هل إنتهت الحرب في اليمن ؟

 YNP /  خاص :

رغم ما يشهده الملف اليمني من حراك تفاوضي لوقف الحرب، وإحلال السلام في البلاد التي اصطلت بنيرانها منذ قرابة ثمان سنوات، إلا أن المعطيات الواقعية لا تشير إلى نوايا حقيقية لدى القوى الإقليمية والدولية الضالعة في هذه الحرب لوقفها،ففي حين ترتفع الدعوات من كافة تلك الاطراف إلى ضرورة الوصول إلى حل سياسي ووضع حد للحرب التي طحنت اليمن مخلفة نتائج كارثية على كافة المستويات، تتواصل المشاريع الخارجية الساعية إلى السيطرة على أجزاء واسعة وذات أهمية كبيرة كمنابع الثروة النفطية والغازية والسواحل والموانئ المطلة على خطوط الملاحية الدولية ومضيق باب المندب، الذي يعد ثاني أهم ممر مائي في العالم.

 

ويتواصل مضي كل من السعودية والإمارات في محاولات السيطرة على المحافظات النفطية والساحلية إما بشكل مباشر، أو عبر وكلاء محليين، كما هو حاصل في مناطق يمنية عدة يأتي في مقدمتها محافظتا المهرة وأرخبيل سقطرى، من سيطرة للدولتين على المحافظتين اليمنيتين والتحكم في جميع شؤونهما بعيدا عن أي سلطة للحكومة الموالية للتحالف السعودي الإماراتي، مع تفاوت بسيط في أشكال ودرجة السيطرة غلى كل من المحافظتين، حيث أصبحت سيطرة أبوظبي مطلقة على جزر أرخبيل سقطرى، ومتحكمة في كل شئونها، وفي الوقت ذاته  فيما تميل السعودية إلى استخدام الوكلاء المحليين، والتدخل المباشر حين تقتضيه الحاجة، وهو الاسلوب ذاته الذي تستخدمه في كافة المناطق اليمنية التي وضعتها ضمن أجندتها.

 

وعلى امتداد خارطة المناطق والمحافظات اليمنية الخاضعة لسلطة التحالف والحكومة الموالية له يبدو بشكل جلي تقاسم السيطرة بين السعودية والإمارات عبر الأذرع المحلية الموالية لهما، وإن كان التركيز بصورة أكبر على المحافظات النفطية والمناطق الساحلية، حيث تعمل كل من السعودية والإمارات على تعزيز تواجدهما العسكرى وإنشاء البنى العسكرية في عدد من المناطق على امتداد الساحل اليمني من الحدود اليمنية العمانية في الشرق مرورا بمنطقة باب المندب وجزيرة ميون، وحتى سواحل مديريتي المخا بتعز والخوخة التابعة لمحافظة الحديدة.

 

ولم يعد يقتصر التواجد العسكري الخارجي في المحافظات الجنوبية اليمنية على القوات السعودية واﻹماراتية، بل امتد ليشمل قوات امريكية وبريطانية إلى محافظات المهرة وحضرموت وشبوة، فيما تتحدث الأنباء عن موافقة الحكومة الموالية للتحالف على دخول شركات أمريكية لبناء موانئ في المحافظات الثلاث، وهو يثير الشكوك حول الأهداف الحقيقية من وراء هذه الموافقة، خصوصا وأن سواحل واسعة في المحافظات الثلاث تخضع لسيطرة قوات دول التحالف السعودي الإماراتي منذ سنوات، ويتم التضييق حتى على الصيادين اليمنيين ومنعهم منها.

 

وبالتزامن مع الحديث عن شركة أمريكية ستعمل على إنشاء مواني في المحافظات الثلاث التي تتقاسم أبو ظبي والرياض السيطرة عليها جنوب البلاد، أعلن محافظ تعز، المعين من قبل الحكومة الموالية للتحالف نبيل شمسان، الأربعاء، عن إنجاز مشروع مطار المخا، الذي أنشئ بإشراف إماراتي حسب ما أفادت به تقارير صحافية منذ بدء العمل به في المطار، كمطار عسكري خاضع للإمارات قبل أكثر من عام، فيما نقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر أن المطار أصبح جاهزاً لاستقبال الطائرات عبر مدرج بطول 3 كيلو مترات، وتم تجهيزه خلال عام.

 

وقبل أكثر من عام، أكدت مصادر عسكرية أن طارق صالح الذي يقود القوات المشتركة الموالية للإمارات، شرع في بناء المطار لأغراض عسكرية وليس لاستخدامه كمطار مدني يستفيد منه أبناء تعز.

 

وكان تحقيق لمنصة "إيكاد" للتحقيقات، كشف قبل أشهر عن تمدد عسكري إماراتي في ميناء المخا التابع لمحافظة تعز، مضيفاً أن فريق التحقيق قام بمراقبة ميناء المخا لأشهر طويلة، لاحظ خلالها حدوث متغيرات تمثلت في مبانٍ عديدة شيدت واستعملت كمخازن للذخيرة والسلاح، بالإضافة إلى تطورات عدة طرأت على الميناء آخرها مدرج عسكري طويل.

 

وأوضح التحقيق أن صور الأقمار الاصطناعية تكشف ربط المدرج بطريقين رئيسين يصل أحدهما لمدخل الميناء والآخر يتصل بلسان الميناء البحري.. لافتاً إلى أنه يظهر أيضاً وجود رأسين في أول وآخر المدرج صمم لاستقبال الطائرات المروحية.

 

ورصد التحقيق كثافة في حركة سفن الإنزال والدعم البحري التي تحمل العلم الإماراتي في الميناء، مشيراً إلى أن من بين 7 سفن إماراتية ترددت على الميناء سفينة تدعى "تكريم"، وهذه السفينة شاركت في أعمال إنشاء القاعدة العسكرية الإماراتية في جزيرة عبدالكوري في نوفمبر 2021.

 

وبالنظر إلى ما تؤكده صنعاء بشكل مستمر، حول الاستمرار فيما تسميه "مواجهة الاحتلال الجارجي ﻷجزاء واسعة من اليمن، وتحرير كامل الخارطة اليمنية"، فإن أي حديث عن نهاية قريبة للحرب، يغدو بلا معنى، ما دام التدخل الخارجي عبر أشكال مختلفة، منها السيطرة على مناطق واسعة من البلاد مستمرا.