النظام السعودي يمثِّل ديناً خاصاً به في "قمة الأديان" بالرياض

YNP -  إبراهيم القانص :

تخفيفاً من وطأة السمعة سيئة الصيت التي تلاحقها في أنحاء العالم، نتيجة انتهاكاتها لحقوق الإنسان، داخل أراضيها وفي الدول المجاورة لها، وكثير من البلدان التي تجد فيها نزعة نحو الاستقلال من التبعية لها أو ترفض الوصاية عليها، استضافت المملكة السعودية في عاصمتها الرياض ملتقى "قمة الأديان"، شارك فيه ممثلون عن الأديان حول العالم، من المسلمين واليهود والمسيحيين والهندوس والبوذيين وغيرهم،

بالإضافة إلى مشاركة قيادات فكرية من دول عدة، ورفع الملتقى شعارات التقارب والمحبة ووقف سفك الدماء، وهي شعارات أبعد ما تكون عنها السعودية، فسياساتها وممارساتها، داخلياً وخارجياً، تثبت عكس كل ما دعت إليه، يقول مراقبون.

 

استضافةُ السعودية ملتقى "قمة الأديان"، الأربعاء الماضي، تأتي في وقت تُصنف من أكثر الأنظمة سفكاً للدماء وانتهاكاً للحقوق، خصوصاً في الدول العربية، ومنها اليمن التي ترزح تحت وطأة حرب ضروس، عسكرية واقتصادية، تقودها وتمولها السعودية منذ سبعة أعوام، ولا تزال مصرةً على استمرارها، والنزاعات والحروب القائمة في العراق وسوريا وليبيا والأزمات في لبنان وغيرها من الدول، جميعها ذات بصمات سعودية، فأموال المملكة حاضرة بقوة ووضوح لتحقيق مصالحها، وإن لم تكن تلك المصالح سوى تدمير هذا البلد أو ذاك، لمجرد أنها اعتبرته عائقاً أمامها ولا بد من إزاحته.

 

صنعت السعودية التنظيمات الإرهابية المتطرفة، ونشرتها في جميع الأماكن المستهدفة داخل المنطقة العربية وخارجها، وتتولى دعمها وتمويلها، لتحريكها متى ما استدعت ذلك مصالحها، ومنذ عقود ذهب ضحية عملياتها الإجرامية ملايين البشر، غالبيتهم من العرب والمسلمين، الأمر الذي دفع بمراقبين ومحللين سياسيين إلى التساؤل عن الدين الذي يمثله النظام السعودي في فعالية "قمة الأديان"، كون الإسلام الذي تعتبره دينها الرسمي هو من وضع حدود ولوائح ودساتير التقارب والتعايش وصون الحقوق وحقن الدماء للبشرية كافة، وهو ما لم يظهر منه شيء في واقع سياسات وممارسات نظام المملكة، الذي يعتبر الأكثر انتهاكاً وتجاوزاً لتعاليم وتشريعات الدين، حسب ما تظهره البشاعات التي تجلبها حروب المملكة وتدخلاتها في شئون الدول، وأبرز الشواهد في الوقت الحالي ما يحدث في اليمن، وما يحدث أيضاً لأبناء المملكة أنفسهم داخل سجونها المكتظة بمعتقلي الرأي والمعارضين لسياساتها، وهو ما يجعل حديث النظام السعودي عن التقارب بين الأديان أمراً مستفزاً وفاضحاً لأسلوب التضليل الذي وصل حد المزايدة بالدين.

 

وبقدر ما استفز النظام السعودي مشاعر المسلمين الذين انتهك حقوقهم وتسبب في بؤسهم أكثر من غيرهم؛ بقدر ما كانت استضافته "قمة الأديان" مثار تندر وسخرية الكثير من المراقبين والمتابعين، حيث أشاروا إلى أن المملكة قد تفاجئ الجميع بأنها مثَّلت ديناً آخر غير معروف، في القمة التي استضافتها للتقارب بين الأديان، مؤكدين أن عدوانيتها مع جيرانها ومحيطها العربي لا يعطيها أي حق في احتضان ذلك الملتقى وتنصيب نفسها ممثلةً عن الدين الذي نكّلت بأبنائه ودمرت بلدانهم واقتصاداتهم، حيث كان الحريّ بها التقارب أولاً مع مواطنيها الذين يتلقون سوء العذاب في معتقلاتها، وكذلك مع جيرانها اليمنيين الذي تشن عليهم حرباً تسببت بأسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم، حسب تقارير أممية، وكانت أحدث جريمة بحقهم ما ارتكبه حرس الحدود السعودي من اعتقال سبعة يمنيين من أبناء منطقة الرقو الحدودية بمحافظة صعدة، وإرسالهم جثثاً هامدة بعد تعذيبهم بالصعق الكهربائي، وأساليب أخرى أشد بشاعة.

 

العدو الأول للعرب والمسلمين، كان أحد المشاركين في "قمة الأديان" في الرياض، ورغم أن وسائل الإعلام السعودية لم تتطرق إلى مشاركة ممثلين عن الكيان الإسرائيلي المحتل، إلا أن وسائل الإعلام الإسرائيلية احتفت بحضور الحاخام دافيد روزن، ممثلاً عن الكيان، بالإضافة إلى قيادات فكرية تمثله، في إشارة ضمنية إلى دعم المملكة المحتلين الإسرائيليين ضد أبناء فلسطين المحتلة، الذين يجمعهم مع السعودية الدين نفسه الذي ادعت تمثيله في القمة، وهو أمر غير منطقي كما يرى المراقبون، ويأتي الدعم السعودي لإسرائيل رغم أنها لم تعلن رسمياً التطبيع معهم، مثلما فعلت البحرين والإمارات والسودان والمغرب، إلا أن العلاقات قائمة وبوتيرة متزايدة، حيث يشارك سعوديون في ملتقيات يهودية خارجية، وسبق أن استقبلت المملكة رجال دين يهوداً في مناسبات عدة، منها استقبال الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، الحاخام اليهودي روزن، في القصر الملكي بالرياض في شهر فبراير من عام 2020م.

 

حاخام يهودي آخر، ظهر في صور تداولتها مواقع التواصل أثناء مشاركته في رقصة شعبية في السعودية، الأمر الذي أثار موجة سخط كبيرة، وحملة انتقادات واسعة كان أبرز من شارك فيها الشيخة الإماراتية جواهر القاسمي، عقيلة حاكم الشارقة، الشيخ سلطان القاسمي، حيث أوضحت في تغريدة على تويتر أن آخر شيء توقعته هو ظهور حاخام يهودي يرقص العرضة، "شاهراً سيفه، ودماء الشهداء لم تجف على أرض فلسطين"، حسب تعبيرها، في إشارة إلى الصور المتداولة للحاخام يسرائيل هرتسوج، الذي يقدم نفسه دائماً بافتخار على أنه الحاخام الأول في السعودية، وجاءت تغريدة الشيخة جواهر بعد يوم على اغتيال الجنود الإسرائيليين الصحافية الفلسطينية شيرين أو عاقلة.