اللاجئون الأفارقة.. من مخيمات الرويك إلى جبهات العبدية بمارب

YNP -  إبراهيم القانص :

كان أمراً مستغرباً تدفق عشرات الآلاف من اللاجئين الأفارقة، خصوصاً من إثيوبيا، إلى مناطق ومحافظات يمنية في وقت تمر البلاد بأسوأ مراحلها بسبب الحرب التي تقودها السعودية والإمارات منذ أكثر من ستة أعوام، فمن الناحية الأمنية لا يستطيع أحد أن يضمن سلامتهم وخصوصاً عندما يصلون إلى مناطق قريبة من مواقع المواجهات، ومن الناحية الاقتصادية فالوضع ينحدر باتجاه المجاعة نتيجة الحصار الذي تفرضه دول التحالف على منافذ اليمن البرية والبحرية والجوية، والانهيار المعيشي الذي ترتب على ذلك بسبب انهيار قيمة العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، وما صاحبه من ارتفاع أسعار السلع الغذائية الرئيسية، ما يجعل توافد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن في هذه الظروف الاستثنائية أمراً مستغرباً ومشكوكاً فيه.

 

الآن لم يعد موضوع اللاجئين الأفارقة مستغرباً، فقد تكشفت الحقائق وزال الغموض الذي ظل يغلف مسألة تدفقهم بعشرات الآلاف إلى عدن ومخيم الرويك في مارب، ففي عدن تمتلئ الأحياء باللاجئين الذين يتوافدون بشكل يومي خلال السنوات الماضية، وسرعان ما تقل تلك الأعداد ولا يبقى منها إلا القليل، فالقوات التي تمولها الإمارات تأخذهم إلى معسكرات يتم فيها تدريبهم وتأهيلهم عسكرياً ومن ثم توزيعهم على الألوية التابعة لأبوظبي في جبهات الساحل الغربي، فيما يتم تأهيل آخرين منهم لتنفيذ عمليات اغتيال سياسية وتصفية حسابات بين الأطراف المتنازعة، فيما ترصد مواقع إخبارية عمليات اغتصاب أطفال وفتيات على يد مهاجرين أفارقة تم توطينهم داخل أحياء في مدينة عدن.

 

أما المهاجرون الذين يصلون إلى منطقة الرويك في محافظة مارب، فقد كان تدفقهم أشد غرابة وغموضاً مما يحدث في عدن، حتى كشف ذلك الغموض الإعلام الحربي التابع لقوات صنعاء في الإيجاز الصحافي الذي قدمه المتحدث الرسمي لقوات صنعاء العميد يحيى سريع عن العملية العسكرية الواسعة التي سيطرت خلالها القوات على خمس مديريات في محافظتي شبوة ومارب وأطلق عليها "ربيع النصر"، فخلال المشاهد التي عرضت لقطات لأسرى وجرحى قوات الشرعية والتحالف أثناء سيطرة صنعاء على مديرية العبدية في مارب، ظهر بينهم مجندون أفارقة وتحديداً من دولة إثيوبيا، حيث يرى مراقبون أن أولئك الأفارقة هم من يصلون على شكل لاجئين، كما يفسر ظهورهم ضمن الأسرى لُغز تركهم نساءهم وفتياتهم في المخيمات التي يتم إيواؤهم فيها بمنطقة الرويك الصحراوية، فبمجرد وصولهم يتوجهون صوب مدينة مارب بمبرر البحث عن أعمال، فيما تتولى منظمات إغاثية توفير احتياجات النساء والفتيات في مخيمات الرويك، ووجودهم جنباً إلى جنب مع عناصر تنظيمي داعش والقاعدة في مديرية العبدية يفسر أيضاً تصاعد صراخ التحالف والأمم المتحدة وتحذيراتهم الشديدة من السيطرة على المديرية، لكن ذلك كله لم يثمر شيئاً، فقد تجاوزت صنعاء العبدية وباتت على مشارف المجمع، حيث لا يزال التحالف والشرعية والأمم المتحدة على موعد مع المزيد من الصراخ والبكائيات المطولة.