هل ستكسب صنعاء معركة التغيير الجذري كما كسبتها عسكرياً وسياسياً ؟

YNP / إبراهيم القانص -
على مدى أكثر من عام لم تخلُ خطابات قائد أنصار الله، السيد عبدالملك الحوثي، من الحديث عن عمليات فساد وفاسدين في الأجهزة الحكومية، موجهاً النصائح ومشدداً على ضرورة محاربة الفساد، ومذكِّراً المسئولين الذين يوجّه إليهم الخطاب بما تمر به البلاد من ظروف صعبة نتيجة الحرب والحصار، وما يضربه الشعب من مثال على الصبر والتحمل،

ومن خلال إشادته الدائمة بما حققته قوات صنعاء من تقدمات ميدانية على قوات التحالف ومستويات عالية من التصنيع العسكري وفي ظروف بالغة الصعوبة؛ كان يتضح من تلك الإشارات أنه يعني أن الحرب على الفساد ربما تكون أشد صعوبةً من الحرب العسكرية التي حققت فيها انتصاراً مذهلاً وفي مقام الإعجاز قياساً بالإمكانات الضئيلة مقابل ما يمتلكه التحالف.

تكثيف الحديث عن الفساد والفاسدين في خطابات قائد أنصار الله طيلة الفترة الماضية، كان يؤشر على أن الفساد يتغلغل فعلياً في مؤسسات الدولة، الأمر الذي كان يشكل تهديداً وإضعافاً للسلطات التي كانت تخوض معركة شرسة على المستويات كافة، وكان ما يشاع ويتسرب عن فساد المسئولين يشكل ضغطاً كبيراً- خصوصاً مع حملات التشويه التي تشنها ماكنات الإعلام التابعة للطرف الآخر- على المعنيين الذين يثق فيهم المواطنون ويتوقعون أن يضعوا له حداً، حتى لا تتبدد أحلامهم في انفراجة تُنهي معاناتهم المعيشية التي فرضتها الحرب والحصار، يتوَّج بها ذلك الصبر، يقول مراقبون.

وأكد المراقبون أن الفترة التي كان يكثف فيها قائد أنصار الله حديثة عن ضرورة وقف الفساد كانت أشبه بمنح الفاسدين فرصاً لتعديل سلوكهم وفرصة كذلك للجهات الرقابية لتفعيل صلاحياتها وأداء واجباتها في تصحيح الأوضاع التي تسير باتجاه الاعوجاج، حسب المراقبين.

وخلال الفترة الأخيرة، وتحديداً قبل الاحتفائية الكبرى بذكرى المولد النبوي الشريف، كشف قائد أنصار عن مرحلة جديدة على مسار تصحيح الأوضاع ومعالجة الاختلالات أسماها التغيير الجذري في أجهزة ومؤسسات الدولة، وفي خطابه المتلفز أمام الحشود التي اكتضت بها الساحات العامة الأربعاء الماضي بمناسبة المولد النبوي، أعلن السيد عبدالملك الحوثي المرحلة الأولى من التغيير الجذري متمثلة في إقالة حكومة الإنقاذ وتشكيل حكومة كفاءات يتم ترشيح أعضائها بعناية فائقة مبنية على معايير النزاهة والكفاءة والإخلاص، وكذلك تصحيح أوضاع جهاز القضاء بإزالة المشتبه في نزاهتهم وعدالتهم، واستبدالهم بعناصر مؤهلة نزيهة ذات كفاءة عالية، وتخليص ذلك القطاع المهم من الروتين الذي يتسبب في تطويل أمد إجراءات التقاضي، بحيث تُنجز القضايا ويًبت فيها بأسرع وقت ممكن، نظراً لأن القضاء من أهم الأجهزة التي يكون نجاحها سبباً رئيساً في النهوض بأي بلد.

وتعهد قائد أنصار الله بمتابعة إجراءات المرحلة الأولى من التغيير الجذري بشكل شخصي ومستمر، الأمر الذي اعتبره المراقبون إصراراً على إنجاز ما كان يتطلع إليه اليمنيون منذ عقود، وهو ما ظهر في ردة فعل الجماهير المحتشدة في الساحات، حيث علت هتافاتها المؤيدة وارتفع منسوب الأمل في إنجاز الوعد المنتظر، بهتافات التفويض التي ملأت الأرجاء، وهي في المحصلة ثقة مطلقة وضعها أبناء الشعب في القيادة التي ستكون في مواجهة معركة أكثر صعوبة مما سواها، لكن القيادة في المقابل بدت أكثر عزماً على خوض هذه المعركة، خصوصاً أن الحوثي ركز في حديثه عن التغيير الجذري على المسألة الاقتصادية، وعلى وجه التعيين "تحويل البلد من مستهلك إلى منتج"، الأمر الذي يعني تنقية المؤسسات الرسمية من الفساد وتنظيفها من الفاسدين، وهي أهم خطوة استراتيجية لتنهض تلك المؤسسات ويتحول البلد إلى منتج ويكتفي ذاتياً من كل احتياجاته.