تحولات خطيرة في صراع الانتقالي والشرعية.. الجنوب إلى أين ؟؟

YNP - طلال الشرعبي :
يوما بعد يوم تتصاعد حدة التوتر والصراع الدائر في المحافظات الجنوبية والشرقية بين المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً من جهة والحكومة الشرعية وحزب الإصلاح من جهة أخرى.

وخلافاً لما شهدته تلك المحافظات من جولات صراع متكررة بين تلك الأطراف خلال السنوات الماضية حددت نتائجها معالم خارطة التموضع السياسي والعسكري لكل طرف منها وتقاسم سلطة النفوذ والسيطرة والإدارة لشؤون الجنوب .
مثّل دخول الشارع الشعبي الجنوبي كطرف جديد إلى دائرة الصراع وخروجه في موجة تظاهرات شعبية عارمة تحولاً كبيراً من شأنه إحداث تغيير مستقبلي في أبجديات وأرقام وموازين معادلة الصراع الدائر على مسرح الواقع الجغرافي والسياسي الذي اتسم بطابع النمطية والجمود في التعامل مع المطالب الحقوقية المشروعة للمواطنين منذ سيطرة قوات التحالف على تلك المحافظات أواخر العام 2016م .
وفي هذا السياق تؤكد التظاهرات الشعبية التي شهدتها ولا تزال محافظات حضرموت وعدن وشبوة  منذ مطلع الأسبوع الماضي وما فرضته على أطراف الصراع الداخلي والأطراف الدولية والإقليمية الداعمة لها من سياسات تعامل معها تكنتزها التناقضات وتفتقد في الوقت ذاته إلى الرؤية الوضحة ..
 أن الشارع الجنوبي لم يعد يثق بأي منها وأن الفقر والبؤس وصنوف وأشكال المعاناة المتعددة هي المحركات الرئيسية التي تقف وراء اندفاعه وخروجه في موجة تظاهرات غاضبة يتسع نطاقها مع مرور كل يوم في منحى تصاعدي يوحي بإمكانية إمتدادها وشمولها لكافة المدن الجنوبية وتحولها إلى ثورة جياع ستقتلع جميع القوى التي جعلت من معاناة ومآسي المواطنيين واستمرار انعدام الخدمات والتدهور المفجع للعملة الوطنية والارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية مادة للمزايدة السياسية والإعلامية دون أي تحرك جدي للتخفيف منها أو وضع حد لها.
إلى ذلك ورغم محاولة كل من المجلس الإنتقالي والحكومة الشرعية وحزب الإصلاح استغلال تلك التظاهرات وتوظيفها لتصفية حسابات وتحقيق أهداف ومكاسب سياسية .. بات التطور الدراماتيكي السريع والمتصاعد في مسار أحداث ووقائع تلك التظاهرات وكذا طريقة تعامل كل طرف من أطراف الصراع معها في مناطق سيطرته أو في مناطق سيطرة الآخر .. حقائق تثبت للعالم أجمع وللأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة والمنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان أن تلك التظاهرات فعل شعبي ووطني وثوري معبر عن حق مشروع هو حق المطالبة بعيش الحياة الآمنة والمستقرة والتخلص من المعاناة ووضع حد لتفاقم المأساة التي صنعها ويحرص على استمرارها تجار الحروب ومن يقف وراءهم من قيادات وزعامات التحالفات الداخلية والخارجية التي جعلت محافظات عدن وشبوة وحضرموت وغيرها من محافظات الجنوب مسرحاً وساحة صراع تناحري عبثي لتحقيق أهدافها ومطامعها وتأمين وحماية مصالحها الشخصية.
وبالمقابل يمكن القول أن ما شهدته مدينة المكلا في حضرموت وعتق في شبوة والشيخ عثمان وكريتر والتواهي من أحداث ووقائع تعامل قمعي مع تلك التظاهرات وصلت حد إطلاق نيران الأسلحة الخفيفة والمتوسطة لتفريق المحتجين وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المتظاهرين .. كلها إجراءات تأتي في سياق سعي تلك الأطراف إلى تحقيق أهدافها وتأمين مصالحها الشخصية وتنفيذ مشاريع ومخططات الأطراف الخارجية التي تقف وراءها والداعمة لها
وتجدر الإشارة هنا إلى أن استمرار أطراف الصراع التي يأتي في مقدمتها الانتقالي وحزب الإصلاح في التعامل القمعي مع المواطنيين المحتجين المتحلين بالروح والمسؤولية الوطنية وثقافة التعبير السلمي الحضاري للمطالبة باحتياجاتهم هو الأمر الكفيل بإسقاط الأقنعة والأغلفة الزائفة التي ظلت تتوارى خلفها تلك الأطراف وكشف حقيقة نواياها وأهدافها ومطامعها في السيطرة والنفوذ والاستحواذ والهيمنة وسيمثل الضمانة الحقيقية لتطور فعل التظاهر والاحتجاج السلمي للشارع الجنوبي وتحوله إلى ثورة جياع عارمة تقلب الطاولة على رؤوس الجميع.