توجه وفد رسمي للحج .. انتصار سياسي جديد لصنعاء

YNP / خاص -
مّثل توجه وفد رسمي من حكومة صنعاء يضم قيادات رفيعة في الحكومة لأداء مناسك الحج، حدثا مفاجئا وغير متوقع للكثير من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، الأمر الذي أثار جدلا واسعا حول الهدف من هذه الخطوة، والدلالات التي تحملها، سيما وأن المعلومات التي ظلت تتناقلها وسائل إعلام دولية، خلال الفترة الماضية، تفيد بأن المفاوضات بين صنعاء والرياض وصلت إلى طريق مسدود، ما يجعل من توجه الوفد الرسمي جوا من مطار صنعاء الذي أغلقته السعودية منذ بدء الحرب التي قادتها في اليمن في مارس من العام ٢٠١٥، مبعثا للتساؤل حول عمق الدلالات التي يحملها.

وكان وفد من وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة في حكومة صنعاء، قد غادر مطار صنعاء الدولي، (الاثنين الماضي) "متوجها إلى المشاعر المقدسة لأداء مناسك الحج والعمرة"، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية سبأ، التي قالت أن الوفد يضم "نائب وزير الإرشاد وشؤون الحج والعمرة فؤاد ناجي، ووكيل قطاع الحج والعمرة بوزارة الإرشاد عبد الرحمن النعمي"، وكذا اللواء الركن يحيى عبد الله الرزامي رئيس اللجنة العسكرية في الوفد المشارك بالمفاوضات ومدير عام الحج والعمرة بوزارة الإرشاد علي علي جعيل، وعددا من العلماء والشخصيات الاجتماعية والقبلية".

وسافر الوفد من صنعاء ضمن المجموعة الثانية من الحجاج اليمنيين الذين يتوجهون من مطار صنعاء إلى مدينة جدة السعودية، والتي بلغ عدد أفرادها 180 شخصاً، فيما كان عدد الحجاج في الرحلة الأولى التي انطلقت من مطار صنعاء يوم السبت الماضي، 273 شخصا بموجب موافقة من السلطات السعودية على هذه الرحلات المباشرة، المخصصة لنقل الحجاج اليمنيين لأداء فريضة الحج، وذلك للمرة الأولى منذ نحو ثماني سنوات

ويعد هذا الوفد أول وفد رسمي يصل السعودية، بعد ٨ سنوات من الحرب، وهو أيضا أول وفد ينطلق من مطار صنعاء، نحو السعودية، بعد أن أغلقت الأخيرة المطار منذ بداية الحرب، قبل أن تسمح في أعقاب الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة في أبريل ٢٠٢٢، بعدد محدد من الرحلات التجارية وإلى وجهات محددة، اقتصرت على الأردن، قبل أن يسمح التحالف مؤخرا على إضافة وجهتين هما الهند ومصر.

وبقدر ما يمكن قراءة توجه الوفد الرسمي من صنعاء إلى الأراضي السعودية للحج، على أنه مؤشر على تقارب بين الرياض وصنعاء، فإنه يكشف بالقدر نفسه عن انتصار سياسي جديد لصنعاء، حيث يعتبر السماح بسفر الوفد عبر مطار صنعاء، وبجوازات صنعاء التي رفضتها السعودية وسعت من أجل رفضها في مطارات العالم، بمثابة اعتراف بشرعية هذه الحكومة التي حاربتها السعودية على رأس تحالف شكلته وتولت قيادته، تحت عنوان إنهاء الانقلاب وإعادة الشرعية.

وبالنظر إلى الحفاوة في الاستقبال التي لقيها وفد صنعاء من قبل الجانب السعودي، والتي حظيت بتغطية إعلامية واسعة حتى من قبل وسائل الإعلام السعودية الرسمية، فإن ذلك يشير- بحسب محللين- إلى عدة اعتبارات تتعلق بنوع من التقدير تحظى به قيادات صنعاء من قبل السعودية، بعد أن تمكنت من فرض هذا التقدير نظير مواقفها سواء في الحرب أو خلال فترة الهدنة وأثناء مبحثات السلام، وهو انعكاس لاحترام سلطات صنعاء لنفسها، وامتلاك قرارها، وعدم المساومة في كرامتها، وذلك على النقيض تماما من قيادة الشرعية التي يرى المحللون أنها سلمت زمامها للسعودية، وظلت تنتظر العطايا والهبات التي تجود بها عليها القيادة السعودية، وبالتالي باتت لا تلاقي أدنى احترام.

وفي مقابل التحليلات التي تستنتج الكثير من الدلالات من توجه وفد صنعاء الرسمي للحج، جوا عبر مطار صنعاء، فإن وجهة نظر صنعاء تتلخص في أن الحج باعتباره فريضة وشعيرة دينية، يجب أن لا يدخل في أي حسابات سياسية، ولا يعد بالضرورة معيارا في العلاقة بين اليمن والسعودية، وأن الحالة الطبيعية والتي كان يجب أن تظل سائدة حتى خلال سنوات الحرب، هي أن يبقى الحج مفتوحا ومتاحا لليمنيين، بما في ذلك القيادات، كون الحج شعيرة إسلامية لا تعطي الحرب أي طرف إسقاطها أو منعها.