القعيطي وزمام أحد اوجه المأساة  في تعز  

YNP -  طلال الشرعبي :

في محافظة تعز وربما أكثر من غيرها تتجسد مختلف صنوف وأشكال المعاناة الناتجة عن استمرار الحرب والصراع الدائر في اليمن بشكل عام على مدى ست سنوات بين الأطراف الداخلية والأطراف الإقليمية المشاركة في هذه الحرب بصورها المتعددة العسكرية والإقتصادية والسياسية والإعلامية والاجتماعية.

خلال الآونة الأخيرة ترتب عن حرب العملات وبمعنى أوضح عن استمرار التعامل بالعملتين القديمة التي أصبح الكثير من السكان يطلقون عليها اسم " زمام" والجديدة التي يطلقون عليها " القعيطي " صوراً وأشكالاً متعددة من المعاناة التي ألقت بظلاها السوداوية القاتمة على كاهل السواد الأعظم من سكان المحافظة.

 

أصبح المواطن البسيط في مناطق ومديريات تعز التي تتداول ورق العملة الجديدة والقديمة في آن معاً عالقاً بين دوامتين هما دوامة المعاناة والارتفاع الجنوني لأسعار المواد الأساسية والضرورية ودوامة أخرى هي دوامة عشوائية فارق الصرف بين العملتين القديمة والجديدة وعدم تحديده بصورة رسمية .

 

التعامل بالعملة الجديدة والقديمة لا تحكمه أي ضوابط تنظيمية تحدد قيمة كلا العملتين .. وإنما تحكمه الضبابية المفخخة بالصدف والمفاجآت في سعر المواد والسلع والاحتياجات المعيشية " الضرورية والكمالية منها" التي تحدد قيمتها أهواء التجار وما يتحلون من مبادئ وقيم وأخلاق .

وعلى سبيل المثال في الوقت الذي يبيع فيه تاجر ما قطمة سكر عشرة كيلو جرام بمبلغ 4000 ريال قديم ومبلغ 6500 ريال جديد .. قد يبيع تاجر آخر نفس السلعة بمبلغ 3700 قديم و5500 جديد" .

 

وبشكل عام يمكن القول أن التعامل بعملة القعيطي وزمام كما يسميها أبناء المحافظة أصبح هو المشكلة الرئيسية التي تؤرق الإنسان الذي تحولت حياته المعيشية إلى وعاء يملؤه الفقر والبؤس والمعاناة المريرة التي يضاعفها التفكير في الاحتمالات والفرضيات المتعددة لسعر علبة الزبادي أو كيلو البطاط أو الطماط وغيرها من السلع التي أصبح لها أثمان متعددة في حيز جغرافي واحد قد يكون مجرد كيلو متر مربع .

وبالمقابل وبعيداً عن المبررات الواقعية الموضوعية أو السياسية والاقتصادية المطاطة لسماح أطراف الصراع باستمرار تداول العملتين القديمة والجديدة في مناطق ومديريات محافظة تعز بشكل عام ، وفي المناطق والمديريات التي تديرها حكومة صنعاء بشكل خاص.. لا يمكن إغفال أو إخفاء حقيقة أن "المواطن البسيط هو الضحية المباشرة ".

كما لا يمكن من الناحية العملية إغفال حقيقة المواقف والقناعات التي بدأت تتعزز لدى هذا المواطن أنه أصبح هدفاً ميدانياً مشتركاً.. "كل أطراف الصراع والأضداد والفرقاء مجتمعين ومجمعين على مضاعفة معاناته وتحقيق مصالحهم الشخصية الأنانية الضيقة وتنفيذ إرادات وخدمة وتأمين مصالح من يقف وراءهم من الأطراف الإقليمية والدولية المتصارعة.