ماذا بعد مناورة (حماة النيل) ؟

YNP - قيـــس الـــوازعي :

انتهت الاثنين الماضي 31 مايو المناورة العسكرية المصرية ـ السودانية، المسمَّاة (حُماة النيل). وهي المناورة الثالثة، خلال العام الجاري، بعد مناورتي ( صقور النيل 1، 2) الجوية.

المناورات الثلات أجريت على الأراضي السودانية، على خلفية قضية (سدّ النهضة) الإثيوبي. فكانت المناورة الأخيرة هي الأقرب مسافة من مبنى السَّد 450 كم.

كان مسؤولون ونشطاء مصريون، تحديدًا، قد توقَّعوا، بل إن بعضهم أكَّد، مهلّلًا، احتواء مناورة (حماة النِّيل) على خطة عسكرية هجومية على الأراضي الإثيوبية، وأنها لن تُجرى لمجرَّد التهديد لإثيوبيا، كالمناورتين السابقتين.

لكن الجديد في تأكيدات هؤلاء أن الهجوم على الأراضي الإثيوبية سوف يستهدف احتلال المنطقة، التي بنيت عليها منشأة السَّد، كإجراء ضروري، تتبعه عمليات تفكيك للسَّد، بدلًا من الفكرة السابقة الطَّائشة، التي دعت إلى تدميره، متجاهلة العواقب الكارثية لفيضانه على البلدين.

قبل بدء المناورة، التي شاركت فيها قوات ضخمة بريَّة وجويَّة من مختلف أفرع القوات المسلحة في البلدين، بساعات زار الرئيس المصري جمهورية جيبوتي، بصورة مفاجئة، حاملًا معه مايشبه الرَّشوة؛ مساعدات عينية للقوات المسلحة الجيبوتية.

كان هدف الزيارة واضحًا؛ وهو ممارسة مزيدٍ من الضغوط النفسية على القيادة الإثيوبية. كون جيبوتي دولة حدود مع إثيوبيا، ستضاف إلى الدول الإفريقية الحدودية الأربع، التي سبق التنسيق معها عسكريًّا، من الجانب المصري. الملاحظ أن الجانب السوداني آخِذ الأمور بالسهالة، فلم ينسق مع أحد!

الملاحظة اللَّافتة، دائمًا، أن الجانب الإثيوبي لم ينزعج من كل تلك التحضيرات العسكرية، ولم يهدد أو يتوعد أحدًا من الأطراف، بل التزم درجة عالية من ضبط النفس، تثير الإعجاب !

حتى عندما دفعت مصر القيادة السودانية لتحريض مقاتلي جبهة تحرير تيغراي على التمرُّد وقتال قوات الحكومة الفيدرالية أو عندما دفعتها لمهاجمة واحتلال أراضٍ إثيوبية، ظلت الحكومة الإثيوبية محافظة على اتزانها ورباطة جأشها، وكأن لاشيء قادر على استفزازها.

فهل عبَّرت القيادة الإثيوبية بذلك عن ثقة عالية بالقدرة القتالية لجيشها أم أنها عكست ثقتها بعدم قدرة دول المصبِّ على القيام بأي عملٍ عسكريٍّ ضدَّها؛ سواء لعجز عن القتال في التضاريس الجبلية الإثيوبية أم لمخاوف من ردَّات فعل المجتمع الدَّولي، الذي لاشك في أنه قد أفضى إلى الإثيوبيين بموقفٍ طمأنهم ؟

وأيًّا تكن الأسباب والاحتمالات فقد انتهت المناورة الثالثة، بعد أسبوع من العمل العسكري الميداني ؛ التدريبي والتطبيقي (بالذَّخيرة الحية)، من دون أن تُحدث شيئًا مما

توقعه مسؤولون سياسيون على وسائل الإعلام أو ما روَّج له نشطاء شباب على السوشيل ميديا.

الخلاصة هي أن كل المناورات الجويَّة والبريَّة وكل تهديدات الصخب الإعلامي المقلق، لم تكن سوى تهديدات، لاغير، هدفها النهائي ابتزاز الإثيوبيين، الذين ظلوا يؤكدون تصميمهم على تنفيذ خطة ملء السد في الموعد المحدد. وهو موعد هطول الأمطار الموسمية الغزيرة، خلال شهري يوليوـ أغسطس المقبلين. غير متناسين تأكيداتهم على ضمانة الحقوق المائية لمصر والسودان.

ثقة رئيس الوزراء الإثيوبي بسلامة موقف بلاده وبوقوف المجتمع الدولي إلى جانبها في الاستفادة من حقوقها المائية لاستمرارية عجلة التنمية في الدوران، دفعته إلى مقاطعة انهماك مسؤولي وجيشي وشعبي الدولتين في متابعة فصول المناورة، بتصريح إعلامي صادم، قال فيه: إن بلاده عازمة على تشييد مئة سدٍّ جديد، خلال الأعوام القادمة، في عدد من أقاليم بلاده.

 

ترى هل سيتوقف الأشقاء في مصر، بالذات، وفي السودان، أيضًا، عن مزحاتهم الثقيلة، الاستفزازية العسكرية والإعلامية، وعن تدخلاتهم غير الأخلاقية في الشؤون الداخلية لإثيوبيا وعن تحريضاتهم السياسية ضد النظام الإثيوبي، فيتركوه وشأنه يقوم بخدمة شعوبه الفقيرة المعدمة.. ، وليتفرغوا هم، بالمقابل، لمشكلاتهم وهمومهم الداخلية أم أنهم سيواصلون العبث بالنفقات المالية على أهداف مستحيلة المنال. ولن نقول عن إشغال شعبيهما عن المشكلات والمعانات الداخلية!؟

  • الاثنين 7 يونيو 2021م.