مع دخولها مرحلة التيه.. كيف سيلتهم الغليان الشعبي فصائل التحالف؟!

YNP _ حلمي الكمالي :

في خضم الإنتفاضة الشعبية العارمة التي تجتاح المحافظات الجنوبية، المطالبة بطرد حكومة معين عبدالملك ومجلسها الرئاسي؛ سخطا وغضبا على تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين؛ فإن رهانات التحالف لم تعد لها أي وجود في ظل استنفاد الأخير جل الخيارات على مدى سبعة أعوام من حربه على اليمن.

وبالرغم من أن الإحتجاجات التي تشهدها مدينة عدن وعموم مناطق سيطرة فصائل التحالف، عقب استمرار إنهيار قيمة العملة المحلية وارتفاع الأسعار وغياب الخدمات الحكومية، وتجاهل "معين" ومن خلفها وكلاء التحالف، لمعاناتهم؛ تكرس حالة السخط الشعبي من التحالف السعودي الإماراتي وفصائله، والذي سبق وأن كتب نهايته خلال السنوات الماضية، إلا أنها على ما يبدو ستكون محطة لصراع الفصائل المتناحرة، والتي تتسابق لإنقاذ وجودها قبيل غرق "سفينة التحالف".

بلا شك أن المجلس الإنتقالي يسعى لإستغلال حالة الغليان الشعبية للإنقلاب على الرئاسي في عدن والمحافظات الجنوبية، في محاولة صريحة للضغط على دول التحالف، وعرقلة مساعي الأخيرة، الرامية لتفكيك قوات المجلس الجنوبي، لصالح فصائل عضو الإمارات في الرئاسي، طارق صالح، وهو ما يلاحظ أيضا في تصاعد المواجهات والتصفيات بين الفصائل الإماراتية في العديد من المحافظات الجنوبية، بينها عدن وشبوة وأبين ولحج وأخيرا الضالع.

هذا الطرح حتى وإن كان يعارض ما بدى عليه رئيس الإنتقالي وعضو المجلس الرئاسي، عيدروس الزبيدي، الذي استقل أول طائرة للعودة إلى مدينة عدن عشية إنفجار الإنتفاضة الشعبية، بدفع سعودي لتهدئة الشارع، لكنه يؤكد الشكوك حول نوايا المجلس الإنتقالي، خصوصا عقب قيام الزبيدي فور وصوله المدينة بعقد سلسلة اجتماعات مع قيادات عسكرية وأمنية في المجلس، ورفض الأخيرة محاولات الزبيدي التماهي مع الرئاسي.

لا يمكن فصل ترتيبات الإنتقالي وتذبذب مواقفه واختلاف توجهاته، عن تصاعد الخلافات بين السعودية والإمارات، في ظل صراعها للسيطرة على المناطق والمواقع الإستراتيجية في المحافظات الجنوبية، حيث تسعى السعودية لتمديد سيطرة فصائلها، بهدف تحقيق مصالح مباشرة بعيدة عن أبو ظبي، التي تستحوذ على معظم المواقع الحيوية.

بالمقابل، هذا ما دفع السعودية لإعادة تصدير الإصلاح في جزيرة سقطرى مجددا، وترتيباتها لإعادة محافظ الجزيرة المقيم في الرياض، رمزي محروس، والمحسوب على الإصلاح، في تهديد صريح للفصائل الإماراتية التي تسيطر على الجزيرة الإستراتيجية، ومحاولة للعب على التناقضات البينية القائمة في صفوف أدواتها للضغط على شريكها الأول في التحالف.

إلا أن تلك التناقضات والترتيبات ليست سوى ارتدادات لفشل مشاريع قوى التحالف، والتي بدأت تتعاظم على ملعبه بشكل كبير خلال الآونة الأخيرة، وهذا يعود للكثير من الأسباب، منها دخول التحالف وفصائله مرحلة التيه، عقب محاولته الفاشلة للإلتفاف على الهدنة الأممية؛ لإعادة ترتيب أوراقه وتثبيت مجلسه الجديد.

على أية حال، فإن الواقع يؤكد أنه من بين جميع فصائل التحالف، ليس هناك من هو قادر على ضمان الشارع، حتى وإن حاول المتاجرة بمعاناة المواطنين وتجيير حالة الغليان الشعبية، خدمةً لمصالح ذاتية، وضرب بعضها البعض بإستخدام ورقة الشارع، فإنها سرعان ما تلبث حتى تلتهم جميع الأدوات، في ظل تصاعد السخط مع انتشار الجوع وفقد السلطة في عدن، أهليتها في الدفاع عن نفسها ونهبها للثروات، ما ينذر بثورة عارمة لن تتوقف قبل أن تعصف بالتحالف وفصائله من كل شبر في البلد.