تحت تأثير عُقدة التاريخ نفسها.. الإمارات والسعودية تنهبان الآثار المصرية

YNP -  إبراهيم القانص :

الأموال السعودية والإماراتية، أصبحت سلاحاً فتاكاً بيد الدولتين تعبثان به كيفما تريدان في مصير دول وشعوب المنطقة، حسب مقتضيات مصالحهما ونزوات حكامهما، حتى لو كانت النتيجة تفكيك مجتمعات وأنظمة وإدخال الملايين من البشر في دوَّامات صراع وعنف ومجاعة لا تفرق بين رجل وامرأة أو طفل وشيخ مُسِنّ،

وقد تكشفت عن سياسات الدولتين فضائح كثيرة وكبيرة في عدد من الدول دمّرتها الصراعات البينية ومزقت أنسجة مجتمعاتها ومنظومات الحكم فيها، واتضح بعد ذلك أن كل ما أدى إلى انهيار تلك الدول كان يقف خلفه المال السعودي أو الإماراتي وسياسات الدولتين المتسلقتين على مآسي الشعوب وانهيار أمنها واستقرارها واقتصادها.

 

ومن خلال المال تبحث السعودية والإمارات دائماً عمّا ينقصهما، وأبرز ما تفتقده الدولتان، حديثتا النشأة، هو البعد أو العمق الحضاري والتاريخي، الذي أصبح مع مرور الوقت وتراكم الأموال وتخمة الثراء عقدةً نقص تؤرق حكامهما، وتنعكس في توجهاتهم السياسية، وفي هذا الجانب تحديداً يحرص حكام الدولتين على استهداف الدول ذات الجذور التاريخية، وتتعدد أساليب استهدافها حسب ما توفره سطوة المال والنفوذ، ففي اليمن مثلاً استهدفت الدولتان، منذ بدء العمليات العسكرية للتحالف الذي تقودانه منذ عام 2015م، كل ما له علاقة بالتاريخ والحضارة باعتبارها الأقدم والأبرز حتى على مستوى العالم كله، فقصفت طائراتهما الحصون والقلاع التاريخية والمواقع الأثرية والمساجد القديمة والأضرحة، وحتى المتاحف تم قصفها لتدمير ما بداخلها من قطع أثرية لا تستطيع الدولتان اقتناءها أو نسبتها إليها ففاقد الشيء لا يعطيه، بالإضافة إلى أنهما كانا يشغلان شبكات نهب وتهريب آثار محلية لسرقة الكثير من القطع التاريخية اليمنية وبيعها لتجار ومسئولين من الدولتين، وظهرت بعضها في متاحف عالمية، والمؤسف لهما أنها حين تظهر تتحدث عن نفسها أنها يمنية ولا يستطيعون منحها الجنسية السعودية أو الإماراتية.

 

في سياق النقص نفسه والعقدة ذاتها، كشفت مصادر مصرية تورط مسئولين سعوديين في جريمة تهريب آثار مصرية، إلّا أن المال السعودي وسياسة المملكة نفسها في شراء أي شيء كما يبدو جعلت القضية طيّ الكتمان، إذ لا يعرف أحد حتى اللحظة اسم أي مسئول سعودي متورط في جريمة نهب وتهريب الآثار، حيث أشارت المصادر إلى أن وزير خارجية السعودية، فيصل بن فرحان، وصل إلى القاهرة خلال الأيام الماضية، لحضور اجتماعات لجنة سعودية مصرية مشتركة، لمناقشة تفاصيل القضية الخاصة بتهريب الآثار والتجار بها، والمنظورة أمام القضاء المصري في الوقت الراهن، مؤكدة أن الوزير السعودي حمل رسالة رفيعة المستوى إلى السلطات المصرية، بشأن تورط ثلاث شخصيات سعودية وردت أسماؤها في محاضر التحقيقات والتحريات، وهدف الرسالة هو البحث عن مخرج للسعوديين المتورطين، وسط سخط كبير بين الناشطين المصريين الذين أبدوا تخوفهم من تفرط السلطات في آثار البلاد كما فرطت من قبل في جزيرتي تيران وصنافير، اللتين قاتل المصريون إسرائيل من أجلهما في سبعينيات القرن الماضي، وفرط فيهما الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وقدمهما ببساطة للسعودية، الأمر الذي يجعل مصالح إسرائيل فيهما مضمونة، كون المملكة إحدى أدوات الكيان القائمة على مصالحه في المنطقة، حسب مراقبين.

 

على الصعيد نفسه، رحّلت السلطات المصرية سفير الإمارات في القاهرة، لتورطه في نهب وتهريب آثار مصرية، وحسب المصادر المصرية فإن إلى جانب السفير شخصيات إماراتية أخرى متورطة، بينها مسئول إماراتي سحبته دولته عقب فضح القضية، موضحةً أن انكشاف القضية كان أحد الأسباب الرئيسة لتوتر العلاقات المصرية الإماراتية.