الحوثي يلمح إلى بدء العد التنازلي لمعركة وشيكة تدخل حيّز التنفيذ

YNP /  إبراهيم القانص -

تثبت صنعاء تباعاً أن لدى قادتها قدرة غير عادية على قراءة مجريات الأحداث من منظور صائب، رغم حملات المغالطة المكثفة التي يضلل بها التحالف الرأي العام الإقليمي والعالمي، حيث يحوّل الحقائق إلى متوالية من الزيف، يصبح معها الضحية جلاداً والمخطئ مصيباً،

لكن سلطات صنعاء وعلى مدى أكثر من سبعة أعوام من الحرب ظلت تكشف الحقائق المغيبة، وكلما اتخذ الصراع شكلاً تفرضه مجريات الواقع تتطابق النتائج مع نظريات صنعاء وقراءتها الصائبة، وتحديداً في ما يخص المتحكم الفعلي بملف الحرب على اليمن ومن يوجهها ويديرها بشكل مباشر، ولطالما ظلت صنعاء متمسكة بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي القائد الفعلي للحرب وهي التي تملك قرار استمرارها أو وقفها، وليست السعودية والإمارات سوى أدوات يتم عبرها التنفيذ، بل هما أصغر وأقل شأناً من أن يكون بيدهما قرار يقدم أو يؤخر شيئاً.

 

تابع اليمنيون والعالم كله طيلة ستة أشهر منذ بدأت الهدنة الإنسانية حتى انتهت، وقبل انتهائها استبشر الجميع بتصريحات المبعوث الأممي والمبعوث الأمريكي إلى اليمن، وكلاهما كانا يؤكدان أن الأمور تسير باتجاه سلام مستدام، وكثر حديثهما عن أن رواتب موظفي الدولة ورفع الحظر عن المطارات والموانئ تتصدر المفاوضات وتمضي بشكل إيجابي كونها مطالب إنسانية كان يفترض تحييدها عن مسارات الحرب العسكرية، وبمجرد انتهاء الهدنة، والفشل في تجديدها بدون الالتزام بتلك الشروط التي وضعتها صنعاء وأصرت على تنفيذها، حتى أطلت حقيقة المساعي الأمريكية التي اتضح أنها تحرص على إطالة أمد الحرب، وما إن بدأت مسرحية قرار أوبك+ بخفض كميات إنتاج النفط الخام، واضطرار الولايات المتحدة إلى ضخ كميات من مخزونها الاحتياطي الاستراتيجي تجنباً لتداعيات قد تؤدي إلى الفوضى، إذ أن ارتفاع أسعار الوقود سيكون فوق قدرة المستهلكين الأمريكيين؛ حتى تغيرت لهجة المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، وغذا به ينقلب على مطالب صنعاء بشأن صرف المرتبات ورفع الحصار ويصفها بالمستحيلة، وهذه هي حقيقة الرؤية الأمريكية للحرب التي تديرها مباشرةً في اليمن، فهي حريصة على أن تكون موارد اليمن النفطية ومنافذها البحرية الاستراتيجية رهن تصرفها، ولم يعد هناك شك فيما ظلت تردده صنعاء بأن واشنطن هي من تتحكم في ملف الحرب وهي من تدير الحرب الاقتصادية على اليمن.

 

وبما أن ما تراه وجهة النظر الأمريكية مستحيلاً من المطالب المشروعة المستحقة لليمنيين، وفي مُقَدَّمِها صرف رواتبهم من عائدات نفطهم وموانئهم القابعة تحت قبضة التحالف، فهناك فعل في المقابل لا تراه صنعاء مستحيلاً، فمن وجهة نظر قوات صنعاء أن تعطيل عملية إنتاج النفط في منطقة الخليج مسألة سهلة وليست مستحيلة كما يصورها الغرور الخليجي المنتفخ بوهم الحماية الأمريكية، وما هي إلا أيام أو ربما ساعات معدودة ويرتفع الصراخ من الصحراء العائمة فوق بحيرات النفط في منطقة الخليج.

 

وفي هذا السياق، أكد القيادي في جماعة أنصار الله، محمد علي الحوثي، عضو المجلس السياسي الأعلى بصنعاء، إن لديهم طائرات تعرف وجهتها، جاء ذلك في معرض رده على بيان مجلس الأمن الذي وصف شروط صنعاء المتعلقة بصرف رواتب الموظفين وفتح المطارات والموانئ بأنها متطرفة، حيث قال الحوثي، في تغريدة على تويتر، إن فك الحصار وتسليم رواتب الموظفين من عائدات النفط ورفع الحظر عن مطار صنعاء ليس تطرفاً، إنما التطرف هو بيان مجلس الأمن، وبشأن شعور مجلس الأمن بالقلق- الذي أصبح مبتذلاً من وجهة نظر مراقبين- من دعوة قوات صنعاء الشركات النفطية في الرياض وأبوظبي إلى المغادرة، قال الحوثي: "لدينا طائرات تعرف وجهتها رغم الحظر الجوي"، وفي تلميح واضح إلى اقتراب الحسم العسكري ووفاء صنعاء بوعودها ووعيدها؛ اختتم الحوثي بقوله: "إذا كان صرف الرواتب تطرفاً فلدى القوات المسلحة بنك آخر سبق الصرف منه"، الأمر الذي يَعدّه مراقبون بداية للعد التنازلي إيذاناً بمعركة حاسمة ستكون ساحتها- كما ألمحت قوات صنعاء في وقت سابق- مياه البحر الأحمر والمنشآت النفطية الخليجية، ويبدو ان المعركة تدخل فعلياً حيّز التنفيذ بعد انكشاف أن الهدنة لم تكن لها علاقة بالجوانب الإنسانية، ما يستوجب على صنعاء انتزاع الحقوق بالقوة، حسب المراقبين.