صنعاء تحسم مواقفها بشأن المرتبات والثروات أمام انحياز وتخاذل الأمم المتحدة

YNP /  إبراهيم القانص -

أوضح من أي وقت مضى، يظهر الانحياز الأممي إلى جانب تحالف الحرب على اليمن والدول التي لم يعد خافياً وقوفها خلف تلك الحرب، بناء على وجودها العسكري الملحوظ والمتزايد في عدد من المحافظات والجزر والسواحل اليمنية، خصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا إضافة إلى الكيان الإسرائيلي،

وهي الدول التي تُعدُّ المسيطر الرئيس على قرارات الأمم المتحدة، حيث لا تقف الهيئة الأممية إلا في الجانب الذي يخدم مصالح تلك الدول، ولا قيمة لمواثيقها والمبادئ التي أنشئت من أجلها إذا ما تعارضت مع تلك المصالح، ولم تكن الأمم المتحدة أكثر انكشافاً على مدى تاريخها مثلما ظهرت في مواقفها من الحرب على اليمن، فإحاطات مبعوثيها لمجلس الأمن لا تتعدى كونها سقوطاً أخلاقياً ومتاجرةً بدماء اليمنيين ومعاناتهم، وإلى جانب الحرص على مصالح الدول المهيمنة على المنظمة الدولية تقف الأموال السعودية الإماراتية حائلاً دون الالتزام بمسئولياتها الأخلاقية والقانونية، يقول مراقبون.

 

في إحاطته الأخيرة، يوم أمس الثلاثاء، أظهر المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبيرغ، انحيازاً مكشوفاً للتحالف، حيث وضع الحرب والحصار وانتهاك السيادة ونهب الثروات السيادية اليمنية جانباً، واستعرض مهاراته التضليلية بإدانة قرار سلطات صنعاء بمنع نهب النفط اليمني، واعتبار إجراءاتها التحذيرية أعمالاً معرقلة للسلام الذي يزايد به ويتصرف خلاف ما يخدمه أو يسير باتجاهه، ورغم أن مطالب صنعاء المتمثلة بصرف الرواتب وفتح المطارات والموانئ ووقف الحرب، أهم الخطوات في طريق السلام ورفع المعاناة عن الشعب الذي قالت منظمته الأممية إنه يعيش أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم؛ إلا أن المبعوث لا يزال يعتبرها مستحيلة وتعجيزية.

 

وفي ردها على إحاطة المبعوث الأممي لمجلس الأمن، ذكرت صنعاء أنها لا تخرج عن سياق الانحياز المعتاد للأمم المتحدة إلى جانب التحالف والدول التي تقف خلفه، وفي سلسلة تغريدات على تويتر أكد نائب وزير خارجية صنعاء، حسين العزي، أحقية وعدالة مطالب حكومته، وانتفاء وصفها بالتعجيزية أو التعنتية أو أنها فائضة عن الحاجة، موضحاً أن تلك المطالب لا تمس حقوق أحد، ولا تستدعي أن يقدم أحد أي تنازل، مشيراً إلى أنها لا تمثل سوى الحد الأدنى من حقوق الشعب اليمني، مضيفاً أنه كان يفترض رفع الحصار كلياً والاعتذار والتعويض عنه باعتباره جريمة حرب، إلا أن حكومته قبلت بتأجيل ذلك مرحلياً، مفضلةً الاستجابة المتدرجة، حسب تعبيره.

 

وكشف نائب وزير خارجية صنعاء أن المبعوث الأممي إلى اليمن قال خلال جلسات التفاوض إن الطرف الذي يقود الحرب على اليمن ليس من اختصاصه، الأمر الذي يعني معرفة المبعوث بأن مفاوضات وقف الحرب وإنهاء التدخل الخارجي ليست ضمن صلاحياته، مبدياً استغرابه من سماح المبعوث الأممي لنفسه بتقييم الأطراف بعيداً عن تلك الحقيقة، مخاطباً هانس غروندبيرغ بأنه كان يفترض به أن يقول في إحاطته لمجلس الأمن ما كان يقوله خلال التفاوض مع مسئولي صنعاء، وأنه لو فعل ذلك كان سيخدم السلام، معتبراً الإدانات الموجهة لصنعاء مجرد مبررات لشرعنة الحرب وإطالة أمدها.

 

لم يعد لدى سلطات صنعاء مجالاً للتراجع في ما بدأته، فقرار منع تصدير النفط اليمني، وترجمة القرار على أرض الواقع بالعمليات التحذيرية التي نفذتها قواتها في موانئ الضبة وقنا والنشيمة بحضرموت وشبوة، أصبح محط إجماع وتأييد شعبي، خصوصاً أن غالبية السكان أو مناطق الكثافة السكانية تقع في نطاق سيطرة حكومة صنعاء، ولا يختلف أحد على استحقاق الموظفين لرواتبهم المنقطعة منذ أكثر من ستة أعوام، وكذلك رفع الحظر عن الموانئ والمطارات، كضرورة واستحقاق إنساني وقانوني، وهذا كله- حسب مراقبين- أصبح يشكل ضغطاً شعبياً يحتم عليها القيام به وعدم التراجع تحت أي ظرف، وهو ما تعتزمه السلطات في صنعاء، حيث جدد عضو المجلس السياسي، السلطة الأعلى في مناطق صنعاء، تأكيده أن المرتبات ستأتي، وأن المجلس يتخذ إجراءات للترتيب لصرفها، مجدداً اقتراحه  بشأن توريد كافة العائدات إلى البنك المركزي في صنعاء، مقابل التزام سلطاتها بصرف كل المرتبات للموظفين كافة، مؤكداً أن "الطائرات المسيَّرة والصواريخ قادرة على صرف المرتبات"، في إشارة إلى أن استخدام القوة أصبح خياراً حتمياً لإجبار التحالف على وقف نهبه للثروات اليمنية وتوريد عائداتها إلى حسابات صرف المرتبات، خصوصاً أنها قدمت كل التسهيلات والتنازلات وفق ما يفترض بها قبل اللجوء إلى القوة، حسب تصريحات ومواقف مسئوليها.