تنشيط الذاكرة .. هادي يحسم جدل "قواعد التحالف"

YNP - إبراهيم يحيى :
حسم هادي الجدل المثار بشأن تشييد الإمارات قاعدة عسكرية جوية في جزيرة ميون (بريم) اليمنية، وموجة الاستنكار والغضب التي تعتري احد أهم مكونات شرعيته، السياسية والعسكرية، ممثلا بحزب التجمع اليمني للإصلاح، ليس لتشييد القاعدة بل اعتراضا على جنسيتها وأنها إماراتية وليست سعودية، حسب ما أكد ضمنيا النائب البرلماني الإصلاحي علي المعمري.

التزام هادي وحكومته الصمت، لا يرجع إلى كونهما "لا يملكان حرية الحديث أو لا يستطيعان الاعتراض"، بل لأن هادي حسم هذا الجدل المتجدد بين حين وأخر، مبكرا جدا، وبسنوات تسبق صمته المستمر منذ ثلاثة أشهر على الإشهار الأمريكي عن تشييد القاعدة الجوية الإماراتية في جزيرة ميون، وعلى نحو يفسر هذا الإحجام عن التعليق من جانب مكتبه الرئاسي وحكومته.
سبق لهادي أن تحدث في هذا الأمر، وأن تشييد قواعد عسكرية للتحالف السعودي الإماراتي على الأراضي اليمنية، جاء تنفيذا لعرض سابق وعلني من هادي، تقدم به عقب تنصيبه رئيسا انتقاليا مؤقتا لليمن، بتوافق سياسي ودفع إقليمي سعودي وإماراتي ودولي أمريكي وبريطاني، وعبر استفتاء لقواعد الأحزاب والقوى الموقعة على "المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية"، في 21 فبراير 2012م.
أكد هادي، أن تشييد قواعد عسكرية سعودية في اليمن، هدف رئيس لتشكيل الرياض التحالف العسكري ومنذ ما قبل اندلاع الحرب أو ما يسمى "الانقلاب الحوثي" بسنوات. حسب ما أفاد هادي في حوار صحافي منشور، مع واحدة من أهم الصحف السعودية، قال فيه علنا وبكل ثقة أنه عرض على العاهل السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز تشييد قواعد في اليمن وتجنيد مقاتلين أيضا.
جاء هذا في الحوار الصحفي معه المنشور بتاريخ 1 مارس 2016م، في صحيفة "عكاظ"، ثاني منابر النظام السعودي بعد صحيفة "الرياض"، وتحديدا في إجابة "هادي" على سؤال محاوره، المُعد سلفا من المخابرات السعودية: "إيران محاصرة من دخول اليمن برا وبحرا وجوا، كيف توصل السلاح إلى الداخل؟. وكشفه بالمناسبة عن عرضه على المملكة تشييد قواعد سعودية في اليمن.
هادي قال، حرفيا: "وكنت قد طلبت من الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله أن يمدنا بقاعدتين بحريتين لحمايتنا، كي نتغلب على الكثير من الإشكاليات التي تواجهنا، وغالبيتها تستهدف أمننا وأمن المملكة؛ فعملية تهريب السلاح أو المخدرات هدفها النيل من الشباب اليمني والسعودي، وهو ما تسعى إيران لتدميره عبر البوابة البحرية". مجددا العرض في الوقت نفسه، بتأكيده أنه مازال قائما.
عَمَّد المحاور، إلى طرح سؤال ينم عن جهة إعداد الحوار، وأنها من أعلى مستويات النظام السعودي، قائلا: "هل هناك توجه مستقبلي لإنشاء قواعد عسكرية سعودية أو خليجية أو حتى عربية بعد انتهاء الحرب في اليمن؟". فأجاب هادي على الفور بكل ثقة واطمئنان: "ممكن ذلك.. نحن وأنتم جسد واحد". ولم يكتف بهذا وحسب، بل تابع يؤكد أن العرض يشمل تجنيد ملايين المقاتلين اليمنيين.
