لكن المستغرب فعلاً هو صمت اليمنيين وقبولهم بأن تعبث الدولتان بسيادة بلادهم وثرواتها ومواقعها الجغرافية الاستراتيجية، وتتصارعان على النصيب الأكبر من المصالح، وبأيدي أبناء البلاد أنفسهم ممن اختاروا الانضمام والتبعية لكلٍ من الرياض وأبوظبي، رغم أن الجميع أصبح يدرك تماماً أنهم مجرد أدوات وأن ما يوعدون به مجرد سراب وأوهام يكشفه الواقع الذي يدور أمامهم ويزداد كل يوم انكشافاً أكثر من ذي قبل، وحسب مراقبين فإن صنعاء فقط هي التي وقفت في المكان الصحيح، وبنت مواقفها على حقيقة ما يفعله التحالف وما جاء من أجله منذ البداية، لكنه جعلها عدواً افتراضياً من أجل أن يصرف أنظار أتباعه عن حقيقة وجوده، لكن بعد أن عرفوا جميعاً الحقيقة فلا يعد وضعهم صمتاً بل هو تواطؤ وموافقة على التفريط في بلاد بأكملها مقابل ثمن بخس وانحطاط لم يشهد له التاريخ شبيهاً.
وفي إطار الصراع السعودي الإماراتي، تتهم الرياض أبوظبي رسمياً بتمويل وتبني مؤامرة تمزيق اليمن، ولكي تظهر نفسها بريئة من ذلك حمّلت الإمارات مسؤولية ما ستسببه مؤامرتها من إراقة لدماء اليمنيين، جاء ذلك عبر سياسيين مقربين من المخابرات السعودية تمرر المملكة من خلالهم رسائلها، لكن كثيراً من الناشطين والمتابعين اعتبروا ذلك محاولة سعودية لتبرئة نفسها، خوفاً من تهديدات صنعاء التي حذرت الدولتين الخليجيتين من أنها سوف ترد على تحركاتهما التخريبية في اليمن، خصوصاً ما يتعلق منها بالوحدة.
من جانبها اتهمت الإمارات السعودية بالتخطيط لعمليات إرهابية في مدينة عدن، حيث ذكرت وسائل إعلام إماراتية رسمية أن قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتياً، قبضت على خلية تابعة لتنظيم داعش الإرهابي، قوامها 4 سعوديين و3 يمنيين في منطقة لعبوس بمديرية يافع في محافظة لحج، مؤكدةً أن من بين السعوديين الأربعة القيادي في (داعش) أبو شامخ القحطاني، وهو الطيار الحربي السعودي المتخصص في قيادة طائرات إف 15 في القوات الجوية السعودية محمد مسفر مرعي القحطاني الذي سبق وأن بايع زعيم تنظيم داعش عبر تسجيل مرئي.
في السياق، ذكرت مصادر مطلعة أن التحالف يدير أربعة معسكرات تدريبية للعناصر المتطرفة من تنظيمي داعش والقاعدة في إحدى مديريات محافظة لحج، الواقعة تحت سيطرة التحالف والحكومة الموالية له، مؤكدةً أنه جمّع عناصر التنظيمين المتشددين في معسكر بوادي حطيب في مديرية يافع التي تحيطها سلسلة جبال منيعة، مضيفةً أن هناك ثلاثة معسكرات أخرى في مناطق نائية قريبة من مديريتي الزاهر وذي ناعم في محافظة البيضاء، موضحةً أن تلك العناصر كانت متواجدة في البيضاء بعدما تمكنت قوات صنعاء من دحرها في نهاية شهر سبتمبر عام 2021م، وتضم العشرات من الجنسيات الأجنبية، وأنها تتلقى التدريبات في تلك المعسكرات بالتنسيق مع قيادات في قوات الانتقالي الجنوبي، الموالية للإمارات.
خلاصة القول: مخططات تمزيق اليمن قائمة برعاية وإشراف سعودي إماراتي، وتجميع عناصر التنظيمات المتطرفة وتدريبها في معسكرات تابعة للشرعية قائم ومستمر بإشراف ورعاية الدولتين الخليجيتين نفسيهما، وإشعال الصراعات الداخلية وانهيار الأمن والأوضاع الاقتصادية لا يزال مستمراً أمام أعين اليمنيين وسمعهم، فهل سيظل الجميع يتواطأون مع التحالف وتنهار بلادهم أمام أعينهم، وتقف صنعاء وحيدة لتواجه الجميع، أم سيلتف البقية حول بلادهم وينتزعون حقوقها وسيادتها، لا تزال الرؤية قاتمة والمشهد ضبابياً إلا من موقف صنعاء.