اسرار نهب ثروات اليمن !

YNP -  خاص :

يجهل الكثير من اليمنين، حقائق الثروات المتاحة والكفيلة بجعل بلدهم يحتل مواقع متقدمة في النمو الاقتصادي، وتحقيق الرفاه المعيشي. كما يجهلون حقائق الثروات غير المكتشفة بعد.

لخص باحث انجليزي، وصل صنعاء في العام 2011، واحدة من حقائق المشكلة الاقتصادية التي ينبغي أن يعرفها كافة اليمنيين ويعملون من أجل ألا تستمر، بالقول "إن اقتصاد اليمن برمته في قبضة يد شبكة معقدة متداخلة من النخب السياسية، والوجهاء والمشايخ الذين اتحدوا معا للسيطرة الكاملة على القطاع النفطي وقاموا بالتسلط والهيمنة على اقتصاد اليمن الفعلي في إنتاج وتصدير النفط الخام، ناهيكم عن إنشاء الشركات والمؤسسات العملاقة واستغلال المواطن البسيط للعمل في هذه المنشآت برواتب زهيده".

وأكد بيتر سلزبري، في ورقته البحثية التي قدمها لبرنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن النخبة الفاسدة من السياسيين والمشايخ والعسكريين، المحسوبين على النظام السابق، حطّمت وببراعة اقتصاد اليمن وجعلت آليات هيكلة اليد العاملة في البلاد تحت تحكّم "مافيا" ليتفاقم القهر والفقر عنوة في أوساط الملايين اليمنيين، ويصبح النشاط والسوق الاقتصادي حكرا على هذه النخبة.

في أعقاب انتفاضة فبراير 2011، أتيح لليمنيين، مثلا، التعرف على حجم الثروة الخاصة بالرجل الأول في النظام السابق الراحل علي صالح، وذلك من خلال تقرير لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة، والذي حدد إجمالي ثروة الرجل بأكثر من 60 مليار دولار. وأشار الى انه جمعها عن طريق الفساد خلال سنوات حكمه الطويلة، ومن ثروات اليمن التي ظلت حكرا على فئة معدودة من المقربين والنافذين بينهم سياسيين ومشايخ وعسكريين.

وكثيرا ما تحدثت تقارير محلية ودولية، كيف أن ثلة من النخب السياسية والاجتماعية، طوال العقود الطويلة الماضية بقيت تراكم ارصدتها المالية وشركاتها الاستثمارية في الخارج، من منهوبات موارد النفط والغاز بدرجة أساسية، فضلا عن منهوبات إيرادات المؤسسات الاقتصادية والمشاريع الخدمية الكبيرة.

قال بيتر سلزبري في تقريره: "لقد انتهز هؤلاء الفاسدون نفوذهم ومناصبهم الاجتماعية، للحصول على تراخيص الاستيراد والعمل كشركاء في شركات دولية وإقليمية وكسب عقود حكومية لاقتحام السوق اليمني وتصفية المنافسين خارج صفوف فريق نخبة الفساد. فقاموا على السيطرة الفعلية لجميع المصارف وقطاع الاتصالات وشركات النفط والموانئ البحرية والنقل والطيران، كما قاموا بخصخصة المؤسسات الاقتصادية والتعليمية، فأنشئوا الجامعات والمستشفيات والمدارس البنوك الإسلامية وغيرها من البنوك والشركات الوهمية لتربعوا على عرش الاقتصاد اليمني بكل قوتهم ونفوذهم".

وطال النهب والسطو الثروة النفطية والغازية، في حضرموت وشبوة والمهرة ومأرب والجوف، عبر شركات خاصة بهذه الفئة الفاسدة.

ومعلوم أنه جرى تقسيم المحافظات الجنوبية تحديدا، بعد حرب 1994، إلى أكثر من 97 قطاعا نفطيا منها في محافظة حضرموت نحو 56 قطاعاً نفطياً وفي محافظة شبوة أكثر من 18 قطاعاً نفطياً، وفي محافظة المهرة حوالي 8 قطاعات نفطية، بينما تتوزع 15 قطاعا نفطيا في محافظات (عدن- لحج- أبين) بما في ذلك المياه الاقليمية الجنوبية لخليج عدن والبحر العربي وأرخبيل سقطرى.

 والمثير للاستغراب أن النظام السابق، وزع هذه القطاعات النفطية والغازية بطرق غير مشروعة، بين زعماء القبائل وكبار قادة الحرب العسكريين، كمكافئات لمجهودهم الحربي.

ووصل عدد الشركات النفطية العالمية المتعاقدة مع شيوخ القبائل وكبار المتنفذين السياسيين والعسكريين ورجال الدين وغيرهم في عام 2008م إلى حوالي 57 شركةً نفطيةً عالميةً، وأن ما تم استنساخه إلى جانبها يبلغ نحو 50 شركة محلية وهمية، حسب تقارير محلية.

 وكشف خبير سابق كان يعمل لدى إحدى الشركات النفطية في اليمن، أن ثلاثة أرباع النفط الخام المستخرج لم يجر الاعلان عنه رسميا ولم يدخل في حساب الخزينة العامة للدولة إذ يجري التعامل معه بطريقة البيع والشراء بالمزاد ووفق عقود غالبا ما يكون طرفاها شخصيات يمنية نافذة وشركات نفطية أجنبية.

ومؤخرا، ذكرت تقارير حديثة، أن حجم ما تم تهريبه من أموال اليمن بلغ أكثر من 106 مليارات دولار، تم نقل الكثير منها عبر بنوك إماراتية، لكن الحجم الفعلي للأموال المهربة والمنهوبة في سنوات الحرب وما سبقها من فترات يزيد بكثير عن الأرقام المذكورة، والتي تعود غالبيتها للرئيس السابق علي صالح وأفراد عائلته ورموز نظامه من النافذين العسكريين والسياسيين والمشايخ الذين اتخذوا من الإمارات وغير ها من البلدان العربية والأوروبية ملاذا لهم ولأموالهم المنهوبة من موارد وثروات الشعب اليمني.

وضاعفت حرب التحالف بقيادة السعودية والامارات، منذ مارس 2015 من من ممارسات التدمير والنهب الممنهج للاقتصاد اليمني، وبمؤازرة القوى نفسها ذات النفوذ السياسي والاجتماعي والعسكري، التي ظلت ولاتزال وراء نهب موارد وثروات البلاد وشن الحروب على اليمنيين وإطالة أمد معاناتهم.