تدمير الاقتصاد يسقط آخر مبررات التدخل العسكري للتحالف في اليمن

YNP - إبراهيم القانص :
أكثر من أي وقت، أصبح اليمنيون في صورة أكثر وضوحاً لما يحدث، فيما يخص الحرب التي بدأها التحالف بقيادة السعودية عام 2015م، فالقنابل التي أسقطتها طائرات التحالف على الأحياء السكنية والمدارس والمستشفيات والطرق والمساجد والمزارع والمصانع والقلاع الأثرية، في صنعاء وعدد من المحافظات، لم تستهدف الحوثيين الذين اتخذهم التحالف ذريعةً لتدخله العسكري، بل قتلت الأطفال والنساء ودمرت البنى التحتية والمنشآت الحيوية التي تُعدُّ ملكاً لليمنيين كافة، باعتبار الحوثيين فئة ضمن تنوع سياسي واجتماعي وقبلي كبير داخل اليمن، ولم ينلهم إلا ما نال بقية فئات الشعب.

دعم وإعادة الشرعية، كان مبرراً آخر رئيسياً لتدخل التحالف العسكري في اليمن، وعلى مدى أكثر من ستة أعوام من الحرب لم يرَ اليمنيون سوى تدجين حكومة الشرعية ونفيها خارج الجغرافيا اليمنية، وسلبها القرار والسيادة وإبعادها تماماً عن كل ما يهم اليمنيين ومصالحهم، بل وصل الدعم المزعوم للشرعية حد استخدامها لتمرير أهداف وأجندات لا صلة لها بمصلحة اليمن ولا الشعب اليمني، وقد ظهر ذلك جلياً في سيطرة القوات السعودية والإماراتية على عدد من المواقع المهمة والجزر والمنافذ والموانئ، بموافقة وإشراف ومباركة حكومة الشرعية، التي لم تعد حتى اللحظة إلى أرض اليمن رغم أن تلك العودة كانت أهم أسباب تدخل التحالف عسكرياً، وهو الأمر الذي أصبح اليمنيون يدركونه جيداً.

ممارسات التحالف وتحركاته في اليمن أظهرت خلاف ما ظل يزايد عليه من اهتمامه باليمنيين ودعمه لهم، لكنه لا يزال يزايد ويغرر بأتباعه رغم أن ما يحدث على أرض الواقع يثبت عكس ذلك، فأوضاع اليمنيين وتحديداً في مناطق سيطرة التحالف والحكومة الموالية له، تواصل انحدارها نحو هاوية محققة على المستويات كافة، اقتصادياً وأمنياً ومعيشياً، إلى درجة أن أوضاعهم في مناطق سيطرة حكومة صنعاء تعتبر أفضل حالاً رغم حالة الحصار والإغلاق الشامل التي يفرضها التحالف على تلك المناطق باعتبارها تابعة للحوثيين، حسب توصيفاته التي لم تعد تقنع سوى أتباعه المستفيدين منه بشكل شخصي، فما هي مبررات التحالف للوضع الذي يعيشه المواطنون اليمنيون في مناطق سيطرته، وعلى وجه الخصوص المناطق البعيدة عن مواقع المواجهات وتلك التي لم تصل إليها قوات صنعاء على الإطلاق، لن يجد التحالف نفسه مجبراً على الإجابة أو التبرير، فما كان يهدف إليه ويريده أصبح متاحاً وبمساعدة حكومة الشرعية التي أصبحت مهمتها الرئيسة تسهيل وتنفيذ أجندات التحالف.

آخر أوراق التحالف التي تكشفت في الواقع اليمني، كانت مؤامرته الخطيرة والكارثية على الاقتصاد اليمني، من خلال عمليات طباعة الأوراق النقدية بدون غطاء نقدي، والتي تنفذها حكومة الشرعية تبعاً لتوجيهات التحالف، كونها أصبحت أضعف من أن تقدم على اتخاذ تلك الخطوات بقرار مستقل منها، ورغم معرفتها وإدراكها كارثية ما أقدمت عليه بحق عملة اليمن واقتصاده إلا أنها فعلت ما فعلت إنفاذاً لمخططات التحالف الذي يحاول الآن استخدام الورقة الاقتصادية تعويضاً للفشل العسكري والسياسي الذي مُني به خلال السنوات الماضية منذ بدء الحرب، وهي مخططات يزعم التحالف أنها ضمن حربه على الحوثيين لكن اليمنيين أصبحوا يدركون أنها مخططات تستهدفهم جميعاً بكل أطيافهم وتنوعاتهم، خصوصاً في مناطق سيطرة التحالف والشرعية الأكثر تضرراً من غيرهم، ويرى مراقبون أن المسألة أصبحت مجرد وقت، فالتحالف أصبح قريباً جداً من صحوة يمنية شاملة للانقلاب عليه وإخراجه ووقف انتهاكاته التي يرتكبها باسم إنقاذ اليمنيين الذين لم يعودوا يعرفون ممن يريد التحالف أن ينقذهم، حسب المراقبين.