السيول تجرف أُسر مقاتلي الشرعية والتحالف إلى صحراء مارب

YNP  /  إبراهيم القانص :

يكابد النازحون في محافظة مارب معاناة كبيرة ومؤلمة، على كل المستويات الحياتية والمعيشية، وليست سيول الأمطار التي تجرف خيامهم ومنازلهم التي لا تتوافر على صفة المنازل الحقيقية وتقتل أبناءهم ونساءهم غرقاً، إلا جانباً من البؤس الذي يغلف حياتهم ويحيطها بظلالها القاتمة، فقد حولتهم سلطات المحافظة الموالية للتحالف إلى ورقة للابتزاز السياسي والمالي، وأصبحت فئة النازحين مصدراً رئيساً لثراء مسئولي الشرعية الذين يتسولون المنظمات الإنسانية والدول المانحة باسم تلك الفئة،

وفي النهاية لا تتحصل سوى على فتات ما يُحصد من الأموال والمعونات الغذائية، بينما تتضخم أرصدة المعنيين والمتاجرين بعذابات وآلام النازحين، إلى مستويات مرتفعة من الثراء الفاحش، بينما تستطيع قيادة المحافظة توفير كل وسائل ومتطلبات الحياة الكريمة لهم ولأسرهم، حتى بدون أن تحتاج إلى التسوّل باسمهم، فجزء يسير من عائدات النفط والغاز كفيل بمنحهم حياة كريمة وبناء مساكن تليق بكرامتهم الإنسانية وآدميتهم المهدورة لحساب فئة قليلة استحوذت على ثروات المحافظة، ورغم أنها ملك لأبناء الشعب اليمني كافة إلا تلك الفئة تستكثر أن يشاركها أحد، كما لو كانت تلك الثروات ملكاً ورثه لهم آباؤهم.

 

تتباكى وسائل إعلام الشرعية والتحالف على نازحي مارب، وما لحق بهم من أضرار السيول التي دمرت مساكنهم، كما لو كان شأن النازحين يخص غيرهم، الأمر الذي يثير السخرية ويفضح إصرار قيادات ومسئولي الشرعية والتحالف على استمرار المتاجرة بمعاناة تلك الفئة، كونها تقع ضمن الإطار الجغرافي الذي يسيطرون عليه ويحكمونه، ولا تقع مسئولية ما يحل بها من أضرار وكوارث إلا على عاتق أولئك المسئولين، الذين لم يعد لديهم ما يدل على سلوك إنساني أو أخلاقي، فاهتمامهم يتركز فقط على ارتفاع أرصدتهم أكثر ربما من منسوب مياه الأمطار والسيول التي تجتاح مخيمات النازحين وتودي بأرواحهم وممتلكاتهم، وليس ذلك مستغرباً فهو قانون التحالف والموالين له في كل مناطق سيطرتهم، وليس أدل على ذلك- كما يقول مراقبون- أكثر من اقتحام تلك المخيمات واختطاف النساء والاعتداء عليهن، رغم أن إخوانهن وأبناءهن وأزواجهن يقاتلون في صفوف الشرعية، الأمر الذي يُعدّ انحطاطاً أخلاقياً وقيمياً غير مسبوق، حسب المراقبين.

 

في هذه الأثناء، ومع استمرار تدفق سيول الأمطار في عموم المحافظات اليمنية، وهي الحالة التي تستقبلها نفوس الناس بالاستبشار، على اعتباره موسماً يحمل الخير الكثير بما سينتج عنه من محاصيل زراعية، إلا أن النازحين في مارب لا يستقبلونه بتلك الحفاوة، كونه وبالاً عليهم، حيث وضعهم المعنيون بشئونهم على طريق السيول، وحسب مصادر محلية أصبح غالبيتهم يعيشون في العراء، بعد اجتيال السيول مخيماتهم وتحويلها إلى فوضى عارمة وركاماً غير صالح للسُكنى.   

 

السلطات المحلية التابعة للشرعية في مارب لم تلتفت لمأساة النازحين، فالكارثة التي حلت بهم تُعد بالنسبة لها موسماً لجمع الأموال، وكالعادة ترتفع أصوات الاستجداء والاستغاثة لإنقاذ النازحين، وستأتي الأموال وسيزيد منسوب أرصدة المعنيين، وسيصل الفتات للنازحين، ولن يجرؤ أحد على الاعتراض بسبب القمع الذي تمارسه السلطات الموالية للتحالف.

 

المصادر أشارت إلى أن ثمانية آلاف أسرة نازحة من مديرية نهم، تسكن خياماً غير صالحة في مخيم الجفينة بمارب، ومئات الأسر في مخيمات أخرى هي في الأساس أسر مقاتلين في صفوف التحالف والشرعية، جميعها تكابد معاناة هائلة حيث تتحطم المنازل الطينية وتهترئ الخيام، وتجد تلك الأسر نفسها في مواجهة مباشرة مع السيول الجارفة، ومن ثم مع سياط البرد التي تجلدها بعدما أصبحت في العراء بدون مأوى، فالبيئة الصحراوية تكون شديدة البرودة خصوصاً مع موسم الأمطار والرياح الشديدة التي تصاحبها، ولا تزال السلطات المحلية غير مستعدة للتضحية ولو بما يوفر الحد الأدنى من الحماية ومتطلبات المعيشة لتلك الأسر النازحة.