مع كسرها أجنداته الأخيرة .. كيف تمكنت صنعاء من تدمير غرف عمليات التحالف ؟!

 YNP _ حلمي الكمالي :

خلال سنوات الحرب على اليمن، تمكنت صنعاء من ضرب أهداف التحالف الجوهرية، كلا على حده، ووأد مشاريعه التخريبية الواحد تلو الأخر، ما ظهر منها وما بطن، فلا استطاعت قوى التحالف إعادة " الشرعية" إلى صنعاء، ولا تمكنت من صد هيمنة قوات صنعاء على واقع المعركة المفتوحة، برا وبحرا وجوا، في المقابل يستمر التحالف بترويج المزيد من انتصارات " وهمية "، والتي أصبحت مادة للسخرية في الشارع المحلي والعربي والدولي، على حد سواء.

بلغة الأرقام والوقائع، لاتزال صنعاء تضع بصمتها الضاربة في ميدان المواجهة، ففي جولة سريعة للمستجدات الطارئة في المشهد اليمني خلال الأسبوع الجاري فقط، بدءا من عمليات الاستنزاف الواسعة التي تتعرض لها الفصائل الموالية للإمارات بالساحل الغربي، مع سقوط نحو 375 بين قتيل وجريح من قواتها المشتركة، وافشال صنعاء لمخطط إماراتي يهدف فقط لصناعة " نصر وهمي " بعد إنسحاب فصائلها من أهم المناطق إستراتيجية على طول سواحل محافظة الحديدة، مرورا باستكمال تطويق قوات صنعاء لاخر معاقل الشرعية والتحالف في مأرب، إلى تنفيذ الأخيرة لعملية ردع ثامنة في العمق السعودي.

كل هذه الضربات المركبة التي تلقتها فصائل التحالف خلال أسبوع فقط؛ تضع مشاريعها الضيقة على المحك، ما يجعل أحلام القوى الغربية المشاركة في التحالف لضمان بقاء مصالحها في البلاد ؛ " وردية" ليبدو تحقيقها مستحيلا في واقع أكثر صعوبة من أي وقت مضى.

حالة الترهل التي تعيشها قوى التحالف ، لا تظهر فقط من خلال تصاعد جرائمها ضد الأعيان المدنية، وقصف " المقصوف " ، والتلاعب بالمصطلحات لتخدير اتباعها عندما تحاول إضافة طابع لغوي جديد على إخفاقاتها العسكرية، فعلى سبيل المثال يسمي التحالف إنسحاب فصائله من الساحل الغربي بإعادة " التموضع ".

بينما يصف إعلامه في تغطيته المواجهات بين قوات صنعاء وقوات الشرعية في نقطة الفلج والبلق الشرقي، التي تفصلها عن أول أحياء مدينة مأرب، مسافة لا تتجاوز أربعة كيلومترات ، على أنها انتصارات وتقدمات إستراتيجية لقواته !. هذا " الانفصام " في الخطاب الإعلامي والسياسي للشرعية والتحالف، لا يقف عند غرف عملياته، التي تعاني من شحة مستدامه في المعلومات ؛ بل وصل إلى دهاليز القوى الدولية الداعمة لتحالف الحرب على اليمن، والتي تقود قراراته وتوجهاته، كما هو واضح من خلال الرحلات المكوكية للمبعوثين الأممي والأمريكي من وإلى المنطقة، والفاشلة في الوقت ذاته.

الطائرة " الأممية " التي لم تبيت ليلة واحده في مطار نيويورك، منذ وصول بندقية صنعاء إلى تخوم مأرب، وهي تتنقل بين عواصم الدول العربية والإسلامية والاوروبية، وطرقت كل الأبواب للضغط على صنعاء، وتخفيف الضغط على التحالف؛ عادت بخفي " حنين "، وهو ما يفسر التصريحات المبهمة والعقيمة للمبعوثيين، خصوصا بعد فشلهما في إعادة تدوير فصائل التحالف بحلة جديدة.

ما يجب التركيز عليه في المستجدات الأخيرة، هو أن الرياض كانت قد راهنت كثيرا على الدفاعات الجوية التي تم تنصيبها مؤخرا ، إلا أن تلك الرهانات سرعان ما تبددت مع إستهداف قوات صنعاء في عملية توازن الردع الثامنة، لمواقع حيوية وحساسة في خمس مدن سعودية ، على رأسها مطارات وقواعد عسكرية في الرياض وجيزان وعسير، ومنشآت لأرامكو في جدة.

ولعل هذا ما بدى واضحا من حالة الخيبة التي أصابت السعودية قبل أن تدفع مؤخرا لمهاجمة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بشكل غير مباشر، والتأكيد على فشل الجهود الأممية في استنقاذ غرقها من المستنقع اليمني، أو حتى خروجها منه بأقل الخسائر، في وقت تفرض صنعاء هيمنتها الكاملة على الميدان العسكري والسياسي في البلاد، وتقترب من حسم المعركة كليا لصالحها.