سقطرى تودِّع هويتها اليمنية

YNP - إبراهيم القانص :

يُضيِّق التحالف الخناق على اليمنيين أكثر من أي وقت مضى، مستهدفاً لقمة عيشهم وأرزاقهم واحتياجاتهم الحياتية اليومية الضرورية، مُظهراً وجهه الحقيقي ونواياه وأهدافه التي جاء من أجلها، بشكل أكثر وضوحاً من ذي قبل، بل وصل هذا الوضوح إلى درجة التبجح والمجاهرة بسوء النوايا التي يتعمد ترجمتها على أرض الواقع غير عابئ بأحد، مستنداً إلى ولاء وإخلاص مؤيديه من اليمنيين، سواء من وضعهم تحت الإقامة الجبرية داخل عواصمه ومدنه من أعضاء حكومة هادي، أو الذين اشترى ولاءهم من القيادات العسكرية التي تخوض المعارك نيابة عنه ضد أرضها وشعبها،

ومثلهم مشائخ القبائل الذين نبتت أجسادهم من الأموال السعودية من خلال ما كان يُعرف بكشوفات اللجنة الخاصة، أو من الهبات والعطايا الإماراتية، وجميعها لم تكن يوماً دليلاً على صفاء النوايا وحقوق الجوار وتعميق العلاقات كما كانوا يزعمون، بل كانت لأهداف مخطط لها مسبقاً ومدروسة بشكل دقيق ومحسوم.

 ما يحدث الآن هو الثمن الباهظ الذي يدفعه اليمنيون كما خططت له الرياض وأبوظبي منذ عقود، فالجميع يدفعون الثمن بمن فيهم المواطنون في مناطق سيطرة التحالف وحكومة الشرعية التي مكنته من تحقيق كل خططه، ولا تجرؤ إطلاقاً على اتخاذ موقف يتعارض مع مصالحه، حتى وإن كانت على حساب السيادة والمصير، لكن هناك أخطاء فادحة لم يحسب التحالف جيداً كيف ستكون نتائجها وتداعياتها، يأتي في مُقَدَّمِها أن اليمنيين ليسوا جميعاً كالنموذج الذي لديه، حيث يعرف العالم، وخصوصاً دول الجوار، أن اليمني لا ينسى ثأره ولا يقبل أبداً انتهاك سيادة أرضه، حتى وإن خذله بعض إخوته فهي مسألة وقت فقط ليقول كلمته الحاسمة، وبدون شكٍ فقد أدرك اليمنيون في مناطق سيطرة التحالف أنهم وقعوا في فخٍ تم نصبه جيداً، بعدما تبددت الوعود التي زيَّنها لهم حتى أصبحوا محكومين بما يقرره ولا قرار لغيره هناك، وما يعانيه المواطن في مناطق سيطرة حكومة صنعاء يكابده المواطن في مناطق حكومة هادي والتحالف الذي جاء رافعاً شعار دعمها وإعادتها، وربما تكون مناطق صنعاء أفضل من غيرها في جوانب كثيرة أهمها حالة الأمن المستقرة، بعكس مناطق الشرعية والتحالف فهي مفقودة هناك تماماً، أما الأوضاع المعيشية والاقتصادية والخدمية فالكل هدف مشروع للتحالف بدون استثناء، والفرق أن الحصار المفروض على صنعاء هو المتسبب الرئيس في معاناة المواطنين، أما في المحافظات الأخرى فكل المنافذ مفتوحة ولا احتجاز لسفن النفط أو الغذاء أو الدواء، بل هناك مخطط لا بد أن يتم تنفيذه وهو الوصول بالمواطنين إلى قعر المجاعة، في وقت ينهب التحالف ثرواتهم أمام أعينهم، ومن يبدي أي اعتراض فهو يعرف مصيره جيداً، حيث لا بد أن يلحق بسابقيه القابعين في سجون سرية أنشأتها الإمارات والسعودية لهذا الغرض، حتى لا ينغص عليهما أحد مزاجهما التوسعي داخل الأراضي اليمنية.

 

ولكي يتباهى التحالف بما أوصله إليه أتباعه في اليمن من التوسع والسيطرة وانتهاك السيادة، رغم أنه يخنق اليمنيين جميعاً اقتصادياً ومعيشياً بعد فشله وعجزه عن تحقيق أي انتصار عسكري؛ يستعرض مستشار ولي عهد أبوظبي، عبدالخالق عبدالله، بتهكم مستفز سيطرة قواته على جزيرة سقطرى اليمنية، مُلمحاً حيناً ومصرحاً أحياناً أخرى بأنها أصبحت تابعة لبلاده، أما آخر حديث له عن سقطرى فقد وصل حد التبجح المستفز لليمنيين، وتحديداً لمن لم يبيعوا أرضهم وكرامتهم مقابل الأموال الإماراتية أو السعودية، حيث نصَّب نفسه وكيلاً أو متحدثاً رسمياً باسم أهالي الجزيرة اليمنية، وكما لو أنه أجرى استفتاء شعبياً في أوساط السقطريين قال في تغريدة على تويتر: "لسان حال كل سقطري التقيته أن سقطرى أهملت من الشمال والجنوب، لا الشمال أنصفها ولا الجنوب ينصفها وعانت منهما الإقصاء والتهميش"، وأصدر المستشار الإماراتي حكماً قطعياً بأن سقطرى تبحث عن "وضع إداري مستقل يتسق مع هوية وطنية خاصة بشعبها وتاريخها ولغتها المهددة بالانقراض" في إشارة إلى أن نظام بلاده لا يزال يمضي في مخطط سلب الجزيرة هويتها اليمنية، معززاً هذه الإشارة بتصريح واضح بقوله: "إن نصف سكان سقطرى يعيش ويعمل في الإمارات، الإمارات هي بوابة سقطرى على العالم"، ونيابة عن مواطني الجزيرة قرر الإماراتي أنهم يتمنون أن تكون الإمارة الثامنة في دولة الإمارات، حسب زعمه، الأمر الذي يرى مراقبون أنه يضع اليمنيين أمام مسئولية كبيرة تقتضي وقف التمدد الإماراتي السعودي في أرضهم، واسترجاع ما أصبح تحت سيطرتهما، وهو ما لن يتحقق إلَّا بالخيارات التي بدأت صنعاء بتنفيذها من خلال عملياتها الهجومية على العمقين الإماراتي والسعودي، حسب المراقبين.