تقرير - إبراهيم القانص
كانت المهرة المحافظة اليمنية الوحيدة البعيدة عن الفوضى السياسية والأمنية، حيث ظلت في منأى عن الحرب العبثية التي يديرها التحالف في اليمن؛ لكن السعودية كانت قد وضعتها في مرمى أطماعها التوسعية،
حيث وجدت في الاضطرابات التي تمر بها البلاد عموماً فرصة سانحة للبدء بتنفيذ أهدافها الأزلية في أكبر محافظة يمنية بعد حضرموت.
بدأت المملكة العربية السعودية تنفيذ أجندتها الاحتلالية لمحافظة المهرة اليمنية بتمويل مشاريع تحت عناوين إنسانية وتنموية، تصل من خلالها إلى تحقيق حلمها القديم الجديد المتمثل في مد أنبوب نفطي عبر أراضي المهرة إلى بحر العرب، لتأمين صادراتها في حال قررت إيران منعها عن طريق مضيق هرمز.
قاعدة إمداد
دخلت القوات السعودية إلى المهرة مدعية أنها ستتخذ من المحافظة قاعدة لإمداد بقية المحافظات التي يدير فيها التحالف حربه، ومن جهة أخرى بهدف الإغاثة، إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث؛ والذي حدث فقط كان وصول طائرات حربية وألوية عسكرية سعودية، وتم إنشاء أكثر من 26 معسكراً سعودياً، وسيطرت القوات السعودية على مطار الغيظة واتخذته مقراً لها.
أنشأت السعودية سجناً سرياً داخل مطار الغيظة، وبدأت تزج بمعارضيها داخل ذلك السجن وتنكل بهم، ساندها في ذلك الولاءات القبلية التي اشترتها بأموال طائلة، إلا أن أبناء المهرة أدركوا مبكراً أن السعودية لم تأت بغرض التحرير من الحوثيين كما ادعت؛ بل جاءت لاحتلال المهرة واستغلال ثرواتها ومنافذها البرية والبحرية.
اعتصام مفتوح
اتخذ أبناء محافظة المهرة قرارهم بالوقوف في وجه القوات السعودية وبدأوا اعتصاماً مفتوحاً مطالباً برحيل تلك القوات ومغادرتها المحافظة، بعدما تبين لهم أن السعودية لم تأت بهدف إعادة الإعمار وإنما لأطماع وأجندات خاصة بها تجلت في سيطرتها على مطار الغيظة ومنفذي شحن وصرفيت ونشر القوات قرب مرافئ الصيد، إضافة إلى الممارسات الاحتلالية التي أدركها اهالي المهرة جيداً.
فقد أبناء المهرة ثقتهم في التحالف السعودي الإماراتي، وأصبحوا واعين بأن هذا التحالف يعمل ضد مصالح اليمنيين، فقرروا بدء الكفاح السلمي ضد التواجد العسكري السعودي في المهرة، ملوحين بأن الخيارات مفتوحة في سبيل خروج القوات السعودية من المهرة، وكانت إشارة واضحة إلى أنهم مستعدون للكفاح المسلح حتى تخرج القوات السعودية من محافظتهم.
تجاوز الخطوط
تجاوزت السعودية كل الخطوط وانتهكت السيادة الوطنية في محافظة المهرة، وامتدت عمليات التفتيش في منفذ شحن إلى السيطرة على المنفذ ومنه على السواحل، لكن أبناء المهرة مصرون على خروج القوات السعودية، وقد أشار قادة لجنة الاعتصام إلى أنهم واثقون في أن السعودية ستهزم وستخرج من المحافظة بالسلم أو بالقوة، وأن عناوينها الإنسانية والتنموية لم تعد تنطلي عليهم، بل أصبحوا على يقين بأن المملكة لا تريد سوى أن تكون المهرة عمقاً استراتيجياً لها، وطريقاً يعبر من خلالها أنوبها النفطي الذي لطالما حلمت به السعودية وتحاول حتى اللحظة تنفيذه.
السعودية والإمارات
لا تختلف ممارسات السعودية في المهرة عن ممارسات الإمارات في عدن، فمداهمة المنازل واختطاف المواطنين وتعذيبهم في سجون سرية؛ سمات مشتركة أوجدها تشابه وواحدية الأهداف، حتى أن الاستخبارات الإماراتية لا تزال تعمل داخل محافظة المهرة.
لا تزال القوات السعودية تنتهك السيادة وحقوق المواطنين في المهرة وتختطف الإعلاميين والمناوئين لها داخل سجونها السرية، يحدث ذلك تحت غطاء السلطة المحلية منذ زرعت السعودية رجلها الأول وهو المحافظ الموالي لها، راجح باكريت، الذي أصبحت مطالبة المهريين بإقالته بمستوى المطالبة برحيل القوات السعودية، ورغم كل ما كُشف عن باكريت من محاولات إدخال المهرة في فوضى أمنية، وأزمة مالية، إلا أن موقف الحكومة الشرعيةلا يزال ضبابياً وكأن الأمر ليس بيدها لإقالته، الأمر الذي أثار استغراب المهريين، إذ كيف تطلق على نفسها "شرعية" في وقت لا تستطيع إقالة محافظ عابث مثل باكريت.