دوافع توسعية لمواصلة الحرب في اليمن

YNP - خاص :
في السنوات التي سبقت الحرب في اليمن عام 2015، ساد اعتقاد خاطئ لدى غالبية النخب والقوى والمكونات السياسية والمدنية، بأن ما تبديه الدبلوماسية الأمريكية من تحركات واهتمامات غير مسبوقة،

وصلت بطبيعتها الى الحضور في أصغر نشاط رسمي ومجتمعي غير بعيد عن استهداف البلد في ثرواته وقدراته الاقتصادية ضمن مخططات توسعية واستعمارية يجري تنفيذ سيناريوهاتها بهدوء في أعقاب ثورات الربيع العربي ومن بينها انتفاضة11فبراير في اليمن.
بعد أن حزمت الدبلوماسية الأمريكية حقائبها وغادرت فورا من صنعاء، في أعقاب سبتمبر 2014، كان الترتيب لأوسع وأكبر عمليات عسكرية عرفها التاريخ الحديث، ضمن مخطط ناجز يجري تنفيذه برعاية أمريكية ستكون وجهته وهدفه اليمن بموقعها المطل على البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن والخليج العربي والمحيط الهندي والمتحكم في مضيق باب المندب وخطوط الملاحة البحرية بين المشرق والمغرب، والغني بجزره وسواحله وثرواته المتنوعة.
فالأمريكيين والبريطانيين وعبر أدواتهم السعودية والامارات، وضعوا أنظارهم على اليمن بدافع استعماري وبدوافع غير مشروعة أبرزها الموقع الاستراتيجي لليمن والثروة الطبيعية.
وتبدو هذه الحقيقة جلية اليوم، بالنظر الى اسباب ونتائج الحرب والحصار الذي دخل عامه السابع، مستهدفا كل مقدرات اليمنيين ومكامن قوتهم الاقتصادية.
منذ ثمانينيات القرن الماضي برزت أطماع الولايات المتحدة في اليمن من خلال قرارها التنقيب عن النفط في اليمن. ومنعاً لإثارة حساسية النظام السعودي، أوكلت مهمة التنقيب إلى شركات صغيرة، أبرزها شركة "هنت" الأميركية. وقد أدت هذه الخطوة إلى خطوات يمنية في المقابل، كان بينها حضور نائب الرئيس الأمريكي، في حينه، (جورج بوش) حفل تدشين مشروع مصفاة مأرب (1986)، كذلك وضع الحجر الاساس لمبنى السفارة الأميركية الجديد في صنعاء. ولم يتحفظ بوش الأب على التصريح يومها بأن واشنطن وجدت بديلاً من نفط الخليج. وهي الخطوة التي فسّرها اليمنيون بأنها إشارة الى الدخول الأميركي المباشر، وليس من خلال السعودية، إلى قلب المشهد اليمني.
ويعزز هذه الحقائق ما نشرته تقارير دولية بشأن استحواذ اليمن على 34% من مخزون النفط العالمي، وأن أكبر منبع للنفط في محافظة الجوف المجاورة للسعودية.
والواضح أن السعودية والإمارات تنفذان المخطط الذي يقضي بتدمير ثروات اليمن ليسهل السيطرة والتحكم بكل منافذ ومواقع اليمن الجغرافية والاقتصادية الاستراتيجية. كما أن إعلان الإمارات تطبيع علاقتها بإسرائيل مؤخرا لا ينفصل عن المخطط الرامي إلى جر إسرائيل إلى بعض منافذ ومضائق اليمن الاستراتيجية وتأسيس مشاريع اقتصادية مشتركة في بعض الجزر اليمنية مثل سقطرى وميون في باب المندب.
ولأن اليمن، قبل كل ذلك، تمتلك احتياطات نفطية كبيرة جداً، إلى جانب أربعة موانئ استراتيجية "الحديدة، وعدن، والمكلا، وشبوة"، بالإضافة إلى الموارد الطبيعية الأخرى من الزراعة والأسماك والذهب وغيره، فإن ذلك ما استدعى تنفيذ مخطط الحرب بقيادة سعودية وإماراتية.
في هذا الاتجاه، تقول تقارير دولية، أن الأمر أضحى الآن جلياً من خلال الخطوات التي تنفذها كل من الإمارات والسعودية في المناطق الجنوبية من اليمن وبالتنسيق مع أمريكا وبريطانيا واللتان تطمحان أيضاً للسيطرة على الممرات المائية الهامة لليمن وثرواته النفطية.
وتشير التقارير، الى أن الإمارات شاركت في الحرب بهدف بسط سيطرتها على الساحل الغربي للبلاد وجزيرة سقطرى الاستراتيجية وكذا جزيرة ميون وميناء المخا وقرية "ذو باب"، حيث "أقامت قاعدة عسكرية في جزيرة ميون" بدون علم حكومة هادي. كما حوّلت بلدة "ذو باب" القريبة من باب المندب إلى قاعدة عسكرية تتحكم فيها بالكامل، بعد أن هجّرت جميع سكان البلدة، وحوّلت مساكنهم إلى ثكنات عسكرية، فضلا عن تحويل ميناء المخا إلى قاعدة عسكرية ".
خلال العام 2019، نشر الموقع الفرنسي الشهير (أجورا فوكس) تقريرا بعنوان (حقائق وأسباب الحرب وأطماع الغرب والسعودية بثروات اليمن) أشار الى أن "الحروب والأزمات التي تشهدها اليمن منذ عقود طويلة تكمن في محاولة السعودية في الاحتكار للموارد النفطية التابعة لليمن وتحت ذرائع وهمية لكن الهدف الحقيقي منها هو التسبب في انخفاض الموارد النفطية لليمن، على أن الحرب المتواصلة في البلاد منذ مارس 2015، والتي تأتي بدعم أمريكي يندرج تحت هذا المغزى".
 يقول التقرير" في العام 1934 قامت مملكة آل سعود بشن أولى حروبها ضد اليمن من أجل الاستيلاء على محافظة جيزان، عسير ونجران، كما تمكنت من الاستيلاء على منطقة واديا وشرورة خلال الحربين التي شنتهما في السبعينات". علاوة على ذلك تؤكد الشواهد أن هدف النظام السعودي من حربه الراهنة في اليمن "يكمن في الاستيلاء على محافظتي حضرموت والمهرة".
وأظهرت أمريكا وبريطانيا، اهتماما مضاعفا باليمن، خلال العقود الطويلة الماضية، وقد أكدت على ذلك دراسات تناولت العلاقات مع اليمن، إذ "أخذت هاتان الدولتان تختلقان الذرائع للانقضاض على البلاد والسيطرة عليها".
 واعتبر محللون سياسيون، أن ما يجري حالياً في اليمن لا يخرج عن دسائس وحيل استعمارية لإضعاف البلاد وتجزئتها من خلال حرب طويلة الأمد لتسيهل عملية الاحتلال والسيطرة والتحكم بمقدرات البلاد.