هذه الشركة التي كانت في وقت من الزمن تعد اهم مصافي النفط في الجزيرة العربية، ظلت خلال العقود الماضية مهملة ، ما تسبب بتوقفها تارة والعمل باقل من طاقتها في اوقات اخرى، خصوص بعد حرب صيف 1994، حيث تحلت صافر كوجهة لصادرات النفط والغاز ، ربما يكون ذلك لسيطرة قوى النفوذ في الشمال حينها على حقول النفط والغاز وتقاسمها كإقطاعيات خاصة أو ربما لان مصافي عدن لم تكن محدثة كفاية لاستيعاب المتغيرات الجديدة.. عموما هذا الوضع تغير مع صعود هادي للسلطة في العام 2012 ، حيث تم تسليم المصفاة لرجله الاول ونائب مدير مكتبه للشؤون الاقتصادية، احمد العيسي.. ورغم بقاء وجهة النفط والغاز إلى صافر في مارب، احتكر العيسي المصافي وخزاناتها لبيع وشراء الوقود خصوصا لكهرباء عدن التي درت عليه مليارات الدولارات كأرباح واشعلت فتيل صراع مع الامارات والسعودية وصولا إلى اقصاء هادي من اللعبة بتعيين نائب وزير النفط في حكومة هادي مديرا عليها..
وبغض النظر عن الطرف الذي يسيطر على المصافي في عدن، تشير المحاولات الجديدة لإعادة تشغيل المصفاة في هذا التوقيت إلى أن حكومة هادي التي ظلت تعتمد على شركة صافر، المحسوبة على علي محسن، وبتوجيهات من التحالف ، تسابق الوقت لتلافي تداعيات سيطرة "الحوثيين" على مدينة مأرب مع اقتراب قواتهم من احكام قبضتها على المدينة، لا سيما مع بدئها انشاء انبوب جديد لمد النفط من حقول الانتاج في شبوة إلى ميناء النشيمة على خليج عدن بغية تسهيل نقله إلى مصافي عدن بعد أن كان خط الانبوب يوصل حقول نفط شبوة بمصافي صافر وصولا إلى ميناء راس عيسى في الحديدة.. اضف إلى ذلك التحركات القبلية في حضرموت ، والتي بدأت بوقف تصدير النفط إلى مأرب ، وهي خطوة رغم محاولة تأطيرها سياسيا الا ان توقيتها يؤكد بانها ضمن خطط التحالف لمواجهة تداعيات ما بعد سقوط مأرب.
عموما اعادة تشغيل مصافي عدن بدلا عن صافر، قد يخلط الكثير من الاوراق، فهي وقبل كل شيء تنتزع هيمنة قوى النفوذ التقليدي داخل "الشرعية" على موارد النفط والغاز والتي ظلت هذه القوى تستحوذ على ايراداتها خلال سنوات الحرب المقبلة، وهذه الخطوة التي ستنهي بموجبها اهم مصادر تمويلها قد تشكل مقدمة لإعادة هيكلة "الشرعية" في ظل المساعي السعودية الاماراتية لتمكين الفصائل الموالية لأبوظبي من دفة القيادة، وثانيها قد تكون ضمن مساعي لتوحيد الايرادات وتحييد الاقتصاد التي تضغط صنعاء بقوة لأجلها ..