اتساع دوائر التحشيد والصراع بين أتباع التحالف في اليمن

YNP -  إبراهيم القانص :

حالة اليأس المرير، والتوجس المفتوح على ضبابية المشهد والمآلات الكارثية التي تنبئ بها المعطيات الراهنة في المناطق اليمنية الواقعة تحت سيطرة التحالف والحكومة الموالية له، حيث تحرك كل من السعودية والإمارات أطراف النزاع التابعة لكل منهما باتجاه الصراع على الوهم، من الثروة والمناصب، فما هو واقعي تستأثر به الدولتان اللتان تقودان التحالف،

وتختصان نفسهما بما يفترض أنه حق مملوك مستحق لمواطني البلاد من المواقع والثروة، لكن وبما أنهم اختاروا أن ينقسموا كأتباع بين الدولتين، اللتين وضعتا كل الأطراف (الأتباع) داخل دائرة صراع لا يلوح في أفقهم المظلم أي أمل للخروج منها، فقد أصبحوا كمن عقد صفقة لبيع روحه للشيطان، وبالتالي لن يجد سوى الخسارة التي يمكن أن تتطور إلى خسارة أكبر، فيما يظل الشيطان هو نفسه الشيطان، وها هي قوى الظلام تستدعي إلى مناطق سيطرتها في اليمن كل الشرور وأسوأ الفظائع، في وقت تسوّق نفسها على أنها هي من تحمل الخير لليمنيين، ولا تنفك تبشرهم بأنهم على موعد مع الكثير من الرخاء والخير، وهي الغشاوة التي حجبت عن بصيرتهم واقع بلادهم الذي تحول إلى جحيم مستعر وأوشك على الانهيار التام في كل تفاصيله.  

 

الأطراف المتنازعة في المناطق اليمنية الجنوبية والشرقية، تخوض صراعاً بينياً يزداد اشتعالاً يوماً بعد آخر، ويحظى كل طرف بما يحتاجه من المال والسلاح لمواجهة الطرف الآخر، حيث تمول الجميع السعودية والإمارات، ومن يدفع ضريبة كل ذلك البؤس والمعاناة هم المواطنون في تلك المناطق، والذين يتسلق الجميع على أكتافهم وجماجمهم، ويزايد الجميع على أنه يفعل ما يفعل لأجل مصلحتهم والاقتراب بهم من الجنة المنتظرة التي وعدهم بها التحالف منذ وطأت قواته أرضهم نهاية عام 2015م، لكن ما يراه العالم الأصم هو اقتراب سقوطهم في جحيم هم فقط وقوده.

 

المكونات السياسية والتشكيلات العسكرية الموالية للتحالف، تحشد كل ما توفره لها الرياض وأبوظبي من أجل الفوز بمعركة لا معايير للفوز بها، فكل طرف خاسر، والمستفيد الوحيد منها هو التحالف الذي يسيطر على الأرض ويدير الثروات، ولا يتردد أي طرف في استخدام ما بحوزته وما يحصل عليه من الدعم للقضاء على الآخر، حتى إذا انتصر أصبح في حالة بائسة من الإنهاك والضعف، وحينها سيطلق عليه التحالف رصاصة الرحمة فلا فائدة تُرجى منه، ولن يكون التحالف حينها مستعداً أن يخسر فلساً واحداً في الإنفاق على كائن في حالة موت سريري.

 

تستخدم بعض أطراف النزاع التابعة للتحالف أسلوب الاغتيالات والفوضى الأمنية العبثية، لاستعراض عضلاتها أمام الطرف الآخر، الذي يستخدم أساليب أخرى للرد واستعراض القوة، ومن أبرز الأوراق المستخدمة لإرهاب وإخضاع الخصوم- الإخوة- هي ورقة القاعدة، فبعد اتساع دائرة الخلاف بين الانتقالي ومجلس العليمي، بعد رفض الانتقالي المدعوم إماراتياً دمج قواته مع قوات المجلس الرئاسي، توجه الأخير لتجنيد الآلاف من أبناء أبين تحت ما يسمى "قوات اليمن السعيد"، بقيادة طارق عفاش، وفي الوقت نفسه اتسع التقارب السياسي والعسكري بين الإخوان ومجلس العليمي، ليعود الإصلاح إلى ترتيب وتعزيز وجوده من جديد في المحافظات الجنوبية، وكالعادة بتحريك ورقة تنظيم القاعدة الذي يتم تعزيز حضوره بإدخال عناصره في المشهد الأمني والعسكري في أبين وعدن وشبوة والضالع، وبقية المحافظات الجنوبية، وهو التنظيم المتطرف الذي ثبت ارتباطه الوثيق بالتحالف، وعلاقة شخصيات في الحكومة المدعومة من التحالف بأهم شخصياته وقياداته الموضوعة على لائحة الإرهاب الدولي، ولا تزال السعودية والإمارات تنشآن المعسكرات لعناصر التنظيم المتشدد في المحافظات الجنوبية وتمدها بالمال والسلاح.

 

وكانت مصادر محلية كشفت أن تنظيم القاعدة نفذ انتشاراً كبيراً لعناصره في مديرية الحصين ومنطقة حجر بمحافظة الضالع، وفي مركز المدينة، وأقاموا نقاط تفتيش في منطقة حجر.

 

في السياق، ذكرت المصادر أن الإمارات أعادت قيادياً سلفياً على رأس مجاميع مسلحة إلى مناطق تحت سيطرة الإصلاح في تعز، مؤكدة أن الإمارات دفعت بالقيادي السلفي أبو العباس إلى عمق مدينة تعز، في إطار استعادة مواقع سيطر عليها الإصلاح خلال السنوات الأربع الماضية، في إطار تكثيف مشهد الفوضى وتعميق الصراعات البينية التي تديرها وتمولها دول التحالف، خصوصاً الإمارات والسعودية، حسب مقتضيات استمرار مصالحهما في اليمن وتوسيعها.