اللحية .. الجوهرة العذراء

YNP – خالد اشموري :

  • مدينة اللحية جوهرة المدائن بعذريتها وعمرها الذي لم يزل ربيعها.. تقع مدينة اللحية على امتداد ساحل البحر الأحمر وتزين شواطئها الجميلة أشجار المنجروف السامقة برونق سحرها وجمالها الطبيعي البالغ الروعة.
  • شغلت همزة وصل في التجارة البحرية العالمية وجسدت ميناء هاما في البحر الأمر وكانت تمثل مغاصة إستراتيجية من مغاصات اللؤلؤ والمرجان.
  • ولقد مثلت اللحية بجزرها التي يبلغ عددها ما يقارب 48 جزيرة وأهمها ( تقفاش – المورك – كبريت – الفشت).
  • وكانت كل من ميناء اللحية وجزيرة فرسان من أهم مغاصات اللؤلؤ والمرجان في الجزيرة العربية وكانت تستثمر فيها الرحلات البحرية بحثاً عن اللؤلؤ والمرجان عدة أشهر وذلك لاستخراجه وأحيانا يضطر ( النواخذ) أي ربان السفينة للتوقف لغرض الراحة مثل جزيرة نورة بالقرب من دهلك وكانت عملية جمع اللؤلؤ أو القماش كما يطلق عليه في اللحية وفرسان .

    • وكانت أسواق هذه المعادن الثمينة في فرسان وعدن واللحية وكانت هذه الأماكن البحرية تمثل مراكز تجارية لها أو بورصة عالمية لهذه الثروات ومن ثم يتم تصديرها للهند.

    حوار مع البحر

    • تبدو اللحية محمية طبيعية في البحر .. والإنسان وليد البيئة والصيادون في ساحل اللحية ودودون وهكذا أمتزج الإنسان بالبحر وكان له معه حوار ودي لا يضاهى مع البحر بعفويته وتلقائيته ورحابه صدره الكبير.

    البحر الذي كان ولا يزال ملاذا للصيادين والقادمين من سفر بلا نهاية من هنا يمتطيه سكان السواحل في خضم أمتزج ويجوبون آفاقه ويغوصون في أعماقه بحثاً عن الأصداف مثل اللؤلؤ والمرجان ولقد تجسد البحر في أذهان سكان اللحية وأضاف لمعيشتهم نكهة خاصة في واقعهم الحياتي وكان سرا من أسرار حياتهم.

    أشجار المنجروف

    • وعلى أمتداد البحر الأحمر .. موقع مدينة اللحية تنمو أشجار المنجروف على امتداد هذه الشواطئ الجميلة وتزيد البحر ريعانا ورونقا ويصل إليها رعاة الإبل لرعي إبلهم ويمثل هذا المشهد تلاحما فريداً بين الرعي والصيد بصفتهما ضمانين أساسيين لبقاء الحياة على وتيرتها وتمثل هذه الأشجار كثافة على الشاطئ ويطلق عليها الصيادون أسم ( الشورى ) وفي أماكن هذه الأشجار البحرية تبيض الطيور كما تعد جذور هذه الأشجار مكان تكاثر القشريات كالسرطان والجمبري كما تبيض وتتكاثر في ثكنات جذور هذه الأشجار الأسماك ، وتعمل هذه الأشجار على بلورة وظيفة فاعلة لا سيما وهي تقوم بامتصاص المواد العضوية من التربة الطينية التي تنبت فيها كما تعمل أيضا على منع امتصاص الملح الذائب وتفرز الملح الزائد وتعد رافداً اساسياً لغذاء الأسماك وتؤكد الدراسات البحثية في عالم السياحة البيئية أن هذه الأشجار تتغذى عبر جذورها الهوائية .
    • تأسست مدينة اللحية في أوائل القرن الثامن الهجري كما يرجح المؤرخون بعد أن جاء إليها الفقيه الصوفي أحمد بن علي الزيلعي قادماً إليها من جزيرة زيلع بالحبشة في العام 740 هـ وتغوص جذورها التاريخية ضاربة في أعماق التاريخ ستة قرون وأطلق عليها اللحية كما يقال لأنها كانت تمثل نهضة عمرانية حية في مجد حياتها أنذاك ولا سيما في نشاطها التجارية والعمراني.

    المدينة أم الأسطورة؟

    • ربما تجسد الأسطورة أحيانا في ذهن الناس حدثا يرونه حقيقيا وهذا هو سر الفنتازيا بعينها والتي يتجاهلها الواقع تماما وتزخر اللحية بالعديد من الحكايات الأسطورية .. في إطار هذا الزخم الهائل لم تكن هذه الحكايات محض هراء أو شبه تصوير لأفلام هندية وقد يراها البعض حقيقة أو من كرامات الأولياء التي كرم بها الله سبحانه وتعالى أولياءه وتقول الأساطير : إن الماضي اللحية المكان كانت في سابق القرون عبارة عن حية كبيرة في ( الجبل ) الذي يمثل تلا صغيراً على قرب ساحل البحر جنوب غرب المدينة .. وتقف هذه الحية عثرة إمام الصيادين .. وعند قدوم الولي أحمد بن علي الزيلعي إلى المدينة قبل تأسيسها ذهب إلى مكان ( الحية ) في الجبل وطلب منها المغادرة فغادرت المكان فوراً دون قيد أو شرط وهكذا ربما تشكلت حادثة المدينة الأسطورة عندما تؤسطر المدن .

    شواهد أثرية

    • وتمثل اللحية شواهد أثرية شاهدة على تاريخ فن العمارة فيها الذي يجسد طابع الفن المعماري الهندي والعثماني ولا شك أن هذا التقارب الوشيح في الفنون المعمارية جاء عبر رحلات الصيادين.. ومن أعظم الشواهد الأثرية في المدينة .. جامع    (الزيلعي) الذي أسسه الفقيه الصوفي أحمد بن علي الزيلعي ، ويطلق عليه جامع الزيلعي أحمد .. ويطلق على مدينة اللحية أيضاً بلاد الزيلعي.

    ويمثل جبل السر أحد الشواهد التاريخية الدالة على الغزو العثماني الذي تعرضت له اللحية حينها في تلك الفترة إذ نرى بقايا ( حصون ) عثمانية تمثلت في مبان حربية ما زالت إلى اللحظة منذ ذلك العصر.

    أوبرا الفرساني

    • وتبقى اللحية على أمتداد ذاكرة التاريخ مدينة الأصالة والفن والعبق الذي لا يرحم في فلكورها المتجسد في رقصة الفرساني الأوبرا الراقصة روائع إلهام الأوبرا الساحلية التي جاءت من جزيرة فرسان في مشهد جمالي تكويني لأوبرا الرقص والغناء وعذوبة القصيدة.