صنعاء تطلق " رصاصة الرحمة " على أجندات التحالف وفصائله !

YNP_ حلمي الكمالي :

لاتزال صنعاء تبهر العالم بخياراتها الواسعة والحاسمة في مياديين الحرب والسياسة، مسجلة انتصارات إستراتيجية في التوقيت والزمان المناسبين، أقل ما يمكن وصفها بـ "رصاصات رحمة " على أجندات خصومها المحلية والإقليمية جمعاء، التي تواصل إنكفائها عسكرياً وسياسيا واقتصادياً واجتماعياً، بمنظور الوقائع والشواهد على الأرض.

إذا ما تحدثنا بلغة الأرقام، فإن الحشود المليونية التي أكتظت في أكثر من 25 ساحة للإحتفال بالمولد النبوي الشريف، تلبية لدعوة قدمها قائد أنصار الله، السيد عبدالملك الحوثي، للخروج لإحياء المناسبة العظيمة، كانت بشكل أو بآخر إستفتاءا شعبيا مباشرا، يؤكد غلبة صنعاء وقواتها وأنصارها لحضورها القوي والطاغي على الساحة اليمنية، وهيمنتها الواسعة على المشهد السياسي والعسكري في البلاد.

اللافت في هذا الأمر، ليس حجم الحشد الشعبي الهائل فقط، بل يتمثل في نقاط عديدة أبرزها، أولا: مدى الإستجابة الشعبية لأنصار صنعاء في مناطق سيطرتها، والقدرة على الاحتشاد بهذا الحجم في ظل الحرب والحصار والظروف الصعبة، ثانيا : النجاحات الأمنية الباهرة في تأمين ملايين البشر في زمن قياسي وظرف أمني غير تقليدي، يصاحبه حرب واسعة وشرسة مع قوى دولية ثقيلة الحجم كان لديها الكثير من التجارب في إسقاط الدول والأنظمة على إمتداد العالم.

الأهم من ذلك، هو حجم الخروج للجماهير الشعبية في المناطق التي سيطرت عليها قوات صنعاء حديثا، وعلى رأسها الحشود الكبيرة التي شوهدت في مديريات بيحان وعسيلان وعين في محافظة شبوة، والأخرى في مديرية حريب بمحافظة مأرب، والتي لم يمض سوى شهر فقط لسيطرة قوات صنعاء عليها، ما يعكس الإلتفاف الشعبي الكبير حول صنعاء، واتساع رقعتها الإجتماعية والقبلية، وهو ما يعني في الوقت ذاته، أننا قد نشهد تهافت كبير ومماثل لدى أنصار صنعاء في كل المحافظات الجنوبية الخاضعة لسيطرة فصائل التحالف.

في مقاربة بسيطة لهذا المشهد، فإن هادي يفقد كل يوم عشرات الجنود والمواقع العسكرية، بالمقابل، تكسب قوات صنعاء، مع كل كيلوا متر تسيطر عليه، مئات المقاتلين وعشرات آلاف المناصرين، في معادلة مكتملة الأركان لمواجهة محسومة تجري لصالح طرف واحد دون غيره، وهو صنعاء.

بالتوازي من هذه الإستعراض الجماهيري الواسع وارتفاع الرايات الخضراء في مختلف الساحات، كانت صنعاء تستأنف عرضا عسكريا لقواتها في جبهات مأرب، حيث اشتعلت شرارات المدافع الحمراء على طول مواقع قوات " الشرعية " في محيط البوابة الجنوبية للمدينة، فبعد استكمال سيطرة قوات صنعاء على مديريتي العبدية وحريب، تمكنت من إحكام سيطرتها على أجزاء واسعة من مديرتي الجوبة وجبل مراد، أبرز وآخر معاقل قوات هادي والإصلاح، جنوبي المحافظة النفطية.

تقدم عسكري واسع لقوات صنعاء جنوب مأرب، يزامنه تقدم أوسع في مناطقها الإستراتيجية شمال شرقها، إلى جانب توغل كبير في أطراف مديرية صرواح، على بعد كيلوا مترات قليلة من المجمع الحكومي، الذي تشير أنباء أنه أصبح شبه فارغا من قيادات هادي، إثر قرار عاجل بإخلاء المناطق العسكرية، مع سماع أصوات المعارك الطاحنة بوضوح من شرفة المجمع، بعد وصول المواجهات إلى آخر الأنساق الدفاعية للشرعية على أسوار المدينة.

متغيرات دراماتيكية في أتون الحرب الشرسة التي تشهدها محافظة مأرب، آخر معاقل " الشرعية " والتحالف وصورهما الشكلية، تحصد ثمارها قوات صنعاء، في ضربات استراتيجية متلاحقة، أكدتها قيام قيادات رفيعة في " الشرعية "، على رأسها وزراة دفاع هادي، بالهروع على بيع منازلها واستثماراتها في مأرب، وحزم حقائبها إستعدادا لمغادرة جماعية إلى خارج البلاد.

في نهاية المطاف، يجب التدقيق والتعريج على عبارة ترددها قيادات صنعاء مفادها " ما قبل المولد ليس كما بعده "، والتي أصبحت راسخة كل عام مع مرور ذكرى المولد النبوي الشريف، بمفاجآت على أرض المعركة، وهي عبارة يؤكد خبراء عسكريون من المهتمين بالشأن اليمني، أنها أصدق من جميع البيانات والعمليات العسكرية المهترئة التي تطلقها قوات التحالف و" الشرعية " تباعا، منذ بداية الحرب على اليمن، قبل أن تتلاشى في مهب الريح.