السيطرة البحرية كأهم أهداف السعودية والإمارات من وراء الحرب في اليمن

YNP / خاص -

مثلت الأهداف البحرية لكل من السعودية والإمارات أبرز دوافع الدولتين لخوص الحرب التي أعلنتها الأولى على اليمن أواخر مارس 2015، حيث انطلقت الدولتان مدفوعتان بأطماع السيطرة البحرية على مسار الملاحة الدولية في البحر العربي والأحمر ومضيق باب المندب، والنفوذ على امتداد هذه المنطقة، وهو ما لم يكن يتحقق إلى بإعلان الحرب في اليم تحت عناوين غير واقعية وغير حقيقية، نظرا لما تتمتع به اليمن من موقع استراتيجي متميز، يمكنها من السيطرة على مسار الملاحة الدولية بين الشرق والغرب، بالإضافة إلى تحكمها بأهم ممر مائي في المنطقة، وهو مضيق باب المندب الذي يعبر من خلاله أكثر من 4 ملايين برميل من النفط يوميا.

وكشف تقرير تحليلي  لمركز كارينغي للدراسات التابع لمؤسسة كارينغي للسلام النقاب عن طبيعة التسابق السعودي الإماراتي في اليمن، بهدف السيطرة على الموانئ والجزر والمناطق الاستراتيجية في البلاد، مشيرا إلى أن الأهداف البحرية للإمارات والسعودية في حرب اليمن لعبت دورًا أساسيًا في تحديد اتجاه الصراع.

وأوضح التقرير أن التدخل العسكري للتحالف بقيادة السعودية في مارس 2015 مهد الطريق أمام السعودية والإمارات للسيطرة على الممرات المائية الحيوية، "مما أدى إلى استثمارهم في الموانئ والقواعد العسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن.

وقال التقرير إنه بعد أن "أصبحت عدن العاصمة المؤقتة لليمن، سمح ذلك للتحالف وشركائه المحليين بتأسيس موطئ قدم في الجنوب" إلا أن "الهجوم المضاد للتحالف، شمالاً، فقد زخمه وأصبح الصراع مسدودًا تدريجيًا"، وفي ضوء ذلك، بدأت الإمارات منذ عام 2018 فصاعدًا في إعادة ضبط استراتيجيتها، وتعزيز مصالحها، حيث كانت أهدافها الأساسية هي السيطرة على السواحل اليمنية والممرات الملاحية وتنفيذ استراتيجية "سلسلة من الموانئ"، وأدت هذه العملية إلى تنافس بين الرياض وأبو ظبي حيث تباعدت مصالحهما في اليمن.

وذكر التقرير أنه "على الرغم من أن الأولويات البحرية لدولة الإمارات العربية المتحدة أدت إلى توترات مع المملكة العربية السعودية، يرغب كلا البلدين في تجنب حدوث قطيعة في علاقتهما، إلى حد كبير، ومع ذلك فإن كلا الجانبين لديه أولويات أخرى في البلاد يصعب التوفيق بينها، مما يجعل من المرجح أن يستمروا في الانخراط في صراع من أجل النفوذ.

وقال إن "ما يحدث في اليمن، الذي يقع في موقع استراتيجي على طول خليج عدن عند تقاطع البحر العربي والبحر الأحمر، كان حاسمًا لطموحات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الإقليمية والبحرية". موضحا أنه "لا يمكن أن تؤثر السيطرة على سواحل البلاد على الشحن العالمي عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب فحسب، بل يترك أيضًا للمسؤولين الإماراتيين والسعوديين خيار تجاوز مضيق هرمز المضطرب بشكل متزايد، والذي هددت إيران بإغلاقه في عدة مناسبات".

وأضاف التقرير أن الدعم المالي والعسكري من الإمارات للميليشيات المحلية، ولا سيما المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو حركة انفصالية ساعدت في إنشائها في عام 2017، بالإضافة إلى غيره من الفصائل المسلحة التابعة لها، منحها نفوذاً كبيراً، لا سيما على المواقع البحرية الأمامية، وتهيأت لها بذلك الفرصة لوضع حلفائها على طول الساحل للسيطرة على الموانئ اليمنية وحقول النفط والغاز ومحطات التصدير، وقد فعلت ذلك في محافظات عدن وحضرموت وشبوة وتعز، بالإضافة إلى أرخبيل سقطرى وجزيرة ميون (المعروفة أيضًا باسم بريم) في مضيق باب المندب. كما استثمر القادة الإماراتيون في بناء وتجديد الموانئ المحلية والقواعد العسكرية، وبالتالي عززوا سيطرتهم على جميع هذه المرافق.

وفي المقابل اتبعت السعودية مسارًا مشابهًا، بحسب التقرير، وذلك من خلال متابعة هدفها المتمثل في تعزيز سيطرتها في محافظة المهرة". ويضيف أنه "بحسب وثيقة مسربة عام 2018، خططت الرياض لبناء خط أنابيب من منطقة نجران إلى ساحل المهرة اليمني، لمواصلة تصدير النفط إذا أغلقت إيران مضيق هرمز. ومع ذلك، لا يوجد في الوقت الحالي أي مؤشر على أن هذه الخطة تمضي قدمًا"، كما أن  تركيب الرافعات السعودية في موانئ عدن والمكلا والمخا يشير إلى توسع المصالح البحرية للرياض في اليمن، خارج المهرة.

وذكر التقرير أنه وللمساعدة في مواجهة النفوذ المتنامي لدولة الإمارات في جنوب اليمن، أنشأت السعودية ودعمت العديد من الميليشيات المحلية الخاصة بها. وشمل ذلك قوات درع الوطن في عدن ولواء المجد في أبين"، معتبرا ذلك "سابقة خطيرة من شأنها أن تؤسس لقتال ضروس في الجنوب بين الميليشيات الموالية للسعودية والموالية للإمارات".

وكشف التقرير عن توافق الرياض وأبوظبي على بقاء الانقسام في اليمن دون تحقيق انفصال للجنوب عن الشمال، ما دام في ذلك خدمة ﻷهداف الدولتين، حيث تستفيدان من استمرار التجزئة، وهو وضع مثالي يسمح لهما بمواصلة السيطرة على الموانئ اليمنية"

وتطرق إلى الخطر الذي تراه كل من الرياض وأبو ظبي على استراتيجيتهما في السيطرة البحرية على المياه الإقليمية اليمنية، في حال سيطر طرف صنعاء على اليمن، موضحا أن ذلك سيشكل ضربة قاصمة لأهداف الدولتين اللتين قادتا الحرب في البلاد بناء عليها، فمن وجهة نظر الإمارات، فإن اليمن الذي يسيطر عليه الحوثيون هو السيناريو الأسوأ لأنه سيحرم أبو ظبي من النفوذ في البحر العربي والبحر الأحمر، بينما يحرم الإمارات أيضًا من الوصول إلى عقود إعادة الإعمار المربحة بعد الحرب في اليمن، وبالمثل بالنسبة للسعودية، فإن سيطرة الحوثيين على اليمن ستكون كارثية بالنسبة لطموحات المملكة الإقليمية.