لا شيء مؤكدا حتى اللحظة حول ما إذا كان هذا القرار الأمريكي بشأن العملية البرية جادا أم مجرد تهديد بأخذ التصعيد ضد صنعاء إلى أبعد مستوى، لكنَّ كلَ شيء وارد، خصوصا في ظل تحركات طارق عفاش الأخيرة، وأيضا تحركات رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي. كان الزبيدي قد أكد في تصريحات سابقة أن الغارات الجوية لا تكفي، ولا بد من دعم عملية برية.
ومع إصرار قوات صنعاء على استمرار عملياتها ضد السفن الإسرائيلية والسفن المتجهة إلى الأراضي المحتلة في البحرين الأحمر والعربي، من غير المستبعد أن تتحول التهديدات الأمريكية بدعم عمليات برية غرب اليمن إلى واقع عملي، أو إلى خيار إجباري وحيد. لكن ماذا عن نتائجها؟.
نلاحظ أن بريطانيا وأمريكا، ومنذ بداية عدوانهما على اليمن، يسيران على نهج التحالف السعودي ـ الإماراتي في اليمن، ويحصدان نفس النتائج، وقد يصبح الأمر أسوأ مستقبلا. في السابق، كان الإسناد الجوي للقوات البرية التابعة للتحالف عامل تفوق، لكنه لم يكن حاسما، بدليل ما آلت إليه حرب الثمان سنوات. حاليا، وفي ظل التطور السريع للصناعات العسكرية، باتت قوات صنعاء تمتلك عامل التفوق الجوي، وبكلفة منخفضة جدا.
في الواقع، لا تذهب أمريكا بالتصعيد إلى أبعد مدى بقرارتها الأخيرة، بقدر ما تفقد هيبتها العسكرية أكثر وأكثر. وقد يكون هذا المكسب الأكبر لقوات صنعاء: إضعاف الهيمنة الأمريكية والغربية في المنطقة.
أما الأدوات المحلية التي ستشارك في العملية البرية، إن حدثت، فستنبذ شعبيا بشكل غير مسبوق. فإذا كانت المعركة السابقة قد دُشنت وتم تسويقها تحت مسمى "إعادة الشرعية"، ومحاربة نفوذ إيران، على حد زعم أصحابها، فإن العملية الحالية أمريكية بامتياز، ولخدمة الكيان الإسرائيلي، ومن الصعب تسويق أهداف أخرى لها، من قبيل "حماية الملاحة الدولية" وغيرها، على اعتبار أن الملاحة في البحر الأحمر لم تتعرض لأي تهديد، حيث اقتصرت عمليات قوات صنعاء على السفن الإسرائيلية والمتجهة إلى الأراضي المحتلة. وها هي الشركات الأخرى تبحر بأمان، وترفع شعار "لا علاقة لنا بإسرائيل". هذا الشعار رفعته حتى سفن المملكة العربية السعودية، أبرز حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة. لقد حرصت قوات صنعاء، مع كل تبني لعمليات استهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل، على التأكيد بأن الملاحة في البحرين الأحمر والعربي آمنة لغير سفن الاحتلال.
وما يهمنا هنا هو أن العملية البرية التي ستقودها قوات محلية بدعم أمريكي وبريطاني جوي، هدفها الأول والرئيسي هو حماية إسرائيل، ولا علاقة لها بتأمين الملاحة، لأن الملاحة في البحر الأحمر آمنة أصلا.
وكما كان الهدف من تشكيل تحالف بحري، وإطلاق عملية جوية، والتصنيف في قائمة الإرهاب، هو حماية إسرائيل، فإن العملية البرية تأتي في ذات السياق، وحلقة جديدة في سلسلة الضغط الأمريكية. لقد فشلت أمريكا في تمرير هذا المبرر حتى على حلفائها في المنطقة، فبعد حديثها عن انفصال عمليات البحر الأحمر عما يجري في غزة، جاءت تصريحات وزارة الخارجية السعودية لتؤكد الارتباط الوثيق بين الأمرين.
- عبدالرزاق علي - عرب جورنال