هل تطوي السعودية صفحة "الانتقالي" من المشهد السياسي والعسكري في الجنوب اليمني ؟

YNP / نقلا عن عرب جورنال – عبدالرزاق علي -  

 يشير تراجع "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم من الامارات، عن التقدم باتجاه وادي حضرموت، جنوب شرقي اليمن، بعدما سيطر على محافظتي أبين وشبوة، إلى أن هناك رفضا سعوديا جادا لتحركاته العسكرية شرقا.

يمكن ملاحظة هذا الأمر أيضا من خلال التراشق الإعلامي الحاد بين أنصار المجلس وبين الناشطين والإعلاميين السعوديين على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

خلال الأيام الماضية، كان موقع تويتر ساحة لمعارك كلامية طاحنة بين الطرفين، وكان وادي حضرموت حاضرا بقوة. إلى جانب الوادي، حضر الإخوان المسلمون، وحضرت الضاحية الجنوبية، كتُهم متبادلة، وهو ما لم يحدث على هذا النحو منذ بداية العدوان على اليمن قبل أكثر من ثماني سنوات.

 

لكن اللافت، هو أن موقف الناشطين والإعلاميين السعوديين، والذي يعكس الموقف الحقيقي لبلادهم بطبيعة الحال، لم يكن حاضرا حين اجتاح الانتقالي محافظتي أبين وشبوة، ما يعني أن الموقف السعودي لم يكن ضد ما حدث في المحافظتين، بغض النظر عن الأهداف والدوافع. 

 

ما يؤكد ذلك، هو أن السعودية كانت قد استبقت الاجتياح بإقالة المحافظ السابق محمد صالح بن عديو، المحسوب على الإصلاح، وعينت بدلا عنه الشيخ عوض بن الوزير، المقرب من الانتقالي ومن دولة الإمارات.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تغض فيها السعودية الطرف عن تحركات الانتقالي العسكرية في المحافظتين، حين يكون الإصلاح هو الخصم، إذ يمكن القول إن ما حدث في 2021 كان امتداد أو تكملة لما حدث بين العامين 2019\2020.

ما يعني أن السعودية لا تغض الطرف عن توسع الانتقالي من أجل مشروعه الخاص، وإنما من أجل مشروعها هي، بمعنى أنها تتعامل معه كأداة لمرحلة معينة أو لظرف معين، كما تتعامل مع بقية التشكيلات الموالية لها.

 

من هنا، يمكن القول إن السماح بسيطرة الانتقالي على عدد من المحافظات الجنوبية، كان جزءا من الإدارة السعودية لصراع الأطراف في اليمن، غير أنَّ الانتقالي لديه مشروع يتجاوز حدود وطبيعة المتاح له سعوديا، إضافة إلى ارتباطه الوثيق بالإمارات، ولن تسمح السعودية بوصوله إلى مستوى يصعب معها السيطرة عليه، لأنه، بالنسبة لها، أداة إماراتية في نهاية المطاف. ولا شك أن الرياض تخشى وجود الإمارات وتحركها في مناطق نفوذها تحت أي مسمى.

 

بين العامين 2016\2017، زار ضباط أمريكيون مديرية الصعيد في شبوة، والتقوا بعدد من العسكريين الإماراتيين، على إثر عمليات شكلية ضد تنظيم القاعدة في بعض مناطق المحافظة. تشير مصادرنا الخاصة، إلى أن تحرك الإمارات على هذا النحو في مناطق النفوذ السعودي أزعج المملكة كثيرا.

 

ـ تمرد:

تدرك السعودية أن تجاهل الانتقالي لتحذيراتها، وتلويحه الدائم بالتقدم عسكريا نحو وادي حضرموت، وفرض أمر واقع في مناطقه، يتم بإيعاز إماراتي، لهذا تعاملت معه كمتمرد، وإن لم تعلن عن ذلك.

كانت السعودية قد التقطت ما يمكن أن نطلق عليه "إشارات سوء نية" في وقت سابق من قيادات في المجلس الانتقالي. فقبل أحداث حضرموت، كان نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، هاني بن بريك، قد هدد ضمنا بمواجهة عسكرية مع السعودية‘ إن هي وقفت ضد مشروع المجلس. قال بن بريك من على منبر أحد المساجد بعدن، إن أنصار الله صمدوا في وجه السعودية أعواما ولم ينكسروا، في إشارة إلى أنه قد يلجأ أيضا إلى خيار الحرب.

  

في العام 2019 أيضا، ظهر الإعلامي المحسوب على الانتقالي، صلاح السقلدي عبر قناة "روسيا اليوم"، وتوعد السعودية بالرد إن هي وقفت ضد الإدارة الذاتية التي أعلن عنها المجلس. وقد تعاملت السعودية مع هذه التصريحات كإشارات إلى طبيعة ما يضمره الانتقالي.

ربما دللت السعودية الانتقالي في بادئ الأمر لأنه ابن الأرض، ومجاملة للإمارات كحليف ظاهر لها، وإلا فإن مشروعه، وأيضا ارتباطه الخارجي، يتعارض مع مشروعها وأهدافها، لكن شعورها بأن الأمر قد يخرج عن سيطرتها، دفعها إلى تجاوز أو تجاهل بعض الاعتبارات، والتسريع ببعض الخطوات.

في هذا السياق تأتي خطوة الإعلان عن تشكيل قوة جديدة تحت مسمى درع الوطن، والدفع بها إلى مناطق خاضعة لسيطرة الانتقالي، كعدن وأبين ولحج والضالع.

 

ـ خلاصة:

صحيح أن تشكيل قوات "درع الوطن"، والدفع بها إلى مناطق سيطرة الانتقالي، مؤشر إلى وجود خلاف كبير، وسيحد من نفوذ المجلس، إلا أن ذلك لا يشي برغبة سعودية في طي كلي لصفحته، لأن ذلك سيقوم على حساب سياسة إدارة السعودية لصراع الأطراف والتناقضات في المحافظات المحتلة.