على مدى عقدين.. اليمن مقبرة النفايات

YNP /  خاص -

تعود إلى الواجهة مجددا قضية تحويل البيئة اليمنية إلى مكب للنفايات الكيماوية والنووية والنفايات الصناعية الخطرة، التي ترفض دول العالم بل وتحارب محاولة التخلص منها على أراضيها أو في مياهها الإقليمية، في حين لا تزال المعلومات ترد حول سفن أجنبية تجوب المياه الإقليمية اليمنية، ملقية إطان من هذه النفايات السامة وذات الأثر الخطير والطويل الأجل، على البيئة بكل مكوناتها وبجميع الأحياء فيها.

ومع أن قضية النفايات التي تنقلها دول صناعية لتتخلص منها المياه والسواحل اليمنية لسيت جديدة، بل يعود الكشف عن أول عملية من هذا النوع إلى ما قبل العام ٢٠٠٥، إلا أن ما اتهمت به حكومة صنعاء السعودية مؤخرا، حول توقيع اتفاق مع حكومة المجلس الرئاسي الموالي لها، لنقل نفايات نووية والتخلص منها في الأراضي اليمنية، أعاد إلى الأذهان ما سبق أن أثير حول هذا الملف، خلال سنوات طويلة.

واتهمت وزارة الثروة السمكية في حكومة صنعاء، مطلع الأسبوع الجاري، السعودية بالسعي لـ "تحويل اليمن إلى مكب نفايات سامة"، مؤكدة أن نفايات إشعاعية قد تسببت فعلا  بأضرار كبيرة في البيئة البحرية، في المناطق التي تسيطر عليها حكومة اليمنية الموالية للتحالف، كما حذرت، من مساعٍ لإبرام "اتفاق" بين الهيئة السعودية النووية وهذه الحكومة، يسمح بدفن نفايات سامة في الأراضي والمياه اليمنية، مؤكدة أن هناك نفايات "قد تم دفنها" في مناطق صحراوية وبحرية.

وقالت الوزارة إنها رصدت مؤخراً إشعاعات صادرة عن نفايات سامة في البحر الأحمر والبحر العربي، وأن هذه الإشعاعات تسببت في "نفوق آلاف الأطنان من الأسماك وتدمير الشعب المرجانية والبيئة البحرية في سواحل محافظات عدن وأبين والمهرة وحضرموت".

وبالعودة إلى بداية تسرب المعلومات حول دخول سفن أجنبية إلى المياه الإقليمية اليمنية، لإفراغ النفايات فيها، فإن ذلك يعود بنا إلى العام ٢٠٠٥، حيث تحدثت الأخبار عن اختفاء باخرة فرنسية محملة بشحنة نفايات نووية خطرة مخزنة داخل كتل أسمنتية مغلفة بالرصاص في باب المندب، وذلك بعد أيام من حديث صحف محلية عن قيام سفن أجنبية بإفراغ مواد يعتقد أنها مخلفات نووية في ميناء (المخا) على البحر الأحمر.

وفي سنوات لاحقة تحدثت المعلومات عن موافقة الرئيس السابق علي عبدالله صالح على دفن نفايات نووية يعتقد أنها ألمانية، في منطقة ذوباب القريبة من ميناء المخا بمحافظة تعز، في ظل تكتم شديد، كما ذكرت المعلومات تقاضي صالح مبلغ مالي يقدر بـ(40) مليون دولار مقابل موافقته على دفن نفايات نووية وكيماوية تابعة لإحدى الدول الأوروبية، بعد رفض دول أفريقية دفنها على أراضيها مقابل مبالغ مالية كبيرة وتحول الباخرة الألمانية المحملة بتلك النفايات السامة إلى الشواطئ اليمنية بعد موافقة صالح على تفريغها في تلك المنطقة.

وفي سبتمبر ٢٠١٠، أعلنت مصلحة خفر السواحل أن قوات خفر السواحل ضبطت سفينة تحمل العلم المالطي تدعى "سيشم فينول"، وتحفظت عليها في ميناء المخا إثر قيامها بقذف عبوات بلاستيكية سعة ٢٠ لترا، فيها مواد يرجح أنها محظورة في المياه الإقليمية اليمنية، الواقعة ما بين منطقة قعوة الساحلية وخور عميرة في محافظة لحج، والتي تبعد مسافة 30 ميلا بحريا عن ميناء عدن.

ومع الحرب التي اشتعلت في البلاد منذ العام ٢٠١٥، وسيطرة التحالف والفصائل المحلية المزالية له على غالبية السواحل اليمنية، فإن ذلك تسبب في انكشاف للسواحل والمياه الإقليمية للبلاد، ليتاح المجال أمام السفن الأجنبية، سواء تلك التي تعمل بصورة رسمية أو السفن الني تتخفى لتمارس أعمال التخريب والأنشطة الملاحية غير المشروعة، وفي الوقت ذاته تكررت بشكل كبير ظواهر نفوق أسماك وأحياء بحرية مختلفة، تقذف بها الأمواج بشكل متكرر وفي مناطق متفرقة على امتداد السواحل اليمنية.

واتسعت في السنوات الماضية ظاهرة نفوق الأسماك في عدد من السواحل اليمنية بشكل غير مسبوق، فيما تفيد المعلومات التي أدلى بها عدد من الصيادين ومرتادي البحر بإلقاء سفن أجنبية أطناناً من النفايات في المياه الإقليمية اليمنية.

وفي مايو الماضي أكد عدد من الصيادين في محافظة عدن أن سفناً أجنبية رمت كميات هائلة من النفايات غير معروفة النوعية في المياه اليمنية المحاذية لسواحل المحافظة.

وتكررت ظاهرة نفوق الأسماك في سواحل عدن والمخا وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى خلال السنوات الخمس الأخيرة، فيما لا تزال الظاهرة تقابل بتجاهل الجهات المعنية في حكومة المجلس الرئاسي الموالية للتحالف.