الإمارات تمحو بصماتها في عدن

YNP /  إبراهيم القانص -

يدفع المواطنون في المحافظات اليمنية التي يسيطر عليها التحالف، ثمناً باهظاً لانجرارهم خلف الشرعية التي جلبت التحالف ومهدت الطريق لدخوله، واندفع المواطنون للترحيب بقواته تبعاً لشعارات التحرير والوعود بحياة أفضل،

وكثر حينها الحديث عن دوافع إنسانية تم بموجبها تسويق دخول قوات التحالف على أنه واجب تفرضه حقوق الجوار والعروبة والدين، مع ما رافق ذلك من حملات إعلامية تضليلية لعمليات توزيع كراتين من التمور وسلال غذائية، كانت بمثابة الطُّعم الذي أوقع الفريسة في الفخ، وكانت مدينة عدن أكثر المناطق خسارةً وألماً، فمنذ سيطرت الإمارات عليها أواخر عام 2015م، لم يتوقف مسلسل الاغتيالات والاختطافات والانهيار الأمني والمعيشي، حتى اللحظة.

 

الفصائل العسكرية المحلية، كانت الأداة المباشرة لتنفيذ المخططات الإماراتية في عدن والمحافظات الجنوبية بشكل عام، وهي القوات التي تم إلحاقها بالمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي كان مجرد واجهة لتمرير مخططات أبوظبي وأطماعها التوسعية، وكان فعلاً المطية التي أوصلتها إلى السيطرة على الموانئ والجزر اليمنية الاستراتيجية.. لكن أبناء عدن وحدهم دفعوا ولا يزالون يدفعون الثمن الأكبر للقبول بالتدخل الأجنبي في مناطقهم، فهم من يتعرضون للاختطافات والإخفاءات القسرية وأنواع التعذيب في السجون الإماراتية السرية التي تنتشر في أرجاء المحافظة.

 

أمهات المختطفين والمخفيين قسراً في عدن، لا يزلن حتى اللحظة يطالبن الإمارات وأدواتها بالكشف عن مصير أقاربهن المغيبين في السجون والمعتقلات السرية التي تديرها أبوظبي وتشرف عليها قوات الانتقالي التابعة للإمارات، وفي آخر وقفة احتجاجية نظمتها رابطة أمهات المختطفين في عدن، الأحد الماضي، طالبت الأمهات بكشف مصير 61 مخفياً، وإطلاق سراح 37 آخرين، يتلقون صنوفاً من وحشية التعذيب المنافي لكل قيم الإنسانية، ورغم أن الوقفات الاحتجاجية والمطالبة مستمرة منذ سنوات إلا أن التجاهل التام هو الجواب الوحيد الذي تصطدم به الأمهات، ولا يستبعد أن تكون حالة التجاهل هذه قد هيأتهن نفسياً لتلقي خبر تصفية أولادهن، حيث لا معنى للتكتم على مصيرهم سوى أنهم قد تعرضوا للتصفية، خصوصاً أنهم لم يواجهوا حتى الآن أيّ تهمة ولم يعرضوا على الجهات القضائية، رغم مطالبة أمهاتهم بمحاكمتهم علناً، إذا ما كانوا قد ارتكبوا أي جريمة.

 

في السياق، بدأت الإمارات أسلوب العصابات نفسه مع من يمتلك أدلة على تورطها في عمليات الاغتيالات التي بدأت منذ مجيئها إلى عدن ولم تتوقف حتى اللحظة، حيث تمت تصفية رئيس محكمة استئناف عدن، القاضي فهيم الحضرمي، داخل شقته في العاصمة المصرية القاهرة، وفي ظروف غامضة، فجر أمس الإثنين.

 

ناشطون وحقوقيون أكدوا أن القاضي الحضرمي كان يحمل ملفات القتل والاغتيالات والتصفيات التي حدثت في عدن منذ وصول القوات الإماراتية وسيطرتها على المدينة، وتتضمن اغتيال الكثير من الناشطين السياسيين والحقوقيين المناوئين للتحالف، وللوجود الإماراتي تحديداً، وكان القاضي الحضرمي صرح في آخر مقابلة صحافية مع "عدن تايم" بأنه يتعرض للتهديد ومحاولات الانتقام.

 

وأكد القيادي السابق في المقاومة الجنوبية، عادل الحسني، أن القضاة الذين فتحوا ملفات الاغتيالات في عدن، ونشروا اعترافات ضباط إماراتيين، ومن وصفه بأداتهم المنفذة هاني بن بريك، قد تعرضوا للاغتيال، ومنهم القاضي محمد علي صالح، القاضي علي جميل، ثم القاضي فهيم الحضرمي، الأمر الذي يثير عدداً من التساؤلات والمخاوف من أن تكون الإمارات تحاول تنظيف سجلها الإجرامي بتصفية كل من يملك الأدلة التي تدينها، ومن وجهة نظر مراقبين فإن الأدوات التنفيذية التي استخدمتها أبوظبي كخلايا للاغتيالات ستكون أيضاً هدفاً للتصفية في متوالية القتل التي حفل بها سجل الإمارات من أول يوم وصلت فيه قواتها إلى عدن.