(الزبيدي) يعاند و(هادي) يراوغ !!

YNP  - قيـــس الـــوازعي :

عيدروس الزبيدي، ومَن معه مِن قيادات الطيش الجنوبي، على علم أكيد بأن العودة باليمن والشعب الموحًّدَين إلى ماقبل 22 مايو 1990م هو المستحيل بعينه !!

مع ذلك يُصرُّون على مخالفة العقل والمنطق والدستور والقوانين المحلية والدولية، مُتحدِّين إرادة الأغلبية الوحدوية في الجمهورية اليمنية، بل وفي العالم العربي، سعيًا منهم وراء أهوائهم المريضة للعودة بالزمن إلى ماضي التشطير والفرقة والاقتتال!؟

تغريهم في ذلك سياسة الرئيس هادي المهادنة، المراوغة، غير الحازمة في الدفاع المخلص والصادق والأمين عن الثوابت الوطنية المقدسة، التي في مقدِّمتها المنجز الوحدوي العظيم.

ولو أن الرئيس هادي احترم موقعه وقدر حجم مسؤولياته الوطنية وعرف حجم الأمانة الملقاة على عاتقه، لوقف موقفًا حازمًا، شجاعًا من هؤلاء المعاتيه المناطقيين المرضى، ولما تمادوا في ضلالهم يبحثون عن مستحيل لايمكن أن يتحقق مادام الشعب اليمني هو الحارس الأمين على منجزاته الوطنية!

ولانظن إلا أن الرئيس هادي هو الذي أقنع حلفاءه الخليجيين بالسير معه على درب سياسته الهزلية العقيمة، القائمة على المخادعة بكيل الوعود والمراوغة في الوفاء بها والمماطلة في تنفيذها، بالاعتماد على عامل الوقت، الذي يتوقع منه أن يقود الجهلة المخدوعين بمواعيده المكذوبة إلى حالة من الانقسام وربما الاقتتال وتناسي مطامع الانفصال.

ربما خشي الرئيس هادي من أن تنصرف بقايا الإجرام هذه إلى أعمال عدوانية فوضوية، في المحافظات الجنوبية، إذا تمت مواجهة مطالبها الانفصالية بالرفض الصريح!

فالرئيس هادي يعرف قومه ويفهم سيكيلوجيتهم النزاعة إلى الشَّر والبطش الدموي برفاق دربهم لمجرد الاختلاف في الرأي. ولاتزال أحداث عقود ما بعد الاستقلال ماثلة في الإذهان.

الرئيس هادي وحليفتاه (السعودية والإمارات)

يعرفون أن الانفصال أو( فك الارتباط، كما يحلو للقوم تسميته)، بعد أي وحدة اندماجية تذوب فيها الكيانات المتعددة والشخصيات المستقلة في كيان واحد يلغي ماكان قبله، هو مطلب بالغ الصعوبة، وربما مستحيل التحقق، من دون تراضي وتوافق جميع الأطراف. أمَّا أن يميل البعض إلى استخدام القوة لفرض الانفصال فذلك مرفوض إقليميًّا ودوليًّا! فمابالنا بشعب استعاد لحمته الوطنية بعد نضالات طويلة وتضحيات جسيمة، وهو اليوم على استعداد للتصدي، بقوة السلاح، لكل من تسوِّل له نفسه تمزيق وحدته؟

لاشك في أن لحليفتي هادي مطامع غير شريفة في اليمن ويدركان أنها لن تتحقق لهما إلا في ظل العودة إلى التشطير. لكن إدراكهما لاستحالة تلك العودة تجعلهما يلعبان على حبلي هادي والانتقالي معًا، حتى يضمنا بلوغ أهدافهما غير المشروعة بفوز وانتصار أحد الطرفين على الآخر.

السعودية والإمارات لاتثقان جيدًا بالانتقالي، حتى لو تمكن، جدلًا، من فرض التشطير بالقوة. فرجالاته أصحاب مشاريع اقتتال واغتيال ومناطقية.. ولايمكن الاعتماد عليهم في إقامة دولة مستقرة تلبي تطلعات القوى الإقليمية والدولية، لا في استثمارات ولا في تعاقدات طويلة الأمد.

