المنسوجات اليمنية .. شهرة تاريخية وحرفة تقاوم النسيان

YNP – خالد اشموري :

لقد نالت المنسوجات اليمنية شهرة لم تنله غيرها وتجاوز صيتها الآفاق واحتفظت المتاحف العالمية بأجزاء متحفية منها يعود تاريخ نسجها إلى القرن الحادي عشر والثاني عشر ويقول المؤرخون أن اليمن عرفت هذه الحرفة في القرن الثالث ( ق م ) وهو بداية زراعة القطن في جنوب الجزيرة العربية.

وكانت المنسوجات اليمنية تعتبر هدايا ثمينة تدل على أهمية الشخص المهدي إليه ومكانته، وقد ذكرت لنا كتب السيرة النبوية أن الوفود اليمانية أهدت إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم برودا حضرمية وأنه صلى الله عليه وآله وسلم أهدي برودا يمانية لمن كان يكرمهم وعن بسطه لردائه الحضرمي لمن كان يحتفي به ممن يدخلون عليه مجلسه كما روت كتب السيرة عن مناسبات هامة كان أصحابها يرتدون فيها منسوجات يمنية مثلما روت السيدة عائشة رضي الله عنها أن آباها الصديق رضي الله عنه أرتدى يوم بايعه المسلمون خليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جبة يمانية.

ويعود الفضل في حفظ الكثير من تاريخ مجدها ومسمياتها التي لا زال بعضها متداولاً إلى يومنا هذا إلى ما وثقته حفظته لنا كتب التاريخ وقصائد الشعر العربي القديم الجاهلي والإسلامي من مسميات وأوصاف مثل اللحفة – والمصون- والمعوز- والفوطة- والمعجر- والمشدة – والملائة- والبرود – والشميل – والفريد – والعباءة وغيرها وقد تناولها الأخ الباحث محمد عبد الرحيم جازم في دراسة قيمة عن تاريخ المنسوجات اليمنية وكذلك في كتابه نور المعارف في العهد المظفري الوارف الذي وصلت فيه المنسوجات اليمنية إلى أوج مجدها وشهرتها.

وقد ساعد تنوع المناخ وتنوع التضاريس الجغرافية على تنوع المنتوجات اليمنية استجابة لظروف البيئة والمحيط وذلك بما يستخدم في إنتاجها من المواد الأولية وبنوع النول الذي يستخدم في حياكتها.

ففي المناطق الساحلية أنتجت الملاحف والمصانف والمعاوز القطنية واستخدم النول الأفقي الذي يمتد على الأرض ويعمل عليه نساجات يتبادلان مكوك النسيج وفي المناطق المرتفعة أنتجت الفريد والكلبات والمعاوز والعباءة واستخدم في حياكتها النول العمودي الذي يرتفع عن الأرض ويعمل عليه شخص واحد.

ولكل منطقة من اليمن طريقة مميزة في إنتاج منسوجاتها وزخارفها فالسباعية، وهي نوع من أنواع المعاوز التي ينتجها حائكون لحج تختلف من حيث الزخارف والألوان عن السباعية التي ينسجها حائكو الشحر- أو المكلا- وتختلف أيضاً عما ينسجه حائكو بيت الفقيه.

وهذا التميز ماهو إلا ترجمة صادقة لتعريف كلمة نسيج كما وردت في معاجم اللغة العربية التي تعني التفرد والتميز.

هذه الحرفة تفتح أمامنا مجالا واسعاً للبحث والدراسة ولا تزال بحاجة إلى تتبع علمي لمسارها وتطورها في بعض الجوانب وتراجعها عن الصدارة واقتصارها في عصرنا الحديث على إنتاج أنواع محدودة غير كافية لجعلها تصبح حرفة اقتصادية تحتل مكانة هامة في حياتنا تماثل مكانتها في تاريخنا.