قراءة في المواقف من إعلان الإنتقالي

المواقف من إعلان الانتقالي تكشف أطرافاً تحت الوصاية الأجنبية وأخرى مستقلة

YNP / إبراهيم القانص - 

تتخذ سلطات صنعاء وقياداتها مواقف مبدئية وصارمة وغير قابلة للمساومة، من القضايا المصيرية، سواء خلال التفاوضات مع الأطراف الأخرى أو خارج إطارها، خصوصاً ما يتعلق بالأمور السيادية والثوابت الوطنية، باعتبارها خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها أو القفز عليها، وقد تجلى ذلك في شروطها للتفاوض من أجل تمديد الهدنة، والتي تركزت على إنجاز الملفات الإنسانية وفصلها عن العسكرية والسياسية، كونها تشكل منطلقات أساسية تُبنى عليها أي حوارات أو تفاوضات باتجاه الوصول إلى حل شامل يوقف الحرب بشكل نهائي ويحل بموجبه السلام في اليمن والمنطقة بشكل عام.

وإضافة إلى الملفات الإنسانية التي اشترطت صنعاء إنجازها خلال تفاوضها مع الرياض، لا تزال متمسكة أيضاً بخروج القوات الأجنبية من كل شبر على الأرض اليمنية، وتفاوضها وتحركاتها لا تتم إلا على أساس يمن واحد غير مجزأ تحت أي عنوان، وبعيداً عن كل مشاريع ومؤامرات التقسيم، وفي وقت تتمسك صنعاء بتلك المنظومة من الثوابت تعبث بقية الأطراف بها متجاوزة كل الخطوط الحمراء، تبعاً لمصالح وتوجهات وسياسة الجهة الخارجية التي تتبعها، وحسب مراقبين فإن مجرد التأمل في ممارسات كل طرف على الأرض يكفي لمعرفة تبعيته لجهات خارجية أو استقلاله، وما حدث في عدن خلال الأيام القليلة الماضية من انسلاخ المجلس الانتقالي الجنوبي عن الجمهورية اليمنية الموحدة، يكشف بوضوحٍ المستفيد من تجزئة البلاد وتقسيمها، ويعزز تلك الحقيقة سكوت المجلس الرئاسي- الذي شكلته الرياض ككيان شرعي- عن الإخلال بأهم الثوابت الوطنية واستهداف البلاد بالتقسيم. المجلس الانتقالي أعلن الحكم الذاتي في عدن، رغم أنه محسوب كواحد من مكونات الشرعية، وسكوت الرئاسي وحكومته وهما المكون الأساس للشرعية المزعومة يثبت بدون شك أن الجميع يتبعون جهات خارجية من مصلحتها أن تمضي اليمن إلى هاوية التمزيق، وكل ذلك يتم باسم مصالح اليمنيين، والكل متواطئ في تضليل العامة وتمرير ما يخدم مصالح القوى الخارجية التي تدير الحرب على حساب بلاد بأكملها.

ويؤكد المراقبون أن ثبات صنعاء على مواقفها منذ بداية الحرب حتى هذه اللحظة، يثبت استقلالية قرارها وانتفاء تبعيتها لأي وصاية خارجية، خصوصاً بعد فقدان ذريعة "اليد الإيرانية" مفعولها بعد تطبيع الرياض علاقاتها مع طهران، بينما تظل بقية الأطراف والمكونات اليمنية المحسوبة على الشرعية بيد قوى خارجية تحركها كيفما شاءت مصالحها وأينما هبت رياحها.

تتناقض مواقف الشرعية مما يحدث من قفز على سيادة البلاد وثوابتها، فمكونات الشرعية محكومة بالمضي على خطى القوى الخارجية التي تستخدمها، ولا تجرؤ على الخروج عما يخدم مصالح تلك القوى، فمواقف قيادات حزب الإصلاح- أحد أكبر مكونات الشرعية- تتناقض أمام إجراءات وتصرفات تمس السيادة وتهدد بتقسيم البلاد، كونها مجبرة على قول وفعل ما يرضي القوى الخارجية التي لم يعد الحزب يعرف من منها سيكفله، الأمر الذي جعله في أكثر المواقف حرجاً وتخبطاً، فهناك قيادات ترفض مخرجات اللقاء التشاوري للمجلس الانتقالي، لكن في وقت اعتبرت القيادية الإصلاحية توكل كرمان ما حدث تدخلاً عسكرياً سعودياً يهدف إلى تقسيم البلاد، رحبت قيادات أخرى بإجراء الانتقالي، حيث بارك رئيس حزب الإصلاح في حضرموت، صلاح باتيس، مخرجات اللقاء واعتبره حواراً وطنياً يؤسس لشراكة عادلة، والمستغرب أن القيادي الإصلاحي نفسه دعا في وقت سابق إلى مقاطعة اللقاء، معبراً الاستجابة له استسلاماً لمن يحاول البسط والسيطرة عسكرياً، حسب تعبيره.