هل تنجح السعودية بإجهاض ثورة الجياع في اليمن ؟

خاص –YNP ..

تراجعت الفعاليات التصعيدية  المطالبة بإصلاح الوضع الاقتصادي في مناطق "الشرعية"  رغم استمرار خطورة الوضع القائم والانهيار المستمر والذي ينبئ بمجاعة قاتلة، فهل نجحت السعودية بامتصاص الغضب ، ومالذي ينتظره المواطنين في تلك المناطق  لمواجهة الازمات المستفحلة والتي تهدد مستقبلهم وحياتهم؟

كان من المفترض ان يتصاعد وتيرة الغضب الشعبي الذي بدأ خلال اليومين الماضيين على شكل مسيرات في تعز وعصيان مدني إلى جانب اغلاق الشوارع في عدن وحضرموت وبقية المحافظات ، وكان يفترض ان يصل ذروته في ظل الدعوات لاقتحام البنك المركزي في عدن ، لاسيما  وقد تجاوز الدولار حاجز الـ1700 ريال وبلغت  معه اسعار المواد الغذائية حد لا يطاق،  لكن ما حدث حتى اللحظة  يبدو محبطا للكثير من الناشطين  ممن كانوا يعولون على احداث طفرة ارتفاع الاسعار  دافعا للمطحونين على مدى السنوات الماضية من عمر الحرب والحصار  على اليمن  للنهوض من سباتهم وقد دنت اللحظة المخيفة التي قد تدفعهم لبيع اخر ما يمتلكون من عقارات واصول مالية لشراء قطعة الخبز التي وصل سعرها في تعز إلى 100 ريال وفي عدن التي تزعم سلطتها هناك بدعم الخبز إلى 75 ريال بغض النظر عن وزنه الذي اصبح  اقل بكثير مما كان في السابق ناهيك عن ثبوت اسعاره في صنعاء حيث لا يتجاوز القرص الـ25 ريالا.

لم يتضح حتى اللحظة  السبب الرئيس  لهذه المحنة ، اهي نجاح للسعودية بامتصاص الغضب الشعبي ، أما محاولات هادي الهروب إلى جبهات القتال للتمويه على فشله وفساده ، أم جراء حالة التبلد التي وصل اليها الناس في تلك المناطق ممن يجلدون يوميا بسياط الجرع  والتدمير الممنهج للخدمات والفساد  وقائمة طويلة من النهب والعنف ؟

فعليا لم يكن تراجع الاحتجاجات جراء القبضة الامنية للفصائل التي تحكم المدن هناك كإقطاعيات وقد ظهر العشرات وهم يواجهون بأيديهم العارية مدرعات واطقم في عدن وحضرموت، لكن يبدو أن الوعود السعودية عبر تحرك السفير للحديث عن وديعة وقبلها التلميح بإقالة مجلس ادارة البنك المركزي اضافة إلى تحريكها هادي وحكومته في هذا المسار ومحاولة تصوير تلك الاجتماعات على انها ذات مغزى يتعلق  بمواجهة الانهيار  الاقتصادي إلى جانب محاولاتها حرف الانظار بعيدا عن ازمة الخبز التي تحيق بالمواطنين في مناطق الشرعية بالحديث عن تغير في المعركة والتصعيد برا و جوا باستهداف العاصمة صنعاء،  قد اتت اكلها في صرف انظار الناس عن بطونهم  وقوت يومهم وانتظار مالم تحققه السعودية على مدى 7 سنوات من الحرب والحصار.

أيا تكن دوافع التراجع، تشير المعطيات إلى أن القادم  سيكون اسواء في تلك المناطق خصوصا في ظل التحذيرات المتصاعدة لنقابات كالغرفة التجارية ونقابة تجار الادوية والمستلزمات الطبية ممن قرعوا في بياناتهم ناقوس خطر قادم بعجزهم عن الاستيراد، إضافة إلى الانهيار المستمر للعملة المحلية وتعمد البنك المركزي  خفض قيمته إلى ما دون الـ2000 ريال للدولار وما سيترتب عن ذلك من   غلاء للمعيش وعجز الاسر عن شراء ما يسد رمق حياتها اليومية،  اضافة إلى رفض التحالف الذي ضخ مليارات الدولارات في تركيا وايران وماليزيا عن تحمل مسؤوليته في مواجهة الانهيار هناك واستخدام الاقتصاد كورقة جديدة في حربه القاتلة في اليمن  وسط مساعيه لاستغلال هذه الورقة التي نجح من خلالها اخضاع دول عدة  بغية تحقيق مكاسب سياسية على الاقل بتشديد قبضته على مفاصل الدولة جنوب وشرق اليمن ، في ظل تعثر مساعيه لتحقيق اي انجاز في الشمال وبروز المطالب بوقف الحرب التي تعترف السعودية قبل غيرها بالهزيمة فيها وأن دلعتها بعبارة "وصلت إلى طريق مسدود".