صنعاء تضع العرب في صورة الأهداف الإسرائيلية بالمنطقة

YNP - إبراهيم القانص :
ما إن تقول صنعاء شيئاً أو تعد التحالف بشيء، إلا ويتحول ذلك القول إلى فعل، وتباعاً تفي بكل وعودها، الأمر الذي منحها مصداقية كبيرة، وأصبحت الأطراف الأخرى تأخذ ما يصدر عن صنعاء على محمل الجد، وأصبح الجميع يتوقعون ما هو أعظم على صعيد العمليات الأخيرة التي نفذتها قوات صنعاء مستهدفةً العمقين السعودي والإماراتي في وقت واحد،

وبدقة عالية أجبرت الجميع على التوقف والتفكير الجاد في ما يمكن أن تكون صنعاء قد امتلكته من قدرات هجومية صاروخية ومسيّرة حوّلت الدفاعات الإماراتية والسعودية التي أنفقت عليها الدولتان مليارات الدولارات إلى أضحوكة وأمثولة تدعو إلى السخرية، ولم تعد ترويجات التحالف بأن إيران تقف وراء تسليح صنعاء أمراً ذا قيمة تُذكر، فذلك الحديث- كما يقول مراقبون- أصبح مستهلكاً أكل عليه الدهر وشرب، ولا يغير شيئاً من الواقع المفروض الآن على قطبي التحالف، حيث لم يعد لقواتهما الجوية والبرية سوى ما عهده اليمنيون من استهداف الأبرياء من المدنيين داخل منازلهم وفي مزارعهم ومقار أعمالهم، بينما تستخدم صنعاء استراتيجية عسكرية جديرة بالتأمل وأصبحت مثار إعجاب الكثير حتى ممن يقفون إلى جانب التحالف في حربه على اليمن.

الهجمتان اللتان استهدفت بهما قوات صنعاء العمق الإماراتي، تحت مسمى إعصار اليمن، تقول صنعاء إنهما عبارة عن مفتتح لدوامات وعواصف كبيرة لا يزال الإعصار يحمل الكثير منها، ورغم تقليل الإمارات من شأن الهجومين إلا أن الشواهد على الأرض تنبئ بأن الضرر لا يمكن تجاهله أو إخفاؤه، فالقلق والتوجس مما سيأتي- حسب وعود صنعاء- كان هاجس الكثير من الوافدين والمقيمين في دولة الإمارات سواء من العرب أو الأجانب، ففي غضون أسبوعين تعرضت أبوظبي لهجومين أثارا قلقاً لأول مرة إزاء مستقبل ومصير الوضع الأمني هناك، حيث يضع الهجومان الصاروخيان الإمارات، التي سعت على مدى عقود لتكون ملاذاً تجارياً آمناً، على المحك، فالصورة المثالية للأمن والاستقرار كبيئة استثمارية عالمية اهتزت وأوشكت على التكسر، كما اهتزت الثقة بالأنظمة الدفاعية الإماراتية، وقد أصبح الغالبية من المقيمين والوافدين على يقين أن ما حدث الآن يبدو أقرب إلى الإنذار بما أعظم.

وما كانت صنعاء قد قالته مراراً عن مؤامرة أمريكية إسرائيلية ضد اليمن والعرب كافة، يتم تنفيذها عبر أدوات عربية تتمثل بشكل رئيسي في السعودية والإمارات؛ أصبح حقيقة جلية تكشفت بدون مواربة في ردة فعل صحافة وإعلام الكيان الإسرائيلي، فقد ارتفعت وتيرة المخاوف وضجيج الرعب عقب الهجومين اللذين استهدفت بهما صنعاء أبوظبي، إلى درجة أن قوات الاحتلال أجرت مناورات عسكرية تحاكي التصدي للصواريخ الباليستية، وعزز أيضاً المنظومات الدفاعية في المدن المحتلة التي تطل على سواحل البحر الأحمر، مكثفةً تحركاتها العسكرية والاستخباراتية، بل أبدى مسئولون وناشطون تابعون للاحتلال الإسرائيلي قلقهم الكبير وتوقعهم المحفوف بأعلى درجات الخوف من أن تل أبيب ستكون هدفاً تالياً لقوات صنعاء ما دامت قد استطاعت الوصول إلى العمق الإماراتي محققةً أهدافها بدقة عالية، معتبرين أن لهذه العملية أبعاداً عسكرية، ورسالة واضحة لإسرائيل، مفادها أن أي عمل عسكري ضد اليمن يعني تدمير السفن والقواعد البحرية الإسرائيلية، وأن تحركات التحالف العربي بقيادة السعودية لن تدوم طويلًا ولن تمر بدون رد.

مواقع أمريكية متخصصة بالتحليلات العسكرية، نقلت عن محللين عسكريين إسرائيليين أن شجاعة الحوثيين تقلق إسرائيل، بسبب قدرتهم الممتازة في مجال الصواريخ والمسيّرات، حيث أصبح تهديدهم لإسرائيل حقيقة واقعية"، مشيرين إلى أن "ميناء إيلات ومفاعل ديمونا أصبحا أهدافاً إسرائيلية ضمن بنك أهداف الحوثيين، مؤكدين أنهم قادرون على إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة إلى مدى 2000 كيلو متر وتحقيق إصابات دقيقة، وأن لدى اليمنيين القدرة على ضرب أهداف أكثر حساسية في الإمارات.، موضحين أن العملية الأخيرة في أبو ظبي كانت تحذيراً واضحاً لتل أبيب، وكان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، عاموس يدلين، أكد في وقت سابق أن التهديد الذي طاول الإمارات سيطاول إسرائيل، وفي الوقت نفسه تحاول السعودية تلافي المزيد من خطر الهجمات التي تنفذها قوات صنعاء في عمقها الجغرافي، بسعيها الحثيث للتوصل إلى اتفاق مع صنعاء، وقد صرح سفيرها لدى اليمن، محمد آل جابر، إن بلاده ستدعم أي تواصل مع الحوثيين يؤدي إلى السلام، وكان اجتماع لمجلس الوزراء السعودي دعا المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لتحقيق الأمن في المنطقة، الأمر الذي اعتبره مراقبون إشارة واضحة لعجز دول التحالف عن حماية أمنها القومي.
وفي وقت تستجدي السعودية والإمارات العالم وقف هجمات صنعاء ودرء الخطر عنهما، سواء بما استطاعتا شراءه من المواقف العربية بما فيها جامعة الدول العربية التي وقفت إلى جانب التحالف بالإجماع ولم تحركها دماء وأشلاء اليمنيين، والتي وصفها رئيس وفد صنعاء التفاوضي، محمد عبدالسلام، بأنها ليست سوى مكتب تابع للسعودية في مصر، أو مواقف المجتمع الدولي القائمة على مصالح دوله مع الكيانات النفطية العربية التي تقود التحالف؛ تؤكد صنعاء أنها لن توقف هجماتها إلا في حال توقف عمليات التحالف العسكرية، خصوصاً التصعيد الإماراتي الأخير الذي تسبب بردة فعل جعلت مستقبل الإمارات الاقتصادي في مهب الخطر.