لذلك انخرطت الدولتان مع هادي في لعبة   الممالاة أو المداراة لعيدروس ورفاقه، ربما تكافيًا لشرِّهم وإفسادهم في الأرض، وأملًا في أن تصل بهم الأهواء إلى صراع بيني يمزق صفهم الانفصالي أو أن تصل بهم الأيام إلى قناعات جديدة تعيدهم إلى الصف الوحدوي الطويل.

وما تقاعُس حكومة (المناصفة) الهزلية عن القيام بواجباتها الوطنية الخدمية إلا بهدف استفزاز الانتقالي، المتوقع منه ردودًا متهورة ، يتحمل بسببها المسؤولية عن إعاقة عمل الحكومة..وما ذلك كله إلا جزء من المخطط الهادف إلى إحداث الصدام الكبير بين المجلس الانتقالي والشارع، الأمر الذي سيؤول به وبمشروعه الضيِّق إلى الزوال.

المخطط نجح، حتى الآن، في بعض تفصيلاته، وبدأ يعطي ثماره بمغادرة الحكومة للعاصمة المؤقته، التي ستترك للغرق في المزيد من الإهمال والفوضى، وذلك كله سيكون على حساب حياة المواطن ومعايشه وأمنه واستقراره وراحة باله.

وبالفعل فقد بدأ المواطنون، رغم القبضة الأمنية القاسية، بالتعبير عن استيائهم، جهارًا، من تصرفات الانتقالي العبثية ولم يعد هناك سوى القليلين يحملون الشرعية مسؤولية معاناتهم الكثيرة، وذلك أحد مرامي هادي.

لكن مطالبة الزبيدي، فور وصول وفد الانتقالي  إلى السعودية، بعودة الحكومة إلى عدن للاستمرار بعملها، كشرط للإبقاء على اتفاق الرياض، أمر يثير الضحك. فهو يعرف أن مغادرة الحكومة لعدن ناتجة عن مضايقة الانتقالي لها.

ولا أدري إن كان عيدروس المتباهي بإنجازاته التشطيرية، قد أدرك أن وراء هذه المسرحية مخطط ساخر يراقب نتائجه مَن في الرياض وأبو ظبي ؟ ثم هل يعي عيدروس أنه هو ورفاقه أول من يرفض استكمال تطبيق بنود اتفاق الرياض وسيكون عرضة للمساءلة عن الأسباب والتقصير؟!

 

 

فما الذي سيحققه عيدروس من زيارته هذه للرياض غير المزيد من اتفاقات السخرية والمماطلة؟

سيستمر الزبيدي في عناده، سواء أفهم مخطط السخرية منه ومن مجلسه أم لم يفهم . وسيستمر هادي وحلفاؤه، بالمقابل، بمراوغاتهم، ولكن إلى متى؟ ومن هو المستفيد من هذه المهزلة، بعد السنوات الست؟!

مايؤسف له حقًّا أن الرئيس هادي قد استمرأ، على ما يبدو، لعبة سخريته من الانفصاليين، حتى كاد ينسى واجباته الدستورية. لم يعد هادي في وادي استعادة شرعيته المزعومة. بدليل أنه لم يعد يهتم بإقامة أية علاقة تواصل مع الدول الفاعلة والمؤثرة في العالم، بقدر اهتمامه بالمواجهة السياسية والعسكرية مع (أبنائه)  الانفصاليين في الجنوب!

والمؤسف، أيضًا، أن حليفيّ هادي وشريكيه في التعبث بمشاعر الانفصاليين هما أنفسهما من يُمنِّي الانفصاليين ويكيل لهم الوعود الزائفة بإمكان استعادة دولتهم. ثم أن الدولتين المتحالفتين مع غريمهم هادي لاتبخلان عليهم بالمال والسلاح؛ وهما الوسيلتان اللتان تستهوي أي عصابة منفلتة؛ في السلم قبل الحرب، وهما ما تلبيان تطلعاتها للنيل من خصومها وفرض وجودها وهيبتها بالقوة.

  • الخميس 3 يونيو 2021م.