الاتفاق السعودي الإيراني.. سقوط الذريعة السعودية للحرب في اليمن وانكشاف الأسباب الحقيقية

YNP / خاص  -

تحول كبير في العلاقات السعودية الإيرانية، كشف عنه الاتفاق الذي أعلن التوصل إليه بين الدولتين برعاية صينية، وهو تطور سيكون له تأثير كبير في الأزمة اليمنية، كما أن من شأنه أن يعيد تقييم دوافع وحيثيات الحرب التي طحنت البلاد لمدة ثمان سنوات، والتي لطالما رفعت السعودية شعار حرب إيران ومواجهة المد الفارسي في اليمن.

الاتفاق الذي أعلنت عنه الدول الثلاث في بيان مشترك من العاصمة الصينية بكين، تضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران.

كما تضمن الاتفاق تأكيد البلدين على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، واتفقا أن يعقد وزيرا الخارجية في البلدين اجتماعاً لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما، كما اتفقا على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، التي تعود إلى العام 2001م والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة بينهما في العام 1998م.

وفي ضوء البنود التي تضمنها الاتفاق يتضح مدى التقارب بين السعودية وإيران، وتخلي السعودية عن مزاعم العداء مع إيران التي اتخذتها السعودية ذريعة لخوض الحرب في اليمن، ناهيك عن استخدام هذه الذريعة كعصى غليظة في قمع شريحة واسعة من الشعب السعودي هي الطائفة الشيعية، والطوائف الاخرى القريبة منها.

ومن شأن هذا الاتفاق- بحسب سياسيين- أن يسقط كل الذرائع التي استخدمتها السعودية سواء في حربها باليمن، أو على مستوى الممارسات القمعية ضد المواطنين داخل المملكة، وهو ما يؤكد أن القيادة السعودية كانت لها دوافع عدائية وأطماع ومخططات خفية، هي التي قادتها إلى تشكيل تحالف وخوض الحرب في اليمن.

وظلت السعودية طوال سنوات الحرب في اليمن تكرس الخطاب المتضمن التصدي للتمدد الإيراني في اليمن وبتر ذراع إيران في المنطقة، وهي ذريعة سبق وأن سقطت واتضح مجافاتها للحقيقة منذ أولى جولات المفاوضات السعودية الإيرانية في العام 2019 وما لحقها من جولات بوساطة عراقية ثم عمانية.

وبالنظر إلى النتائج الكارثية التي خلفتها الحرب التي قادتها السعودية في اليمن، وما نتج عنها من قتل ودمار وتشريد وتجويع طال ملايين اليمنيين، وتفتيت البلاد عبر تفريخ الملشيات وتمويلها وتسليحها وتحويل البلاد إلى بؤرة  للصراعات المتعددة الأطراف، فإن أي مبررات تبدو غير منطقية، وهو ما يكشف الأسباب الحقيقية لهذه الحرب، والمتمثلة في سعي السعودية لإحكام سيطرتها على اليمن وإخضاع أبنائه والتحكم بجميع ثرواته ومقدراته، وتغذية الصراعات بين المكونات اليمنية على أسس طائفية ومناطقية وجهوية، بما يؤدي إلى تمزيق النسيج الاجتماعي وتفتيت البلاد إلى كنتونات يغدو من السهل السيطرة عليها.

وعلقت صنعاء من جهتها على عودة العلاقات السعودية الإيرانية والإعلان عن اتفاق عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، موضحة انتفاء أي مبرر لاستمرار الحرب في اليمن بعد هذا الاتفاق

وقال الناطق باسم حركة أنصار الله ورئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبدالسلام، إن "المنطقة بحاجة لعودة العلاقات الطبيعية بين دولها تسترد بها الأمة الإسلامية أمنها المفقود نتيجة التدخلات الأجنبية وعلى رأسها الصهيوأمريكية".

وأضاف عبدالسلام في تصريح نشره عبر حساباته الرسمية بوسائل التواصل الاجتماعي "إن التدخلات الأجنبية في دول المنطقة عملت على الاستثمار في الخلافات الإقليمية، وأنها "اتخذت الفزاعة الإيرانية لإثارة النزاعات والعدوان على اليمن"، في إشارة إلى أن مبرر الحرب السعودية على اليمن قد انتهى وانتفى بإعلان السعودية عودة علاقاتها مع إيران.

ويرى مراقبون أنه في أعقاب هذا الاتفاق، يجب على السعودية أن تعيد تقييم علاقتها باليمن، خاصة بعد الحرب التي قتلت مئات الآلاف من اليمنيين ودمرت مقدرات البلد وجوعت وشردت الملايين، وخلفت أسوأ كارثة إنسانية شهدها العالم بحسب تصنيفات وتقارير الأمم المتحدة، مضيفين أن على الرياض أن تتذكر جيدا انكشاف  الذريعة التي رفعتها منذ إعلانها الحرب في اليمن، وأنه قد اتضح لليمنيين جميعا بمن فيهم الموالين لها، وكذلك للمجتمع الدولي وللرأي العام العالمي، أن دوافع عدائية وأطماع وطموحات نفوذ وسيطرة، هي السبب الحقيقي وراء هذه الحرب وما خلفته من كارثة لن يكون من السهل تجاوزها.