تقرير/ عبدالله محيي الدين
بات نقل البنك، من عدن، مطلبا ملحا لدى صندوق الدولي، وذلك لعدة اعتبارات، أهمها، عدم توفر البيئة الملائمة، والتي تمكن البنك المركزي اليمني من أداء دوره، كمؤسسة سيادية لكل اليمن.
تعددت دواعي طلب صندوق النقد الدولي لنقل البنك من عدن إلى الخارج، فمنها ما هو سياسي، ويتمثل في رفض بعض الأطراف الجنوبية، تمكين البنك من أداء عمله كمؤسسة سيادية مستقلة، ومنها ما هو ناتج عن الوضع الأمني المنفلت، والفوضى التي تعيشها العاصمة المؤقتة، ومنها ما له علاقة بالصراع القائم بين حكومة هادي والحوثيين، وعدم التوصل إلى صيغة اتفاق لتحييد البنك، وتوحيد السياسة المالية والنقدية للبنك المركزي في كل من صنعاء وعدن.
حافظ معياد، المعين من قبل الرئيس هادي محافظا للبنك المركزي اليمني، كشف في تصريحات صحفية له، عن تفاصيل جديدة حول اجتماعه الأخير بصندوق النقد الدولي الذي عقد من الفترة 1 إلى 10 يوليو الجاري.. مشيرا إلىأنه أبلغ صندوق النقد الدولي برفض قيادة البنك نقله إلى الخارج؛ كون البنك المركزي يعد أهم مؤسسة سيادية للدولة، فضلًا عن تعارض ذلك مع قانون البنك ولوائحه.
وفي ما يخص نقل البنك إلى محافظة أخرى داخل البلاد، أضاف معياد،أنه طرح على صندوق النقد إمكانية نقل البنك المركزي إلى سيئون في محافظة حضرموت، وذلك في حال لم تتوفر البيئة المناسبة لبقائه في عدن، لافتاً إلى أن هذه البيئة تتمثل في توفر الجانب الأمني، بالإضافة إلى قبول الموظفين القادمين من جميع فروع البنك بالبلاد، وهو ما نفاه لاحقا مسئول في البنك المركزي، نتيجة لما أثاره هذا التصريح من قلق واضطراب في الأوساط السياسية والاقتصادية.
تصريحمعياد، الذي نفاه لاحقا مصدر مسئول في البنك، في إفادة خاصة للمركز الإعلامي للبنك المركزي اليمني، قال إن خمسة فقط من الموظفين الذين قدموا من فروع البنك بالمحافظات التي تخضع لسيطرة الحوثيين إلى البنك المركزي بعدن، من أصل 300 موظف... وأشار إلى أن صندوق النقد الدولي، طلب من البنك المركزي تطبيق نظام الحوكمة في إدارته، مشيرا إلى أن الصندوق سوف يرسل خطة بهذا الشأن لإدارة البنك المركزي، وسيتم مناقشتها بعد ذلك لإقرارها وتنفيذها.
ورغم نفي التصريح الذي نشره موقع إرم نيوز الإماراتي، من قبل مصدر مسئول في البنك المركزي، إلا أن الموقع عاد لتأكيد صحة ما نشره، مشيرا إلى أن لديه توثيقا لذلك التصريح.
وكان تكتل القطاع الخاص اليمني قد قرر بالإجماع، في اجماعه الذي عقد مؤخرا في العاصمة الأردنية عمَّان، القيام بتحرك عملي وعاجل خلال الأسابيع القادمة، لجمع القائمين على السياسات النقدية والمالية في كل من صنعاء وعدن، للاتفاق على تحييد البنك المركزي اليمني، وسياساته وآلياته وأعماله، عن الصراع الدائر وعن الضغوطات المرافقة لها سياسيا، وذلك من خلال التخاطب والتنسيق المباشر مع مكتب المبعوث الأممي مارتن غريفيث، وصندوق النقد والبنك الدوليين، لجمع قيادتي البنك المركزي بصنعاء وعدن للاتفاق على تحييد البنك عن الصراع.
وكان التكتل قد عقد بحضور مجموعة من رجال المال والأعمال اليمنيين اجتماعا مع ممثلي صندوق النقد الدولي، في الأردن، تناولوا فيه طرح شامل للتحديات التي يواجهها القطاع المصرفي في اليمن، وما يعانيه من انهيار في ظل الصراع القائم، واستعدادهم لبذل كل الجهود مع المجتمع الدولي والأطراف المتصارعة، لإيجاد حل ينقذ القطاع المصرفي من الانهيار.
مصادر مطلعة أكدت أن هذه التحركات، ستقود إلى طرح قضية البنك المركزي بقوة، على طاولة المفاوضات التي تدار بصورة غير علنية بين أطراف الصراع في اليمن، وبرعاية أممية ودولية، وذلك لما لهذه القضية من حساسية، سيما بعد التدهور الاقتصادي الكبير الذي تسبب تضارب السياسات المالية والنقدية بين كل من صنعاء وعدن، وما خلفه ذلك من تحديات تهدد بانهيار القطاع المصرفي في البلاد.
التحركات الأخيرة فيما يخص البنك المركزي اليمني، تزامنت مع تكشف ملفات فساد جديدة، في أروقة البنك، اتهم فيها شكيب حبيشي، نائب المحافظ، ومنها التواطؤ مع شقيقه (نوفل سعيد عبدالله حبيشي)، في عملية مضاربةبالعملة، وبالمخالفة للقانون المالي وتوصيات وزارة المالية، ما أدى إلى اكتساب غير مشروع بمبلغ وقدره مليار و300 مليون ريال، إضافة إلى فضحية إقدام مسؤول على تصوير خِزانات البنك المحصنة تحت الأرض، والممرات المؤدية إليها، وهو ما اعتُبر إفشاء لمعلومات قد تسهل عملية السطو على البنك ونهب الأموال، سيما في ظل الفوضى الأمنية التي تعاني منها عدن.