أهالي عدن .. بين مطالبة " الجلاد " بحماية " الضحية " أو إنتزاع الحقوق

YNP / إبراهيم القانص -
ضبط المتورطين في جرائم القتل والاغتيالات، وناهبي الأراضي ومختطفي النساء ومغتصبي الأطفال، كانت هذه هي مطالب المتظاهرين في مدينة عدن، أمس الأحد، وهي أيضاً مطالب من لم يخرجوا للتظاهر، وحين يكون ذلك هو الوضع الذي يعيشه الأهالي فما الذي تبقى من مظاهر الحياة الطبيعية الكريمة ليعيشوه، والحقيقة التي لم يعد بمقدور الشرعية والتحالف إخفاؤها أو تزييفها من خلال وسائل الإعلام التابعة لهما، تُظهِر أن المشهد العام الذي تعيشه المدينة يتمثل في ما خرج الأهالي للمطالبة به،

فالسائد هو الفوضى الأمنية التي حولت حياتهم إلى كابوس ثقيل وطويل من الخوف والقلق، ولا أحد من أطراف الصراع والمتنازعين على الحكم يضع اعتباراً لما يعيشه الأهالي من العذابات اليومية، وكيف لهم أن يشعروا بأي مسئولية وهم من تسبب في كل ذلك، بما يتوافق مع من يديرهم جميعاً ويمولهم ويغذي الصراع بينهم، فمن مصلحة التحالف أن يظل الوضع منهاراً على المستويات كافة، وأن يظل الإخوة الأشقاء يوجهون سلاحهم إلى صدور بعضهم بعضاً، حتى لا يلتفت أحدهم للعدو الحقيقي الذي أوصل البلاد إلى ما وصلت إليه.

المتظاهرون الذين جابوا شوارع منطقتي التواهي والشيخ عثمان، نددوا بالفوضى الأمنية التي أصبحت مصدر الخوف والقلق للأهالي وأبنائهم في مدينة عدن، عقب جريمة جديدة أودت بحياة فتاة لم تتجاوز 14 عاماً، بعد تعرضها للاختطاف والاغتصاب، والتي أخفاها الجاني في بدروم منزله نهاية الأسبوع الماضي.

الأهالي طالبوا التحالف وفصائل المجلس الانتقالي الجنوبي، بسرعة ضبط المتورطين في إحداث كل مظاهر الفوضى الأمنية سواء مرتكبي جرائم القتل والاغتيالات أو ناهبي الأراضي الخاصة والعامة، أو مختطفي النساء ومغتصبي الأطفال، وتقديمهم للعدالة، ويرى مراقبون أن تلك المطالب حق مشروع ومستحق إذ تشكل الركائز الأساسية للعيش بسلام وكرامة، إلا أن الأهالي ربما لا يزالون يجهلون أن الجهات التي يقدمون إليها مناشداتهم هي نفسها الأدوات الضالعة في كل ما يحدث والمتسببة فيه، كونها تابعة للتحالف الذي خطط لكل هذه الفوضى ويشرف على إدارتها بل ويحرص على استمرارها، وقد لا يكون أمام المواطنين سبيل أو مخرج مما هم فيه من العناء اليومي إلا بثورة تقلب الطاولة على رأس الجميع وتنتصر للشعب الذي فقد كل حقوقه المستحقة.

مقربون من أسرة الطفلة مها مدهش، التي تعرضت للاختطاف والاغتصاب والقتل، في مديرية التواهي بعدن، دعوا سكان المدينة إلى وقفة احتجاجية في مديرية خور مكسر، صباح غد الثلاثاء، للتنديد بالجريمة وكل الجرائم المشابهة والتي تحدث بشكل يومي، ولم تكلف الجهات، التي يفترض أنها معنية بحفظ أمن المواطنين، نفسها بضبط المتورطين رغم علمها ومعرفتها بهم، وبعضهم إن لم يكن غالبيتهم من منتسبيها.

لا تزال عدن على موعد مع موجة جديدة من العنف، ربما تكون أكثر دموية من سابقاتها، حيث نشرت القوات السعودية، اليوم الإثنين، قوة وصفتها مصادر محلية بأنها "ضاربة" في مدينة عدن، بالتزامن مع تصاعد التوتر بين القوات الموالية للسعودية والفصائل التابعة للمجلس الانتقالي الموالي للإمارات، وذكرت المصادر أن مدرعات غريبة وجديدة شوهدت أثناء مرورها باتجاه قصر معاشيق، مقر إقامة حكومة الشرعية، الأمر الذي يعتبره مراقبون مؤشراً على دورة جديدة من الصراع بين الأطراف والفصائل التابعة للتحالف، والتي عادة ما يدفع ثمنها المواطنون.