أكد هادي، في الحوار نفسه، أنه عرض تجربته جنديا بجيش الليوي (المرتزقة المحليين لبريطانيا)، وقال: "نحن في مرحلة استعداد لجيش يصل قوامه إلى 3.7 مليون شخص، والله أعطاكم اليمن ثروة بشرية ولديهم استعداد ليكونوا عساكر، ولدي الآن ستة ملايين شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و28 سنة، جاهزون، وتم تدريب مليون منهم، ويمكن الاستفادة منهم كما كانت تفعل بريطانيا في الجنوب".
مضيفا، في إعلان مسبق لما حدث لاحقا على الأرض منذ بدء حرب التحالف وتأسيسه نحو 50 لواء من المجندين اليمنيين على اختلاف تسمياتها وولاءاتها، بينها 12 لواء على امتداد الحدود اليمنية السعودية، بقوله: "كانت تتعاقد مع مليون لأربع سنوات، ثم تسرحهم وتتعاقد مع مليون آخر، وأنتم يمكن أن تستفيدوا من هذه التجربة، وتضعوا هؤلاء الشباب على الحدود الجنوبية لمنع تهريب السلاح والمخدرات".
يفسر هذا العرض المبكر من هادي، انفراد الأخير وحكومة حزب "الإصلاح" في العاصمة صنعاء (2012-2014م) بسابقة لم تحدث عالميا حسب المبعوث الأممي الأسبق إلى اليمن حينها، جمال بنعمر، وطلبهم رسميا من مجلس الأمن إدراج اليمن تحت الوصاية الدولية بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يجيز لمجلس الأمن التدخل العسكري في اليمن، تمهيدا لحرب التحالف.
كما يفسر، بنظر مراقبين، دوافع تشكيل تحالف الحرب السعودي الإماراتي، المدعوم من أمريكا وبريطانيا؛ وأنه جاء لفرض ما سمَّاه مجلس الأمن الدولي بقراره رقم (2014) بتاريخ 26 فبراير 2015م "دعم تنفيذ وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني"، والتي تخلو قراراتها الـ 1800 من جديد عدا ما يخص إنهاء "الجمهورية اليمنية"، وتقسيم اليمن إلى أقاليم ذات مقومات سيادة بما يُعرف "دولة اليمن الاتحادي".
وتنص مخرجات بهذا الشأن على منح الأقاليم والولايات والمراكز (دساتير ومجالس نواب وشيوخ وحكومات ومحاكم دستورية، ..الخ) لتخويل كل منها حق توقيع معاهدات وتشييد قواعد عسكرية بل واندماجها مع دول، بموجب المادة التي تنص أن "الشعب حر في تقرير مصيره السياسي" والتي تنص على أن " "الإرادة الشعبية أساس سلطة وشرعية الدولة الاتحادية على مختلف المستويات".
تتجلى ترجمة هذا، واقعيا، في تشييد كل من السعودية والإمارات ست قواعد عسكرية رئيسة حتى الآن، تتوزع على "الأقاليم" المفترضة أو الجاري فرضها عبر حرب التحالف. وبجانب قاعدة مقر قيادة التحالف في عدن، جرى تشييد قاعدتي "ميون" و"المخا" في ما يسمى "اقليم الجند"، وفي إقليم حضرموت قواعد "المكلا" و"بلحاف" و"الغيضة" و"سقطرى"، وتشير المعطيات إلى أن البقية تتبع.
ما سلف يؤكد، أن حمى "انتهاك السيادة" التي تظهر بين الحين والاخر، ليست اعتراضا على تشييد قواعد عسكرية في اليمن، كما أكد النائب البرلماني الإصلاحي علي المعمري، بل اعتراضا على جنسية بعض هذه القواعد، مثار الاستنكار والغضب، وأنها إماراتية، تبعا لحالة الخصومة والعداء القائمة والمعلنة بين أبوظبي والتنظيمات المنتمية لجماعة "الإخوان المسلمين"، ليس إلا.