جرعة ثامنة بأسعار الوقود في المحافظات الجنوبية.. وتوقعات بمزيد من التفاقم

YNP – خاص :

جرعة جديدة في أسعار الوقود أقرتها حكومة هادي في مناطق سيطرتها تعد الثالثة خلال شهر واحد، والثامنة منذ مطلع العام الجاري، ليرتفع سعر الوقود بعد هذه الزيادات الثمان بصورة قياسية بما تفوق نسبته 400%.

 الزيادة السعرية الجديدة أقرتها شركة النفط اليمنية بعدن بشكل رسمي، وسط أزمة خانقة في المشتقات النفطية تشهدها المدينة وغيرها من المدن والماطق جنوب البلاد. ليرتفع السعر بموجب القرار الذي بدأ سريانه اعتبارا من الإثنين الماضي، إلى 22 ألفا و400 ريال لعبوة البنزين سعة 20 لتراً، بزيادة بمقدار أربعة آلاف ريال عما سبق.

ودأبت شركة النفط بعدن على تبرير الزيادات السعرية في كل مرة، حيث كان مبررها في الزيادة الجديدة هو  ارتفاع الأسعار التي يشتري بها التجار والمُورِّدون الوقود من الخارج، فضلاً عن صعود أسعار النفط عالميا، وكذا تراجع سعر الريال اليمني إلى 1530 ريالاً للدولار للمرة الأولى في تاريخ البلاد.

وتُعدّ الزيادة السعرية الجديدة هي الثامنة منذ مطلع العام، وفي كل مرة تضع حكومة هادي تبريرات لهذه الزيادات المتلاحقة، وسط تجاهل لما تتسبب به من انعكاسات على الحياة اليومية للمواطنين.

وتأتي الزيادة الجديدة في أسعار الوقود، في المحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة هادي، لتكون الثالثة خلال ما يقارب الشهر، حيث وصل سعر صفيحة البنزين منتصف سبتمبر الماضي إلى 15 ألف ريال، بزيادة 2800 ريال عن ما كانت عليه منتصف أغسطس الماضي.

وفيما شهدت وتشهد تلك المحافظات الجنوبية من احتجاجات واسعة ومستمرة، تنديداً بتردي الخدمات والأوضاع الاقتصادية والمعيشية، ورفضاً لمسلسل الجرع والزيادات السعرية، شن ناشطون ومراقبون هجوماً لاذعاً على حكومة هادي، معتبرين أي مبررات تسوقها شركة النفط للزيادة السعرية ستكون نوعاً من المغالطة،مشبرين أن السبب الرئيس هو فساد مشترك بين حكومة هادي والتجار المستوردين للمشتقات النفطية، مضيفين أن أي مبررات أخرى يجري تسويقها ستكون عبارة عن مغالطة واضحة للمواطنين، الذين تتسع معاناتهم  نتيجة إجراءات حكومة هادي، والتي تهدد المواطن في لقمة عيشه، سيما في ظل الانهيار الاقتصادي الحاصل وتهاوي العملة، وما قابلها من ارتفاع أسعار السلع الأساسية.

ويتزامن قرار رفع أسعار المشتقات مع وضع اقتصادي صعب، مقرون باستحكام حلقات الأزمات المعيشية التي تعددت واختلفت أشكالها، لكن الضحية هو المواطن البسيط والموظف المتعب وجميع شرائح المجتمع الرازح تحت وطأة أزمات المياه، الكهرباء، ونقص الإمدادات من السلع الغذائية والدواء والوقود، واشتعال الغلاء الذي  لم يعد محصوراً في المحروقات بل طال السلع الأساسية وأهمها رغيف الخبز، بعد أن انهارت قيمة الريال لأدنى مستوى لها في التاريخ، وانهارت معها القدرة الشرائية للمواطن، وتوقف رواتب موظفي المؤسسات والجهات الرسمية الإيرادية لأشهر.

من جهتهم توقع اقتصاديون تفاقم الأزمات والزيادات السعرية في سوق المشتقات النفطية خلال الأشهر المقبلة في المحافظات الجنوبية، وذلك نتيجة الانهيار الاقتصادي الحاصل في هذه المحافظات، واستمرار تهاوي سعر صرف العملة المحلية، بما يرتبط به من تضاؤل القيمة الشرائية للريال، يضاف إلى ذلك السياسة التي اتبعتها حكومة هادي بتعويم سوق النفط، وإتاحة المجال للتجار، وتعطيل دور شركة النفط اليمنية وشركة مصافي عدن.

ويؤكد الاقتصاديون أن قرار تحرير استيراد المشتقات النفطية الذي اتخذ في مارس من عام 2018م، كان قراراً غير صائب أو مدروس، وقد ساهم في انهيار العملة المحلية، وخاصة مع استمرار ارتفاع أسعار النفط عالمياً، الأمر الذي أدى إلى استنزاف العملة الصعبة من السوق، خاصة مع ازدياد عدد الموردين، لافتين إلى أن القرار قد أتى كبديل لتشغيل مصافي عدن، الأمر الذي يتضح معه بصورة جلية، أن الهدف من القرار كان يتمثل في تعطيل عمل ومهمة كل من شركة مصافي عدن وشركة النفط، وإعاقتهما عن أداء دورهما المطلوب ووظيفتهما الأساسية المتمثلة في التكرير بالنسبة للمصافي والتسويق لشركة النفط، وتحويلهما إلى منشآت للتخزين لما يستورده التجار، وبالتالي اعتبارهما مجرد خزانات مستأجرة بنظام العمولة.

مراقبون اعتبروا ما تعرضت له شركة النفط اليمنية وشركة مصافي عدن من تعطيل نتيجة قرار حكومة هادي تحرير استيراد الوقود، ليس سوى مؤامرة حيكت لتدمير أهم قلاع الاقتصاد في البلاد لصالح تجار مقربين من هادي، وأبرزهم نائب مدير مكتبه التاجر أحمد العيسي، وفاسدون آخرون في حكومته أحالوا المصافي إلى مجرد مخازن خاصة بمستورداتهم، بموجب عقود إيجار صورية، تنص على إيداع الإيرادات والعائدات لدى مركزي عدن كرافد لخزينة الدولة، لكنهم لم يوردوا أي مبالغ تذكر إلى البنك بل هربوها عملة صعبة إلى أرصدة خارجية معظمها في السعودية وفي حسابات خاصة بالتجار.