صهاريج الطويلة .. هندسة بديعة تجسد عظمة الابتكار اليمني

YNP – خالد اشموري :

تقع صهاريج الطويلة بوادي الطويلة في أمتداد خط مائل من الجهة الشمالية الغربية لمدينة عدن كريتر التي تقع أسفل مصبات هضبة عدن المرتفعة حوالي " 800" قدم عن سطح البحر.

وتأخد الهضبة شكلاً شبه دائري حيث يقع المصب عند رأس وادي الطويلة وتتصل الصهاريج بعضها ببعض بشكل سلسلة وقد شيدت في مضيق يبلغ طوله " 750" قدماً تقريباً ، ويحيط بها جبل شمسان بشكل دائري باستثناء منفذ يؤدي ويتصل بمدينة كريتر.

وتختلف المصادر التاريخية حول تاريخ بناء الصهاريج ، ولم يجد الدارسون الأثريون أي سند أو نقش يتعلق بتاريخ بنائها، وأغلب الظن أن بناءها مر بمراحل تاريخية متعددة بدأت في القرن الخامس عشر قبل الميلاد.

ولعل ما يلفت النظر وجود لوحة مثبتة على جدار بالقرب من صهريج كوجلان مكتوب عليها هذه الخزانات في وادي الطويلة مجهول تاريخها، وكلمة صهريج لفظه مستعربة من اللغة الفارسية كما ورد في معجم المنجد في اللغة والاعلام وتعني حوض الماء.

وتعد صهاريج الطويلة مأثرة معمارية هندسية تدل على عظمة أبتكار الإنسان اليمني لا حتياجاته قديماً ، فكما بنى السدود وزرع المدرجات الجبلية بنى أيضاً الصهاريج بنظام مائي متطور لبى احتياجات عصره واستمرت حتى اليوم شاهداً حضارياً يستمد منه شعبنا اليمني في العصر الحديث دروساً وعبرا للمستقبل.

ولنظام صهاريج الطويلة أهداف متعددة مختلفة عن الصهاريج الأخرى الموجودة بالمدينة والتي اقتصر دورها على أعبتارها خزانات لجمع الماء وحفظه حيث يرى الباحث عبدالله أحمد محيرز أبرز من كتب عن صهاريج عدن أن نظام الطويلة لم يكن به هدف جامد لمجرد توفير الماء في تناول المستهلك.

مؤكداً أنه كان يعكس نظاماً دينمائياً وتكنولوجياً بارعة ووجهاً حضارياً فريدياً وهو وسيلة لتلقف الماء عبر جدران حاجزة أما منحوته بصخور أو مبنية بالحجارة والقضاض وتقوم بثلاث مهمات تلقف الماء وحجز الحجارة والطمي الساقط مع الشلالات وتوجيه الماء عبر سلسلة من هذه الجدران لتصريفه إلى حيث تكون الحاجة إليه ويرى بعض الدارسين أن صهاريج الطويلة كانت معلقة وأن تراكمات الحاجة والطمي جعل بعضها يندثر تحت الركام بحيث لم يعد يرى ، والبعض الآخر أجزاء منها باتت مطمورة ، فيما يرى محيرز أن الدراسة التي قام بها الكابتن البريطاني بليفير تميزت بالجدية وقام بها في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي عندما كان يشغل منصب مساعد السياسي المقيم في عدن، قد صنف باليفير جدولين، قام بحصر نحو 50 صهريجاً في مدينة عدن وسط مدينة كريتر وأوديتها الطويلة والعيدروس والخساف، ويبلغ عدد صهاريج الطويلة منها 18 صهريجاً بحسب ما أورده بليفير بداية من الصهريج رقم " 1" في أعلى الوادي والمسمى صهريج أو سلسلة وأنتهاء بالصهريج الدائري الضخم المسمى تمييزاً له عن غيره صهريج بليفير سعته 4 ملايين جالون.

فيما أورد – كوجلان – السياسي المقيم ببريطانيا – في التقرير الذي رفعه إليه كبير المهندسين المشرفين على الترميم بأن عددها في الطويلة 35 صهريجاً ، وتضمن التقرير صهريجاً لم يرد عند بليفير، وأطلق عليه أسم صهريج كوجلان الصهريج المربع.

وتبلغ السعة الإجمالية للصهاريج حوالي "20" مليون جالوناً ، أكبرها سعة هو صهريج بليفير الدائري "4" ملايين جالون، وأصغرها سعته حوالي " 10" ألاف جالون ، ويقع بالقرب من سائلة وادي العيدورس أما بالنسبة للصهاريج التي رممت فيبلغ عددها " 14" صهريجاً ، وهناك " 36" صهريجاً لم ترمم وبعضها بات مخرباً، ناهيك عن الصهاريج المطمورة والتي لم يتم اكتشافها بعد.

وقد ورد ذكر الصهاريج في نقش قديم محفوظ بمتحف اللوفر في باريس بالرمز " 50141" ينص على التالي " قيلزد قد قدمت مسنداً للآله ذات بعدأن تكفيرا عن خطيته أبنتها بتدنيسها صهريج عدن" لم يحدد في النقش أي من العدنات اليمنية المقصود، كما أن الفترة الزمنية التي يتحدث عنه النقش غير مشار إليها في المراجع.

كما يمكن أن يكون تفسير لفظة صهريج لا تحمل الدلالة ذاتها ولا تطابق ما هو وارد أصلاً في لغة النقش القديمة، حيث يمكن وجود تفسير أخر في جملة بتدنيسها بحر عدن، وذلك وفقاً لما ورد في كتاب عدن بوابة القرن الحادي والعشرين.