صراع السيطرة السعودي الإماراتي في المحافظات الجنوبية يدخل مرحلة حاسمة عنوانها مزيد من التناحر والمعاناة

YNP /  خاص -

تصاعد خلال السنوات الأخيرة صراع السيطرة بين السعودية والإمارات في المحافظات اليمنية الجنوبية، والصراع الذي لا يزال أبناء هذه المحافظات يدفعون ثمنه ويكتوون بنيرانه، على المستوى الاقتصادي والأمني والخدمي، فيما لا نهاية واضحة لهذا الوضع، سيما وأن كلا الدولتين عملت خلال سنوات الحرب التي شهدتها البلاد منذ العام ٢٠١٥، 

على تفريخ فصائل مسلحة وكيانات محلية تابعة لها في كل محافظة من المحافظات جنوب وشرق البلاد، وكان آخر هذه الكيانات هو مجلس حضرموت الوطني، الذي أعلن إشهاره في ٢١ يونيو الماضي بدعم من السعودية، كمكون تابع لها في محافظة حضرموت التي كان المجلس الانتقالي الموالي للإمارات يحشد ويبذل تحركات عديدة لإحكام السيطرة عليها.

 ومن قبل الصراع الحالي الدائر في محافظة حضرموت شرق البلاد اتجهت السعودية منذ مطلع العام الجاري لتعزيز نفوذها في عدن والمحافظات المحاورة لها، بهدف تقويض نفوذ القوات الموالية للإمارات، وذلك بعد فشل استراتيجية السعودية السابقة لتحجيم نفوذ هذه القوات التي تمثل ذراع الإمارات للسيطرة داخل اليمن، عبر دمجها بالقوات الحكومية، وفقا لما نص عليه اتفاق الرياض، الذي هندسته المملكة بناء على هذا الهدف.

وبعد فشل استراتيجيتها السابقة، لجأت السعودية إلى استراتيجية جديدة، تتمثل في إنشاء تشكيلات عسكرية ومكونات اجتماعيةجديدة موالية لها، وقد بدأ ذلك بتشكيل قوات عسكرية جديدة، أطلق عليها قوات "درع الوطن" والتي تتكون في قوامها من منتسبي التيار السلفي المتشدد، وأوعزت السعودية إلى رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي بإضفاء الطابع الرسمي عليها، وذلك عبر إصدار قرار رئاسي أواخر يناير الماضي، باعتماده كقوة احتياط تابعة له بشكل مباشر.

وجاءت هذه الاستراتيجية بعد ان فشلت الضغوط السعودية في دمج قوات الانتقالي المسيطرة على عدن والمناطق المجاورة لها ضمن القوات العسكرية التابعة للحكومة الموالية للتحالف، وفقا لمقررات اتفاق الرياض، بحيث تكون جميع هذه القوات تحت الإشراف المباشر للسعودية، وبذلك تضمن الرياض نفوذها في هذه المنطقة الاستراتيجية القريبة من جنوب البحر الأحمر والمطلة على مضيق باب المندب وخليج عدن، وهي المنطقة التي حرصت الإمارات على تعزيز نفوذها عليها، واستمرت في محاولة الانفراد بها، والتصرف بها عبر أجندة خاصة، تخالف الأجندة السعودية.

وتضمنت تقارير إعلامية دولية معلومات تشير إلى أن الفترة القادمة ستشهد تصاعد الصراع السعودي الإماراتي لفرض السيطرة على المحافظات الجنوبية من البلاد، وأبرز هذه المعلومات ما كشفت عنه هيئة الإذاعة الألمانية دوتش فيللة في تقرير لها جاء تحت عنوان "صراع سعودي إماراتي على النفوذ.. عدن في عين العاصفة من جديد؟"، حيث أكدت أن  السعودية تسعى إلى زيادة نفوذها في مدينة عدن الساحلية التي تسيطر عليها قوات تدعمها أبوظبي، وهو الأمر الذي يمكن أن يقود إلى تصاعد الصراع بشكل كبير.

وتوقعت الإذاعة الألمانية، "أن يتفاقم التناحر الداخلي والتدخلات الإقليمية في اليمن ويزداد المشهد السياسي تعقيداً خلال الفترة المقبلة" وخاصة بعد أن أُعلن في الرياض الشهر المنصرم عن تشكيل مجلس حضرموت الوطني، الذي يعد أول مجلس إداري تدعمه السعودية في المحافظة اليمنية، موضحة أنه "من المقرر تشكيل ثاني مجلس من نوعه في وقت لاحق من الشهر الجاري في مدينة عدن الساحلية التي تسيطر عليها قوات الانتقالي المدعومة من الإمارات.

وقالت "دويتشه فيله" إن السعودية تسعى- من خلال هذه الكيانات التي تنشئها- ل "ضمان موطئ قدم في جنوب البلاد رغم أنه كان من الممكن أن تقوم بذلك منذ سنوات"، معتبرة أن هذه الخطوة "يمكن أن تكون مؤشراً على قبول السعودية بفكرة تقسيم اليمن".