كيف انتزعت صنعاء الاعتراف بقوة اليمن واستقلاله وليَّنت لغات التخاطب المتعالية؟

YNP / إبراهيم القانص -
"لا يمكن أن يسود الأمن في المنطقة إلا إذا توفّر في اليمن"، هذا ما نقلته قناة الجزيرة عن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي، الذي ظل حتى وقت قريب يؤيد عمليات التحالف العسكرية في اليمن، في تحول غير مسبوق للغة التخاطب السياسية مع اليمن، بعد العرض العسكري الكبير الذي نظمته قوات صنعاء في ميدان السبعين بأمانة العاصمة احتفاءً بما أسمته العيد التاسع لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر.

اللغة السياسية الجديدة لمجلس التعاون الخليجي تزامنت مع تصريحات القيادات العسكرية لقوات صنعاء، وعرضها العسكري غير المسبوق، من حيث ربط استقرار دول الخليج باستقرار اليمن، الأمر الذي يمكن اعتباره مؤشراً على مضي التفاوضات بين الرياض وصنعاء باتجاه تنفيذ شروط الأخيرة التي جاء في مُقَدَّمِها الملف الإنساني والاقتصادي وخروج القوات الأجنبية من اليمن، يقول مراقبون.

الإمارات بدورها سارعت إلى تقديم عرض إلى صنعاء عبر رئيس أكبر المكونات الموالية لها، عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، وذلك عقب الاستعراض العسكري غير المسبوق الذي شهدته العاصمة اليمنية صنعاء، الخميس الماضي.

الزبيدي، أفصح في تصريح صحافي عن رغبة مجلسه في التفاوض مع "الحوثيين" بشأن الجنوب، وأياً كان غرضه من هذا التصريح الذي جاء عقب مهاجمته السعودية في تصريح سابق، فهو يتحدث بلسان مموليه وداعميه الإماراتيين، الذين ليسوا في وضع جيد فيما يخص علاقتهم وشراكتهم مع السعوديين، وتزامن هذا التصريح مع العرض العسكري الكبير في صنعاء يحمل دلالة كبيرة في تغير المواقف، فالإمارات أيضاً في مرمى ذلك السلاح المهول الذي تم استعراضه وفي مرمى بنادق تلك القوة البشرية الهائلة ذات المستوى القتالي الميداني العالي.

الناشطون السياسيون علقوا على العرض العسكري لقوات صنعاء، حيث وصف الناشط والقيادي السابق في المقاومة الجنوبية، عادل الحسني، على منصة إكس، العرض العسكري كحدث غير مسبوق بأنه تاريخ جديد يكتب بعد سنوات من الحرب والدمار، قائلاً: "خطاب صنعاء هذا يوم له ما بعده، هنا الصرح الممرد، وهنا الفخر المشدد، هنا اليمن الكبير المتجدد"، مضيفاً: "تعلن اليوم صنعاء بصوت عالٍ أنَّ هذه لحظتها الفارقة التي قاومت لأجلها كثيراً، وسالت في سبيلها دماء غزيرة"، مشيراً إلى أن ذلك يُعدّ انتصاراً للجميع، ولحظة اعتزاز يماني بأنَّا صخور راسية لا تهزنا الأزمات أو تثنينا المؤامرات".

الحسني لفت إلى أن صنعاء تقود اليمن مرة أخرى نحو استعادة الدولة المفقودة، وأنها تبدأ بشكل لافت مرحلة أكثر قوة، ولم تعد رقماً صعباً في المشهد اليمني فحسب، وإنما على مستوى المنطقة، بحكم يمني وإدارة يمنية وقرار يمني كامل- في إشارة سلب التحالف قرار وإرادة الشرعية بمجلسها الرئاسي وحكومتها- وإثبات صنعاء أنها استطاعت التخلص والاستقلال من الوصاية الأجنبية بكل أشكالها.

الناشط الإعلامي الجنوبي، الصحافي أنيس منصور، قال إن صنعاء أثبتت قوتها وإنجازاتها وانتصارها، على عكس ما وصفها بحكومة التحالف، التي قال إنها تقود وتنفذ مشاريع انتهاك السيادة من خلال بيع الاتصالات والموانئ وغيرها من مقدرات اليمن، مهاجماً الناشطين الموالين للتحالف الذين حاولوا التقليل من العرض العسكري والقوة والتصنيع الذي يحسب لقوات صنعاء، واعتبرها سفاسف طفولية، عجزت عن أن تمتلك الشجاعة لتحليل: ما الذي جعل صنعاء تنتصر وتفاوض للسلام كطرف منتصر وأمر واقع فرضته واضطرت السعودية القبول به ودعمه، واختتم حديثه بالقول: "نحن لدينا حليف وتحالف غادر فاجر كاذب ماهي إلا أيام ويترككم في المجهول"، في إشارة إلى القوى والفصائل الموالية للتحالف.