المخابرات الإماراتية تصفي معارضي النظام في منافيهم

YNP - إبراهيم القانص :
الموت بطرق غامضة وبشعة، أصبح مصيراً محتوماً لأي مواطن إماراتي يعارض سياسات النظام الحاكم أو يطالب بإصلاحات وإن كان بطريقة سلمية، ولم يعد الهروب من دولة الإمارات إلى أي منفى يختاره المعارضون أو يُهجّرون إليه قسراً، ملاذاً آمناً لهم، فمخالب الموت تطاولهم أينما كانوا ثم لا يكون لهم منصف فسرعان ما تُغلق الملفات وتُسجّل الجرائم ضد مجهولين، رغم معرفة الجميع أن النظام الإماراتي يقف وراء كل عمليات اغتيال يتعرض لها المعارضون له من مواطنيه في منافيهم البعيدة.

العاصمة البريطانية لندن، شهدت خلال الأيام القليلة الماضية عملية اغتيال أودت بحياة المعارضة الإماراتية آلاء الصديق، بحادث سير غامض، يجزم ناشطون حقوقيون أنه مُدبَّر، وأن مخابرات أبوظبي تقف وراءه، مستندين إلى عدد من الشواهد تتمثل في اغتيالات مشابهة لمعارضين إماراتيين كانت لندن على ما يبدو مكاناً ملائماً لتصفيتهم، وإغلاق ملفات قتلهم بحيث لا يظهر لهم غريم، وكأنها إجراءات بروتوكولية متفق عليها بين النظام الإماراتي والسلطات البريطانية.

منظمات حقوقية طالبت شرطة لندن بتحقيق فوري في مصرع الناشطة الإماراتية آلاء الصديق، خصوصاً أن أصابع الاتهام تشير إلى تورط أبوظبي في الجريمة، واستناداً إلى خلفيات أن أنظمة الإمارات والبحرين والسعودية تستخدم العنف ضد معارضيها في بريطانيا أو أي دولة ينفون إليها.

 وكان سبب لجوء المعارضة الإماراتية آلاء الصديق إلى بريطانيا هو الظلم الذي أوقعه النظام الإماراتي على والدها الأكاديمي محمد الصديق، الذي تم اعتقاله عام 2012م، على خلفية مطالبته بإصلاحات سياسية في نظام الحكم الإماراتي، وتم تجريده من كل مناصبه الأكاديمية، وتخييره بين سلبه الجنسية الإماراتية والنفي خارج البلاد، أو السجن داخلها، وكان اختياره أن يسجن داخل بلاده على أن ينفى منها ويجرد من جنسيته، ولا يزال معتقلاً حتى اللحظة، رغم أن السلطات الإماراتية نفت كل أفراد عائلته وسلبتهم هويتهم الإماراتية، الأمر الذي دفع بآلاء إلى الانخراط في عدد من الأنشطة الحقوقية لفضح انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها النظام الإماراتي وبقية الأنظمة الخليجية، وهو ما يعزز شكوك حقوقيين ومعارضين إماراتيين بوقوف النظام وراء تدبير حادث قتل آلاء الصديق عبر حادث سير في بريطانيا، وكشفت التحقيقات الأولية أن مكابح سيارتها تعرضت للتعطيل المتعمد.

ليست آلاء الصديق أول معارضة إماراتية تتعرض للتصفية خارج حدود بلادها ولن تكون الأخيرة، فقد أصبح تدبير الاغتيالات الغامضة أسلوباً معتمداً لدى النظام الإماراتي للتخلص من معرضيه وإن كانوا خارج جغرافية البلاد، ففي عام 2016م تعرضت الناشطة الإماراتية فايزة البريكي لنهاية مأساوية حيث رماها قاتل مأجور تحت عجلات قطار في إحدى المدن البريطانية، ولم يكن لجوؤها للمملكة المتحدة ملاذاً آمناً من بطش النظام الإماراتي، ورغم أنها كانت زوجة الشيخ حمدان آل نهيان، إلا أنها تُعدّ من أوائل المطالبات بالإصلاحات السياسية في الإمارات وإنهاء فردية الحكم والتمايز بين إمارة وأخرى، وكانت البريكي أول إماراتية تحصل على اللجوء السياسي في بريطانيا بعد إثباتها ما تعرضت له من الظلم بعد وفاة زوجها، وكانت لها مقالات عدة فضحت من خلالها فساد النظام، ودور مدير شرطة أبوظبي ضاحي خلفان في مطاردتها والاستيلاء على أملاكها ومحاولة تصفيتها، وبعد أقل من عام على تصفية الناشطة فايزة البريكي تعرض ابنها محمد لعملية اغتيال غامضة في لندن، وتم إغلاق ملفي الجريمتين وتسجيلهما ضد مجهول بتواطؤ واضح من السلطات البريطانية.

المصير نفسه بمأساويته وغموضه كان ينتظر خالد بن سلطان القاسمي، نجل حاكم الشارقة، حيث أعلنت وفاته في شهر يوليو عام 2019م، في العاصمة البريطانية لندن، بطريقة وصفتها السلطات البريطانية بالغامضة، وقبله في عام 1999م أعلنت وفاة أخيه محمد بالغموض نفسه، الأمر الذي يجعل النظام الإماراتي على رأس قائمة الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة العربية، إلا أن الأموال الإماراتية لا تزال تسيطر على شراء ضمائر العالم والمجتمع الدولي على وجه الخصوص، بحيث يتم إبعادهم من أي تهم بانتهاكات حقوق الإنسان بل وتلميعهم وتقديمهم على أنهم من رعاة تلك الحقوق، لكنها مرحلة طارئة لن تكتب لها الديمومة فالحقائق بدأت تتكشف عن وجوه بشعة لتلك الأنظمة، كما يقول مراقبون.