لم يتأخر رد الجانب الإيراني على تصريح بن سلمان بل جاء بشكل سريع معبراً عن الإيجابية والترحيب على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة رغم إشارته إلى التناقض والتضارب في تصريحات الجانب السعودي حيث قال : " المهم هو أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ترحب دائما بالحوار مع المملكة العربية السعودية، وتعتبره في صالح شعبي البلدين، وكذلك السلام والاستقرار بالمنطقة".
على العكس من ذلك لم تكن المنطقة على موعد مع السلام والاستقرار عقب تصريحات الجانبين .. بل كانت على موعد مع مواجهة عسكرية دامية بين حركات المقاومة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية عقب عملية قصف جوي وصاروخي نفذته الأخيرة على قطاع غزة مطلع مايو بحجة استهداف مواقع للمقاومة التي أعلنت بدورها عن "عملية سيف القدس العسكرية " في وجه تصعيد العدو الإسرائيلي وآلته العسكرية المتطورة ومواجهته بثورة صواريخ وطائرات مسيرة استطاعت بالفعل تجاوز منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي والوصول إلى عدد من المدن الصهيونية بما فيها تل أبيب.
بغض النظر عما أسفرت عنه تلك المواجهة من نتائج سلبية أو إيجابية وما ترتب عليها من مواقف وردود أفعال عربية وإقليمية ودولية تجدر الإشارة هنا إلى أنها وبالنظر إلى توقيت اندلاعها الزمني قد مثلت مؤشرا عملياً يمكن الوقوف من خلاله على حقيقة التقارب "السعودي - الإيراني" الذي تجسد في تصريحات ولي العهد السعودي والمتحدث باسم الخارجية الإيرانية قبل أيام قليلة من انطلاقها.
ولعل في موقف حلفاء النظام السعودي في المنطقة من معركة المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية الأخيرة وفي مقدمتهم نظام الإمارات الذي أعلن تطبيعه مع إسرائيل بصورة صريحة في سبتمبر من العام 2020م.
وكذا اتهام الجانب الإسرائيلي لإيران بدعم المقاومة الفلسطينية بالصواريخ والطائرات المسيرة ما يؤكد حقيقة أن التقارب السعودي الإيراني لم يكن سوى غطاء خداع سياسي .. يسعى الطرفان من خلال وقوفهما ورائه إلى تحقيق أهداف أخرى في إطار صراع التسابق على فرض السيطرة والنفوذ في المنطقة .. التي يمكن القول أن خيوط كل ملفات الصراع الدائرة فيها مرتبطة بشكل مباشر بالرياض وطهران والقوى الدولية الأخرى التي تقف إلى جانب كل منهما على مستوى العالم أجمع .
ولعل في مواقف العديد من دول العالم المختلفة والمتعارضة بين مؤيد للمقاومة الفلسطينية وآخر لإسرائيل ما يؤكد تلك الحقيقة .
وبالنظر إلى أبرز المواقف الدولية فقد تجسدت خلال جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي حول المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية ..
حيث جاء الموقف الأمريكي - رغم خدعة التغير الإيجابي في سياسة الرئيس الأمريكي الجديد بايدن تجاه منطقة الشرق الأوسط - داعما لإسرائيل ومحجما عن إدانة الأعمال العدوانية التي شنتها على الشعب الفلسطيني .
كما تجلى ذلك بوضوح في موافقة إدارة بايدن على بيع أسلحة دقيقة التوجيه لإسرائيل بقيمة 735 مليون دولار وفقا لما نشرته صحيفة واشنطن بوست من تأكيد ثلاثة من موظفي الكونجرس إنه تم إخطار الكونجرس رسميا بعملية البيع المزمعة في ال 5 من مايو .
وبالمقابل جاء الموقف الصيني معبراً عن الأسف لقيام الولايات المتحدة بعرقلة إصدار بيان لمجلس الأمن الدولي حول النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، مطالباً ببذل مزيد من الجهود الدولية لوقف دوامة العنف.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن العديد من تطورات الأحداث المتعلقة بالصراعات الدائرة على مستوى المنطقة تمثل بدورها أدلة وبراهين واقعية وموضوعية يمكن للمتابعين والمهتمين التوصل من خلالها إلى إجابات مقنعة تكشف لهم حقيقة وجود تقارب سعودي إيراني فعلي أم لا..
التقارب "السعودي - الإيراني" توافق حقيقي أم خداع سياسي ؟!
YNP - طلال الشرعبي :
منذ التغير الجديد في موقف الرياض تجاه طهران الذي لم يكن لأحد أن يتخيله سابقاً.. والذي تجلى بوضوح في تصريح نادر لولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال لقاء تلفزيوني أجراه في ال 28 من أبريل المنصرم عبَّر فيه عن موقفه تجاه إيران قائلا : "إيران دولة جارة، ونطمح في أن تكون لدينا علاقات مميزة معها .. نريد إيران دولة مزدهرة" .. شهدت المنطقة تطوراً دراماتيكياً متسارعاً في سير وقائع وأحداث صراع القوى الفاعلة على المستوى السياسي والعسكري .. وبالنظر إلى طبيعة تلك التطورات يمكن القول أنها قد فتحت الباب واسعاً لبروز الكثير من التساؤلات المتعلقة بحقيقة التقارب "السعودي - الإيراني" نحاول البحث عن إجابات لها في سياق التقرير التالي :
- تقارير
- الزيارات: 548