السعودية تحاول غسل انتهاكاتها بحق المغتربين اليمنيين

YNP -  إبراهيم القانص :

استخدام التحالف سياسة تزوير الحقائق والتعتيم على ما يحدث واقعياً على الأرض في الحرب التي بدأها قبل أكثر من ستة أعوام على اليمن؛ كان أهم وسائله لكسب تأييد المجتمع الدولي والمساندة المباشرة وغير المباشرة سواء بمواقف الدول المؤثرة أو بصفقات الأسلحة التي أبرمتها ولا تزال تبرمها السعودية والإمارات، رغم معرفة الدول المصنعة أن تلك الأسلحة تستخدم لقتل المدنيين والأطفال والنساء في اليمن، وتدمير منشآته الحيوية وبناه التحتية، وكانت وسيلته التحالف الأبرز لنقل صورة مختلفة تماماً عن واقع ما يحدث نتيجة حربه في اليمن هي شبكات الإعلام بأنواعها المرئية والمسموعة والمقروءة، التي سخرها لمهمة وحيدة هي تزوير الواقع وتضليل الرأي العام العالمي لكسب التأييد وإيجاد المبررات وتجميل صورته أمام العالم بتقديم نفسه على أنه المنقذ والمصلح والوسيط وراعي القيم والمثل الإنسانية.

 

لا مجال للشك في أن الإعلام سلاح فتاك، فعندما يُستخدم خارج الأُطر الإنسانية والمهنية والأخلاقية يحوِّل الجلاد إلى ضحية والضحية إلى طاغية والمجرم إلى قدِّيس، ليصل برعاته ومالكيه إلى أهدافهم السياسية وتنفيذ أجنداتهم المحرمة على جماجم وأشلاء الضحايا ودماء الأبرياء، وفي الوقت نفسه إقناع الرأي العام بطريقةٍ أو بأخرى بأنه لم يفعل سوى الصواب والانتصار للإنسانية وأن أياديه بيضاء لم تتلطخ بدماء كل أولئك الضحايا، وفي الاتجاه نفسه وعلى طريقة ما لم يحققه الإعلام يحققه المال؛ يستخدم التحالف أمواله وثرواته الطائلة لشراء الولاءات القبلية والسياسية، مستغلاً حالة العوز التي يعيشها اليمنيون، لتوجيه أولئك الأتباع أو استخدامهم كأدوات ينفذ بها خططه ويبرئ نفسه من تبعاتها الكارثية كونها بيد أهل البلاد نفسها.

 

بتلك الطرق والوسائل غير الأخلاقية وغير الإنسانية استطاع التحالف أن يجعل غالبية دول العالم ما فظائع حربه في اليمن أقل تفاعلاً وإحساساً بحجم وكارثية ما يحدث، بتصويب أنظارهم وتركيزها على الطرف الآخر الذي قدم له صورة نمطية على أنه من يقع عليه اللوم، وبصعوبة بالغة بدأت بعض الدول تقتنع بأن منظومة إعلام التحالف تقدم صورة مزيفة عن واقع ما يدور في اليمن، واليوم وبعد أن بلغت معاملات التحالف- تحديداً السعودية- ذروة السوء مع المغتربين اليمنيين، ستبدأ شبكات الإعلام التابعة لها بتضليل العالم عن مستوى الظلم الذي توقعه بهم، خصوصاً مع الإجراءات الأخيرة أو القرارات التي اتخذتها بحق ما يزيد على ثلاثة وعشرين ألف عامل يمني قررت الرياض ترحيلهم من ثلاث مناطق هي عسير ونجران وجيزان، وحسب أنباء متواترة فقد بدأت فعلياً مؤسسات تابعة للحكومة السعودية بإلغاء عقودها من ذوي الجنسية اليمنية بمن فيهم الأكاديميون العاملون في جامعاتها، ومثلما بررت شبكات التحالف الإعلامية وزورت تدمير المنشآت الاقتصادية في عموم اليمن؛ ستتخذ الأسلوب نفسه في تبرير وتزوير هذه الخطوة كونها جزءاً من الحرب الاقتصادية، حيث يساهم المغتربون بنسبة كبيرة من دعم اقتصاد بلادهم بالعملات الصعبة.

 

ولفداحة وكارثية التبعات التي ستخلفها خطوة السعودية بحق المغتربين، ستحتاج المملكة إلى كمٍ هائل من التضليل الإعلامي، ولكن حليفتها الإمارات ربما ستوفر عليها هذه الخطوة بإضافة منبر جديد لتوسيع رقعة التضليل بشأن ما يُمارَس ضد المغتربين بشكل خاص، باعتزامها إطلاق قناة فضائية اسمها "المغترب" لاستهداف هذه الشريحة بالتحديد، وصرف أنظار المتابعين عن مستجدات تعسفاتها بحق المغتربين وتأثير ذلك على عائلاتهم وبلادهم بشكل عام، كجزء مهم من حربها الاقتصادية، وحسب مواقع إخبارية متعددة فإن رجال أعمال سعوديين وإماراتيين هم من يمولون القناة المرتقب إطلاقها تحت شعارات الاهتمام باليمنيين في بلدان الاغتراب، مشيرةً إلى أن القناة التي ستحمل اسم "المغترب" سيكون مقرها القاهرة، وسيكون لها مكتب في العاصمة السعودية الرياض، وكالعادة سيتم استقطاب كوادر يمنية صحافية وإعلامية لتشغيل القناة وبأيديهم سيتم تمرير الأجندات الإماراتية والسعودية لتوسيع فجوة التباين بين اليمنيين مبعدةً نفسها عن الشبهات أمام الرأي العام.