التحالف يحاول التخلص من مبرر حربه في اليمن بعد خسائر الأعوام السبعة

YNP -  إبراهيم القانص :

"تصاعد قوة الحوثيين"، عنوان يختتم به المحللون والمتابعون العام السابع من حرب التحالف على اليمن، وأصبح يشكل قناعات كبيرة لدى الكثير من المكونات والجهات الإقليمية والدولية، كمحصلة لسبعة أعوام من الحرب التي دخلت العام الثامن، بما في ذلك جهات تابعة وموالية للتحالف الذي تقوده السعودية للتدخل العسكري في اليمن،

وقد تناولت وسائل إعلام تابعة للإصلاح، أبرز المكونات اليمنية الموالية للتحالف والمشاركة في الحرب، الإثنين، تحليلات مفادها تصاعد قوة الحوثيين، وفي ما يخص الشرعية التي كان دعمها وإعادتها العنوان الأبرز والمبرر الرئيس لتدخل التحالف عسكرياً في اليمن، فقد وصل أتباعها إلى قناعة مفادها أنها كانت مرحلة وانتهت.

 

الناشط السياسي فيصل الحذيفي، المحسوب على حزب الإصلاح، قال في مداخلة مع قناة بلقيس إن مرحلة "الشرعية" انتهت في الواقع، مشيراً إلى أن التحالف قلص كل أشكال الدعم لقوات هادي والإصلاح، مؤكداً أن "مشاورات الرياض"، ليست سوى محاولة مفضوحة لإزاحة "الشرعية"، وأن السعودية بدأت تدرك تصاعد قوات "الحوثيين"، وتخشى من هجمات جديدة، منوهاً بأنها قد تلجأ للتعاطي مع مبادرته، في إشارة إلى مبادرة رئيس المجلس السياسي التابع لصنعاء، بوقف العمليات العسكرية والهجمات الصاروخية على السعودية، التي جاءت لإثبات حسن النوايا على القبول بالدخول في حوار ولكن بشروط صنعاء من موقع القوة التي فرضتها على الأرض داخلياً وفي عمق دول التحالف، وهي المبادرة التي ربما لم يقبل بها التحالف رغم حاجته إليها، حيث لم تتوقف غاراته على المدن والمناطق اليمنية منذ أعلنت صنعاء مبادرتها السبت الماضي.

 

ورغم انحياز غالبية دول العالم ومنظماته الدولية للأموال السعودية والإماراتية، وصمته عمّا فعلته السنوات السبع في أطفال ونساء اليمن، وبناه التحتية، بفعل الغارات الجوية والحصار الاقتصادي الخانق؛ إلّا أن اليمنيين قدموا نموذجاً من المواجهة ربما لم يكن في حسبان دول التحالف، حيث كانت حساباتها مبنية على ضعف إمكانات اليمنيين واضطراب أوضاعهم السياسية حينها، لكن خطأها أنها أغفلت أو استخفت بقدراتهم ومدى صلابتهم وقيمهم الثابتة في ما يخص السيادة، وانتفاء أي مصوغات قد تسكتهم عن الأخذ بثأرهم أو المساومة على كرامتهم، وخلاف حسابات التحالف الخاطئة تمكن اليمنيون من قلب المعادلة، وشيئاً فشيئاً استطاعوا إبهار العالم بما يجترحونه في ميادين المواجهات مع قوات التحالف، وكسرها على الأرض، بل وجعلها أضحوكة بين جيوش العالم، إذ لم تتمكن بترساناتها الحربية الكبيرة والحديثة من كسر قوات صنعاء التي تكاد لا تملك ولو نسبة ضئيلة من حجم ذلك التسلُّح الذي رفع وتيرة الغرور لدى التحالف، وخيّب آماله على أرض الواقع، فأصبح رصيد التحالف الوحيد هو قتل الأطفال والنساء وتدمير البنى التحتية في اليمن بغارات طيرانه التي لم تتوقف على مدى الأعوام السبعة منذ بداية الحرب.

