أولى ثمار التطبيع .. واشنطن وتل أبيب تمضيان نحو السيطرة البحرية في المنطقة العربية

YNP -  خاص :

تمضي الولايات المتحدة في استراتيجيتها العسكرية الرامية إلى السيطرة البحرية في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن، ومضيق باب المندب الذي يعد أهم ممر مائي في المنطقة،

وذلك من خلال توسيع قاعدة تحالفاتها العسكرية البحرية، وتعزيز قواتها في المنطقة، وتزويدها بأحدث التقنيات العسكرية الهجومية والاستطلاعية على السواء، وفي أجندتها فرض السيطرة الشاملة على هذه المساحات البحرية الشاسعة، من قناة السويس حتى باب المندب جنوبا، وعبر خليج عدن والبحر العربي وصولا إلى مياه الخليج، بما يمثله ذلك من تهديد فعلي لهذه المساحة وكذلك لمصالح العديد من دول العالم في المنطقة.

 

وتبرز إسرائيل كشريك مهم ﻷمريكا في هذه الغاية التي لم تدخر واشنطن جهدا في تمهيد السبل للوصول إليها، عبر رعايتها اتفاقات التطبيع بين إسرائيل وأنظمة عربية تطل دولها على النطاق البحري الذي ظلت السيطرة عليه محور اهتمام كل من واشنطن وتل أبيب، بالإضافة إلى تحالفات عسكرية بحرية إقليمية وعالمية.

 

ولا تتحرج أمريكا من الإعلان عن أجندتها للسيطرة البحرية في المنطقة العربية، حيث كان آخر التصريحات الأمريكية، هو ما كشفه قائد القوات البحرية في القيادة المركزية الامريكية قائد الاسطول الخامس الفريق بحري تشارلز برادفورد كوبر في الحوار الذي أجرته معه صحيفة «الأيام» البحرينية، عن خطط نشر ما وصفه بأحدث اسطول طائرات دون طيار في العالم عبر نشر 100 من المنصات المتطورة غير المأهولة، والتي تعرف بـ«يو اس بي» بحلول صيف 2023، وذلك لرصد أي نشاط في المنطقة لا سيما في المناطق والممرات المائية الحيوية، وذلك بذريعة ضمان اﻷمن البحري الإقليمي.

 

واوضح القائد العسكري اﻷمريكي أن بلاده تتطلع إلى توسيع تحالفاتها البحرية للسيطرة على المنطقة، بما يشمل انضمام المزيد من البلدان إلى هذه التحالفات، مضيفا: "اؤمن اننا سنشهد في المستقبل تركيزا مستمرا على نمو وتنمية هذه التحالفات، والسبب في ذلك ان المنطقة شاسعة، عندما نتحدث عن 8000 كم من السويس على امتداد وحول شبه الجزيرة العربية، لذا لا يمكن لاي قوة بحرية لوحدها القيام بهذه المهمة، بل يتطلب ذلك مجموعة واسعة من الشركاء لضمان الامن الإقليمي، وكما تعلمون هذه المنطقة لديها أهمية حيوية، فهذه المنطقة هي «وقود العالم» بالمعنى الحرفي والمجازي، ودورنا الأساسي والمهم هو ضمان حرية التدفق الحر للتجارة في جميع انحاء المنطقة، والممرات الاستراتيجية الثلاث، وهذا ما يعزز من أهمية ان تعمل البلدان معًا".

 

وأوضح كوبر أنه تم تشكيل قوة الواجب «سي تي اف 153» الأمريكية، للمساعدة في ما أسماه "ضمان الأمن البحري، واستقرار الملاحة في البحر الأحمر عبر «باب المندب» وخليج عدن"، مفصحا عن ما صورها بمخاوف أمريكية في هذه المنطقة حيث قال: نريد تركيزا إضافيا على هذه المنطقة بالتحديد، اذ ان أي نشاط مزعزع للاستقرار يمكن ان يكون له تأثير مزعزع للاستقرار من منظور إقليمي وعالمي.

 

وفي رده على سؤال حول إنشاء بلاده مراكز عمليات عسكرية في المنطقة العربية وما إذا كان ذلك يترجم التوجه نحو توسيع نطاق عمليات القوات الأمريكية في البحر الأحمر، قال كوبر: "واقعيًا لقد قمنا بإنشاء مركزين، الأول في البحرين وهو المركز الذي يتيح لنا العمل على الجانب الشرقي من شبه الجزيرة العربية، وهو يقوم على التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف مع بقية شركائنا في الخليج العربي. والمركز الثاني في خليج العقبة. وهذه المراكز تتيح لنا بالطبع فرص تطوير قدارتنا ومجالها عبر استخدام المنصات التقنية من الطائرات دون طيار، كما ذكرت سابقًا".

 

واعتبر القائد الامريكي دور إسرائيل محوريا في التحالف البحري الذي شكلته بلاده للسيطرة في المنطقة العربية، وذلك بعد انتقال إسرائيل من منطقة عمليات القيادة الأمريكية-الأوروبية «يوكوم» إلى منطقة عمليات القيادة المركزية الأمريكية «سينتكوم».

وأضاف: "أعتقد ان هذا الانتقال كان خطوة نحو تعميق قدراتنا على التوسع في مجال تعزيز الامن البحري لاسيما في البحر الأحمر، حيث اضفنا شريكا آخر الى هذه المنطقة. بالتأكيد لإسرائيل دور قوي جدًا، وقد نفذنا العديد من التدريبات الثنائية مع الإسرائيليين، ولا شك ان إسرائيل لديها قوة بحرية بارزة وتتمتع بكفاءة عالية، ما يجعل انتقالها الى «سينتكوم» يشكل إضافة الى الامن الإقليمي، وهذا امر مفيد لكل بلد في هذه المنطقة" والذي اعتبره إحدى ثمار "اتفاقيات إبراهام".

ومن خلال تصريحات القائد العسكري الامريكي تلك، يتضح إلى أي مدى أسهم التطبيع- سواء المعلن أو غير المعلن- الذي رعته أمريكا بين أنظمة خليحية وعربية وبين إسرائيل، في تسهيل مهمة كل من واشنطن وتل أبيب في إحراز تقدم كبير ضمن أجنداتهما الرامية إلى السيطرة البحرية في المنطقة العربية عبر البحر الاحمر وخليج عدن وصولا إلى مياه الخليج العربي.

ولا يمكن إخراج ممارسات التحالف في اليمن ومساعي السيطرة على جزره وسواحله، عن مخطط السيطرة الذي تقوده امريكا وتشارك فيه إسرائيل بصورة بارزة، ومنها ما تقوم به الإمارات، وهي الدولة التي لا تمثل أي ثقل عالمي أو إقليمي، من أدوار في إطار هذا المخطط الامريكي الإسرائيلي، وذلك عبر السيطرة على الجزر اليمنية جنوب البحر الأحمر ومنها جزيرة ميون الواقعة وسط مضيق باب المندب، وكذا جزيرة سقطرى، وإنشاء بنى عسكرية في هذه الجزر.