بقوات إضافية ومناورات عسكرية.. أي انعاكسات للتصعيد الأمريكي في اليمن؟

YNP _  حلمي الكمالي :

تواصل الولايات المتحدة، تصعيدها على كافة الأصعدة في اليمن، ضمن تحركات واسعة وواضحة لتقويض جهود السلام، والدفع نحو استمرار الحرب والحصار على الشعب اليمني، بغيةً في تحقيق الغايات والأطماع وتمرير المزيد من الأجندات، بالتالي الإستمرار في استثمار الدم اليمني في المحافل الدولية بصفقات أسلحة ومشبوهة كما جرت العادة في السياسة الأمريكية لاشعال الحروب ومن ثم استغلال الشعوب، والمتاجرة بمعاناتها.

التصعيد الأمريكي الجديد في اليمن، والذي دشنته واشنطن بإرسال قوات أمريكية مؤخراً، بمعية السفير الأمريكي لدى المجلس الرئاسي، ستيفن فاجن، والذي وصل إلى قصر معاشيق بمدينة عدن، في زيارة سرية خارج البروتوكولات الرسمية، حيث لا يتواجد أي من قيادات الرئاسي أو حكومة معين، والتي تخيم في العاصمة السعودية الرياض؛ بالتأكيد له دوافع خاصة، وربما سيكون له تداعيات خاصة على المشهد السياسي والعسكري في اليمن.

القوات الأمريكية التي وصلت إلى مدينة عدن، عبر مروحية عسكرية قادمة من بارجة حربية أمريكية في خليج عدن، كانت تضم قيادات استخباراتية وأمنية، وباشرت على الفور بنصب محطة تجسس في قصر معاشيق، بحسب التسريبات، ما يعني أن الزيارة تتعلق بتصعيد عسكري أمني تستعد له الولايات المتحدة في السواحل الغربية الجنوبية، واختيار عدن كغرفة عمليات لإدارة تطورات التصعيد، وهو ما يفسر لقاء الوفود الأمريكية بمدير أمن عدن، ومن ثم إجراء القوات البحرية الأمريكية مناورات عسكرية مشتركة في خليج عدن.

لا شك أن التحركات العسكرية الأمريكية في المنطقة الإستراتيجية، ليست وليدة اللحظة، حيث دفعت الولايات المتحدة تحت غطاء التحالف السعودي الإماراتي، لعسكرة معظم المناطق الحيوية في السواحل والجزر اليمنية طوال سنوات الحرب؛ لكن الأمريكي يدفع اليوم لمزيد من التصعيد لعرقلة المفاوضات القائمة بين صنعاء والرياض، والذهاب نحو خطوة استباقية لأي اتفاق قد ينتج عن هذه المفاوضات، في محاولة لفرض واقع ميداني مغاير، لضمان استمرار التواجد العسكري الأمريكي في البلد.

وانطلاقاً من هذا السياق، يمكن قراءة التحركات الأمريكية الجديدة في اليمن، كمحاولة لتدارك واقع التحالف الهش، في ظل الصراع الفتاك بين السعودية والإمارات الذي يضرب مواقع سيطرتها على الساحة الجنوبية، وهو الصراع الذي بات يقلق إدارة البيت الأبيض، مع بدء خروجه عن سيطرتها، حيث تخشى من انعكاس تداعيات الصراع على المصالح والأطماع الأمريكية في اليمن، وفي عموم ملعب وكلائها الإقليميين في المنطقة.

أيضاً، لا يمكن فصل التصعيد الأمريكي، عن تصاعد حالة الغليان الشعبية المتواقدة ضد قوى التحالف والحكومة الموالية له في المحافظات الجنوبية اليمنية، خصوصاً مع بدء موجة الاحتجاجات الغاضبة رفضاً لانهيار الوضع المعيشي واستمرار حكومة معين ومجلسها الرئاسي في تصدير الوهم للمواطنين، الأمر الذي ينذر بانفجار انتفاضة شاملة، يرى الأمريكي أنها ستطاله في المقام الأول بإعتباره الراعي الأول والرئيسي للتحالف السعودي الإماراتي وفصائله.

الأهم من ذلك، فإن التصعيد الأمريكي يعكس مخاوف عميقة تعيشها الإمبراطورية العجوز من تنامي وتعاظم القدرات العسكرية والحربية لقوات صنعاء، والإحساس الأمريكي بالعجز عن مواجهة صنعاء، في حال آلت الأمور إلى استئناف الحرب، حيث يرجح أن تكون المعركة بحرية، بإعتبار التحشيدات العسكرية الأمريكية الغربية المستمرة في مياه البحرين العربي والأحمر، وتأكيد صنعاء على حقها المشروع في طرد القوات الأجنبية من سواحلها الإستراتيجية.

هذا الخوف الأمريكي من مجابهة قوات صنعاء، لا تعسكه غرفة العمليات الأمريكية الجديدة في مدينة عدن، والتحشيد العسكري في تخوم السواحل الجنوبية اليمنية، بل حجم التعزيزات الأمريكية الكبيرة إلى المنطقة، حيث أعلنت واشنطن إرسال سفينتين حربيتين والآف المشاة البحرية إلى الشرق الأوسط، جميعها ستتمركز في المنطقة الإستراتيجية الممتدة من قناة السويس إلى مضيق باب المندب، مروراً بالبحر العربي والمحيط الهندي، وصولاً إلى جزيرة سقطرى.

على كلاً، فإن التصعيد الأمريكي المستمر في اليمن، سيكون له تداعيات كبيرة على مستقبل الحرب وبالتأكيد على مستقبل قوى التحالف السعودي الإماراتي وفصائلها، حيث يؤكد مراقبين أن التصعيد سيؤدي في نهاية المطاف إلى استئناف الحرب، خصوصاً مع إستمرار قائدة التحالف، التنصل من تنفيذ إلتزاماتها في الملف الإنساني، وهي الحرب التي تؤكد مجمل المؤشرات، أن نتائجها ستكون لصالح صنعاء، إذا ما أدركنا مختلف التطورات والمعطيات والحقائق على الواقع.