 

وفيما فرضت الحرب على اليمنيين تطوير قدراتهم القتالية، وخوض غمار التصنيع العسكري بكل أنواعه، من البندقية حتى المسيِّرات والمجنحات؛ بدأت مؤشرات تفوّقهم تتصاعد، فضلاً عن أنهم في الأساس رجال حرب أسقطوا دحروا أكبر الجيوش الاستعمارية على مدى التاريخ، وفي الوقت نفسه أغرقت دول التحالف نفسها في مستنقع لا يسهل الخروج منه، فملفاتها الحقوقية والإنسانية تتضخم يوماً بعد آخر على مدى سنوات الحرب السبع، وتزداد قتامة بدماء الأطفال والمدنيين، والتي كان سفكها بالقصف المتواصل هو الإنجاز الوحيد لكل تلك الجحافل التي حشدها التحالف، والنتيجة أنه الآن يبحث عن مخرج من هذه الورطة الكبيرة ولا يجد إليها سبيلاً، خصوصاً بعد ما أصبحت السعودية والإمارات غير آمنتين، فوصول الطائرات المسيَّرة والصواريخ الباليستية إلى عمقهما الجغرافي واستهداف منشآتهما الحيوية، وهي المعادلة التي أصبح من المستحيل إعادتها وفق حساباتهما الخاطئة.

 

دشن اليمنيون العام الثامن من مواجهة حرب التحالف، بهجمات ربما تكون هي الأعنف منذ بداية الحرب، حيث استهدفت بدقة عالية منشآت "أرامكو" النفطية في أكثر من مدينة سعودية، وسط عجز سعودي تام عن صدها أو التعامل معها، وفي مناطق سيطرة حكومة صنعاء- ذات الكثافة السكانية الكبيرة- خرج اليمنيون لإحياء ذكرى صمودهم، في المحافظات كافة، رافعين رؤوسهم بما أنجزته قوتهم الصاروخية من عمليات موجعة للسعودية والإمارات، متعهدين بدعمها بالمال والرجال، والمضي في طريق المواجهة حتى إنجاز النصر الكامل بتحرير أرضهم من كل القوات الأجنبية التي جاءت باسم التحالف، حسب ما نقلته قنواتهم الفضائية من أدبيات فعالياتهم الاحتفالية.

في المقابل، وبأسلوب العاجز، دشن التحالف العام الثامن حربه على اليمن، بعدد من الغارات الجوية على العاصمة صنعاء، مضيفاً إلى حصاد الأعوام السبعة من أرواح اليمنيين ثمانية قتلى بينهم خمسة أطفال، باغتتهم صواريخ طائرات التحالف فجراً ليتحوّلوا إلى أشلاء تحت أنقاض منزلهم، حيث استهدفت الغارات منزلين في حوش الهيئة العامة للتأمينات في منطقة حدة في العاصمة صنعاء، يسكنهما حارسان تابعان للهيئة مع أسرتيهما، بالإضافة إلى استهداف مناطق أخرى في صنعاء وصعدة والحديدة.

 

وبين تدشين اليمنيين والتحالف للعام الثامن من الحرب، تظهر جلياً قيم الشجاعة، ومن يملك الحق ممن لا يملكه، فوجهة صواريخ وطائرات صنعاء، ووجهة طائرات التحالف، تبيّن بجلاء من تلوح في آفاقه بشائر النصر، ومن يزداد توغلاً في مستنقع من دماء المدنيين بدون وجه حق، وكما قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، الدكتور حسن نافعة، تساؤلا هاما للأسرة المالكة في السعودية.

 وقال الرئيس السابق لقسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور نافعة، أن على السعودية أن تدرك أنها دخلت حرباً لا تستطيع الانتصار فيها، وفي تغريدة على تويتر أكد نافعة أن القرار الصائب هو أن توقف السعودية الحرب، لكنه تساءل: هل يوجد في المملكة رجل شجاع لاتخاذ هذا القرار؟

 

منظمة العفو الدولية، في ذكرى مرور سبع سنوات على شن التحالف، بقيادة السعودية، حملة قصف جوية على اليمن، أكدت من جانبها في سلسلة تغريدات على تويتر، أن عشرات الآلاف من المدنيين في اليمن تعرضوا للقتل والإصابة بينهم ما يزيد عن 10200 طفل، داعيةً إلى ضرورة التحرك الآن من أجل اليمن، والبدء بالتحقيقات والمساءلة لدول التحالف، لكن اليمنيين لم يعودوا يثقون في أن تقارير ودعوات المنظمات الحقوقية الدولية تستطيع تحريك الضمير العالمي، واختاروا المضي في انتزاع حقهم بأنفسهم، والشواهد على الأرض تدل على أنهم يحرزون تقدماً ملحوظاً، وبثقة عالية نابعة من عدالة قضيتهم.