ظهره» .
ويحكي «فرططوا الذهب» قصة ضابط شرطة ذي ماضٍ دموي، يلتقي بصبي غريب الأطوار يعاني من مرض قد يفقده بصره، فيأخده في رحلة لرؤية الكثير من الأشياء قبل تدهور حالته.
بينما رشح العراق فيلم حيدر رشيد «أوروبا» الذي عرض في فئة أسبوعي المخرجين في مهرجان كان الأخير. الفيلم يتناول مخاطر تسلل الحدود الأوروبية الشرقية من خلال قصة لاجئ عراقي يُهرّب مع مجموعة من اللاجئين من تركيا إلى بلغاريا، حيث يقابله حراس الحدود بالنار والعصي، فيهرب إلى داخل غابة، فيلاحقه صيادو اللاجئين، الذين يقتلون كل من يقع تحت قبضتهم ويسرقون ممتلكاتهم.
أما السعودية فتشارك بفيلم عبد العزيز الشلاحي «حد الطار» الذي حصل على عرضه الأول في مهرجان القاهرة العام الماضي.
الفيلم يحكي قصة دايل بن السياف، الذي يقع في حب ابنة مطربة شعبية، لكن عمه يعارض زواجه منها ويطالبه بممارسة مهنة والده وهي تنفيذ أحكام الإعدام بالسيف. فيرفض ويصر على الزواج من حبيبته، التي تخفي سرا يجعله يتردد في قراره.
بينما يمثل لبنان فيلم مونيا عقل «كوستا برافا» ، الذي عُرض لأول مرة في مهرجان فينيسا، وفاز لاحقا بجائزة «نتباك» في مهرجان تورنتو وتلاها بجوائز أخرى في مهرجاني لندن والجونة، ما يجعله أقوى الأفلام العربية في هذه المنافسة، والأوفر حظًا لدخول القائمة المصغرة، وربما يحقق ترشيحاً ثالثا للبنان الذي نال من قبل ترشيحين عن فيلم زياد دويري قضية ثلاثة وعشرين ونادين لبكي» كفرناحوم» .
الفيلم يحكي قصة عائلة تعيش في الجبال اللبنانية بعيدا عن بيروت الملوثة، وتنقلب حياتها المثالية رأسا على عقب عندما تنشىء الحكومة مكب نفايات بجانب بيتهم وتشتعل الخلافات بين أفرادها حول البقاء أو النزوح.
الملاحظ أن معظم شخصيات الأفلام العربية هذا العام تعيش في صراع مع هويتها ومحيطها أو تبحث عن هوية. كما يلاحظ أيضًا أن العديد من أفلام الدول الأخرى يطرح أزمة الهوية التي تعاني منها البشرية على خلفية العولمة وثورة الاتصالات.
خلافا للأعوام السابقة، لم يبرز فيلم واحد هذا العام في هذه المنافسة، لكن لا يستبعد أن يفوز بها للمرة الثالثة المخرج الإيراني أصغر فرهادي عن فيلمه A Hero، الذي تشاطر الجائزة الكبرى في مهرجان كان مع الفيلم الفنلندي «المقصورة رقم ستة» وهو أيضا يعتبر منافسا قويا لجائزة الأوسكار. بينما يتصدر الفيلم الياباني «قودي سيارتي» ، تكهنات الفوز بالأوسكار بفضل فوزه في كل منافسات هذا الموسم حتى الآن مع أن كلها جوائز نقاد.
بإمكان أي عضو من أعضاء الأكاديمية البالغ عددهم عشرة آلاف المشاركة في اختيار خمسة أفلام من القائمة المصغرة للترشح للأوسكار. هذه القائمة سيعلن عنها في الثامن من فبراير/شباط، ثم يشارك كل أعضاء الأكاديمية في اختيار الفيلم الفائز، الذي سيعلن عنه في حفل توزيع جوائز الأوسكار في السابع والعشرين من شهر مارس/آذار المقبل.